كشف بنعلي المنصوري، الوزير الذي شغل عدة مناصب وزارية في السبعينات قبل أن يصبح واحدا من أعضاء الديوان الملكي في أكتوبر 1985، حكاية كلمات النشيد الوطني، قائلا: "كلنا نعلم أننا كنا نستمع إلى النشيد الوطني، في صيغته الموسيقية، دون أن يكون مرفقا بكلمات. وستتاح لي فرصة، جعلتني أنتبه إلى هذا الأمر، وأتساءل: لماذا تغيب الكلمات عن نشيدنا الوطني؟". جاء ذلك، في سيرته الذاتية المعنونة ب"خطواتي على درب الزمن" المرتقب صدورها بالمكتبات قريبا بعد الانتهاء من طباعتها، والتي نشرتها "الأيام" بشكل حصري.
وأوضح المنصوري، أنه "ذات مرة، كلفني الملك الحسن الثاني بمهمة لدى ملك إسبانيا خوان كارلوس. كنت مقيما في أحد فنادق العاصمة الإسبانية، وفي الليل فتحت القناة الإسبانية الأولى لمتابعة برامجها، وشاء الحظ أن أسهر تلك الليلة، إلى أن انتهت برامج تلك القناة، والتي ختمت بالنشيد الوطني الإسباني، ولفت انتباهي أن ذلك النشيد كان مصحوبا بالكلمات، مما جعلني أتساءل: لم لا يكون نشيدنا الوطني كذلك، توضع له كلمات، تعمق رمزية نشيد وطني، وتزيده تلك الكلمات حماسة وتساعد المتلقي على تشرب القيم والمعاني والدلالات التي يمثلها ذلك النشيد؟".
وتابع: "قررت في أعماق نفسي أن أفاتح جلالة الملك في هذا الموضوع، بمجرد إكمال مهمتي، وعودتي إلى أرض الوطن"، مبينا أنه بعد عودته إلى المغرب، كان عليه أن يخبر الملك بما أنجزه عن المهمة التي كلفه بها.
وأوضح أنه التقى الملك في ملعب الكولف بالصخيرات، حيث أبلغه بكل ما يتعلق بتلك المهمة، ثم انعطف إلى الحديث عما شاهده في القناة الإسبانية وعما ساوره من شعور، وما دار في خلده عن نشيدنا الوطني وضرورة وضع كلمات لهذا النشيد.
وأردف أنه "رامت على جلالة الملك لحظة من التأمل، وكأنه ينتبه إلى هذا الأمر لأول مرة! حمد جلالته هذه الفكرة، والتفت إلى إدريس البصري – وهو يومئذ وزير للداخلية والإعلام – وكان يسير خلف جلالة الملك، ليخبره بما نقلته إلى جلالته، وكلفه بالعمل على إخراج هذه الفكرة إلى أرض الواقع، وبأسرع ما يمكن".
وذكر المنصوري، أن إدريس البصري، سيتحرك بصفته وزيرا للإعلام، سعيا إلى تشكيل لجنة لهذه الغاية، حيث تشكلت اللجنة، وترشح عدد من الشعراء، وقدموا نصوصهم التي يقترحونها كلمات للنشيد الوطني، ليفوز الشاعر علي الصقلي من بين أولئك المرشحين، ويحظى قصيده منبت الأحرار بالقبول من طرف اللجنة التي ستعرض هذا المقترح على الملك الحسن الثاني، وينال رضاه، ليصبح هذا النص الشعري يصدح في مختلف المحافل والمناسبات الوطنية والدولية.