هاجمت المعارضة بمجلس النواب وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، بسبب التأخر في الإعداد لانتخاب المجلس الوطني للصحافة، معربة عن تخوفها من أن يتحول هذا الوضع المؤقت إلى وضع دائم، وتساءلت عن الأفق الزمني لإعادة الأمور لنصابها عبر انتخاب مجلس وطني للصحافة والنشر. رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، حمّل مسؤولية التحول من التمديد إلى المؤقت لوزير الشباب والثقافة والتواصل، مبينا أن "هذه اللجنة المؤقتة خلقت مشاكل داخل المهنة والمثال هو مع النقابة الوطنية للصحافة".
وقال حموني، في كلمته خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب حول موضوع "التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة"، عشية اليوم الإثنين، إنه "إذا كان الزمن التشريعي غير كاف من أجل صياغة قانون جديد، فينبغي أن تتوقف هذه اللجنة المؤقتة، ويمكن للقوانين أن تأتي من بعد"، مستدركا: "لكن لا ينبغي أن يتم السماح باستمرار هذا العبث".
من جهتها، أكدت نعيمة الفتحاوي عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن اعتماد اللجنة المؤقتة فيه خردق كبير للفصل 28 من الدستور الذي يمنع تدخل السلطة التنفيذية في تدبير شؤون الصحافة.
وأضافت الفتحاوي، أن "اللجنة المؤقتة منذ أن تم الإعلان عنها وُوجهت بالرفض واعتُبرت نكوصا ديمقراطيا وانقلابا تشريعيا"، قائلة: "كفى من التحكم والتغول والتصريحات المستفزة، وماذا تُعدون ومع من تتشاورون في إعداد هذا القانون".
وتابعت: "كفى من محاكمة الصحافيين بالقانون الجنائي ومعاقبتهم بغرامات مالية ضخمة"، متسائلة: "ما هي هذه المهزلة التي نعيشها، ومن يعطي البطائق المهنية ومن يسحبها".
واعتبرت البرلمانية، أن "الدعم العمومي فاحت رائحته حيث يتجه لمؤسسات معروفة ويتم إقصاء مقاولات صغيرة والمتوسطة والجهوية في ضرب صارخ للعدالة المجالية".
وختمت الفتحاوي، مداخلتها بالتساؤل عن "منجزات هذه اللجنة المؤقتة وعن الإعداد الجيد للانتخابات وعن المشاورات الجيدة وعن كيفية إعادة بناء للمجلس الوطني للصحافة".
بدورها، أكدت لبنى الصغيري عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن "صحافتنا تعيش محنة حقيقة في عهد هذه الحكومة، تأهيلا، تخليقا وتشتيتا للجسم المهني، مع إقصاء المنظمات المهنية والاستفراد بالقرار".
وخاطبت الصغيري، الوزير بنسعيد، قائلة: "سبق أن قلنا لكم إن إقبار المجلس الوطني للصحافة وتعويضه بلجنة مؤقتة ومعينة هو نكسة كارثية وتدخل سافر من الحكومة في تدبير هيئة مهنية مستقلة، حيث أدخلتم التنظيم الذاتي للمهنة في نفق مسدود وأحللتم أسلوب التعيين عوض الانتخاب ومنطق التبعية عوض منطق الاستقلالية".
وتابعت أن "أجل المهلة المحددة للجنة يكاد ينتهي لكن دون أن يبدو أي انفراج في الأفق فلا تقييم جماعي ولا تصور تشاركي للقطاع قد أُنجز، ولا معالم انتخابات تُحضر ولا أواصر الجسم الصحافي تُوطد"، معربة عن تخوفها من أن "يصبح الاستثناء قاعدة والمؤقت هو الدائم".
من جانبه، أعلن وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، عن إعداد نص قانوني جديد للمجلس الوطني للصحافة، ناقشته الحكومة من حيث الشكل، على أن يكون المضمون موضوع مناقشة مع المهنيين في إطار التنظيم الذاتي للمهنة.
وأوضح الوزير، في معرض جوابه عن أسئلة شفوية في إطار وحدة الموضوع حول "التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة"، أن خلاصات تجربة التنظيم الذاتي شكّلت مصدر إعداد هذا النص القانوني، مبرزا أن هناك "اشتغالا يوميا لإخراج نص قانوني يضمن ممارسة التنظيم الذاتي وتخليق مهنة الصحافة".
وتوقف الوزير عند تجربة التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة من خلال المسار الذي انتهى بإرساء المجلس الوطني للصحافة، مسجلا أن هذا المسار "لم يكن مجرد إجراء إداري، بل يعكس فهما عميقا بأن حرية الصحافة المنصوص عليها دستوريا لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال آليات التنظيم الذاتي".
وبعدما أبرز بنسعيد أن التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة يهدف إلى تعزيز حريتها وتكريس الحق الدستوري في ممارستها، أشار إلى الفصل 28 من الدستور الذي نص على أن تنظيم مهنة الصحافة يكون وفق أسس ديموقراطية، مسجلا أن "النص الدستوري اعتبر الحكومة آلية قانونية لضمان استقلالية الصحافة وإرساء تنظيمها الذاتي".
وأضاف الوزير أن التنظيم الذاتي يسعى إلى حماية المهنة من الممارسات غير الأخلاقية أو غير المهنية التي قد تضر بسمعتها، مثل نشر الأخبار الكاذبة، والتضليل وغيرها من الممارسات السلبية، منوها إلى أن "التنظيم الذاتي لا يهم الصحافيين فقط، وإنما المجتمع ككل لأن الصحافة تظل في خدمة المجتمع".