قال إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب السابق في الميزانية، إن الأسابيع الأخيرة شهدت نقاشا حادا حول الأموال العمومية الضخمة التي خصصتها الحكومة لدعم استيراد الأبقار والأغنام واللحوم منذ أكتوبر 2022، والتي ما زالت مستمرة إلى اليوم، مشيرًا إلى أن هذا الدعم لم ينعكس بأي فائدة ملموسة على أسعار اللحوم والأضاحي.
وأوضح الأزمي في مقال له توصلت الأيام24″ بنسخة منه، أنه قبل التطرق إلى تفاصيل هذا الموضوع، من المهم التذكير بأن الفضل في فتح النقاش حول مبلغ 13 مليار درهم الذي استفاد منه مجموعة من المستوردين يعود بالأساس إلى أحزاب المعارضة في مجلس النواب، مضيفا أن هذه الأحزاب هي التي قدمت المعلومة الرسمية حول هذا الدعم منذ أكتوبر 2024 من خلال وثيقة رسمية في إطار مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025 داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب.
وأشار القيادي في حزب العدالة والتنمية أيضا إلى أن مبلغ 13 مليار درهم ظهر إلى العلن خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة يوم 2 نونبر 2024، حول موضوع "محورية قطاع التجارة الخارجية في تطور الاقتصاد الوطني".
وأوضح أن النائبة البرلمانية سلوى البردعي كشفت خلال هذه الجلسة عن الدعم الحكومي المخصص لاستيراد الأبقار والأغنام، ووجهت انتقادات لسياسة الحكومة التي تشجع الاستيراد على حساب المنتوج الوطني، مضيفا أن هذا الموضوع تم تناوله أيضًا خلال ندوة صحفية نظمها حزب العدالة والتنمية حول مستجدات مشروع قانون المالية لسنة 2025.
وأكد الأزمي أن مبلغ 13 مليار درهم أصبح حديث الساعة وموضوع انتقاد واسع في ظل استمرار ارتفاع أسعار اللحوم، والتراجع الكبير في القطيع الوطني من الماشية، وعدم تنفيذ شعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة، مشيرا إلى أن الحكومة وأحزاب الأغلبية لم تجد مناصًا من محاولة التخفيف من آثار فشل سياستها.
وأضاف الأزمي أن أحد الوزراء في الحكومة أقر، خلال مشاركته في برنامج "نقطة إلى السطر" على القناة الأولى يوم 19 مارس، بضياع مبلغ 13 مليار درهم واستحواذ 18 مستوردا على جزء كبير منها دون أثر يذكر، في حين حاول حزب الأغلبية التخفيف من حدة الانتقادات من خلال بلاغ رسمي طالب بإلغاء الإعفاءات الجمركية والضريبية التي تم اتخاذها لتخفيض أسعار اللحوم، إلا أن هذه الإجراءات لم تحقق النتائج المرجوة في خفض الأسعار. كما نفى رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، في ندوة صحفية يوم 28 مارس، حصول مستوردي الأبقار والأغنام على 13 مليار درهم، مؤكدًا أن المبلغ الحقيقي لا يتجاوز 300 مليون درهم.
وشدد الأزمي على أن "الحقيقة هي أن رقم 13 مليار درهم هو رقم رسمي قدمته الحكومة نفسها في وثيقة رسمية بتاريخ أكتوبر 2024، حيث تم تخصيص 8 مليارات درهم بين أكتوبر 2022 وأكتوبر 2024 لاستيراد الأبقار، و5 مليارات درهم لاستيراد الأغنام، من خلال نقص موارد رسم الاستيراد وتحمل ميزانية الدولة للضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد. وبذلك، فالأرقام التي كشف عنها رئيس مجلس النواب تجاهلت دعم الاستيراد المباشر المخصص للأغنام".
وأضاف أن "رغم أن المستوردين استفادوا من 13 مليار درهم بين أكتوبر 2022 وأكتوبر 2024، إلا أن المبلغ أصبح اليوم أكبر بكثير. الحكومة صادقت على ثلاثة مراسيم جديدة لرفع حصص الاستيراد في 2024، وهو ما يرفع إجمالي الدعم إلى أرقام تفوق 20 مليار درهم. وسيستمر الدعم حتى نهاية 2025، مما يجعل المبلغ المخصص للإعفاءات الجمركية والضريبية أكبر من الذي تم الإعلان عنه سابقا".
وخلص الأزمي إلى أن "حزب العدالة والتنمية حذر منذ البداية من أن هذه السياسة فاشلة وخطيرة، مؤكدا أن الدعم الموجه للمستوردين لن يؤثر على الأسعار، وأنه كان الأجدر بالحكومة تخصيص هذه الأموال لدعم الفلاحين الصغار والمتوسطين للحفاظ على القطيع الوطني. اليوم، للأسف، تبين أن هذه التوقعات كانت صحيحة، وتتحمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن هذا الفشل".
وشدد على أنه "عوضا عن محاولة التهرب من المسؤولية عبر إلقاء اللوم على القرارات التي اتخذت، يجب على المسؤولين الحكوميين أن يتحملوا قراراتهم ويدافعوا عنها، أو أن يقدموا قانون مالية تعديليًا يلغي هذه الإعفاءات ويخصص الأموال لدعم الفلاحين المغاربة والمنتوج الوطني".