يذهب التوتر والتصعيد بعلاقات الجزائر والمغرب بعيدا مكسرا جدار الجوار الصعب إلى موجهة عسكرية مفتوحة على أسوأ السيناريوهات، وفق مايراه محللون روس، معتبرين المؤشرات العسكرية وسياسية وتطورات اقليمية تنذر بمخاطر الحرب الشاملة باعتبارها "سيناريو لا مفر منه".
انغلاق المجال الدبلوماسي بين الجانبين يذكي بحسبهم منسوب القلق والوضع الذي يزيد تعقيدا بالنظر إلى التحولات العميقة في المشهد الجيو سياسي في المنطقة، حيث تضعف امال جبهة البوليساريو في "الاستقلال" الذي راهنت عليه الجزائر، وهو ما نجحت الرباط في إفشاله عبر دعم دولي كبير لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، ما يعني أن الجزائر لم تعد لديها ورقة ضغط في المنطقة.
وفق تحليل خبراء روسيين فإن النظام الجزائري لا يسعى إلى تجنب الحرب الشاملة بل تؤخر اندلاعها بشكل استراتيجي ومخطط له، معتبرين أن الهدف من هذا التأجيل هو استكمال عملية إعادة تسليح الجيش الجزائري بأحدث المعدات التكنولوجية والعسكرية، إلى جانب تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحسين الاستعداد الوطني لأي مواجهة محتملة.
التحليل الروسي لم يغفل نقطة مهمة تتعلق بدور الناتو المحتمل في دعم المغرب، وهو ما يزيد من تعقيد الموقف الإقليمي، ويجعل من أي صدام مستقبلي ذا أبعاد دولية قد تتجاوز حدود شمال إفريقيا. وفي هذا السياق، تبدو الجزائر عازمة على بناء قوة ردع متكاملة تحمي مصالحها الاستراتيجية.
ما ذهب إليه محللون روس سبق أن انتهى إليه خبراء عن مؤسسة "أوكسفورد أناليتيكا" التي نشرت تحليلا بعنوان "الآفاق القاتمة لتحسن العلاقات بين المغرب والجزائر"، مؤكدة من خلاله أن "أي حرب بين المغرب والجزائر ستؤدي إلى موجات جديدة من الهجرة نحو أوروبا وتعطيل التجارة في البحر الأبيض المتوسط".
وذكر التقرير ذاته أن "التوتر بين البلدين قائم دون بوادر تهدئة، رغم أن كليهما يسعى إلى تجنب الحرب؛ فالمغرب يبدي حذره تجاه القدرات العسكرية الجزائرية، بينما تنظر الجزائر بعين الريبة إلى علاقات المغرب مع فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل. وفي وقت يسعى فيه كلا الطرفين إلى تعزيز نفوذهما في دول الساحل وأوروبا عبر تقديم استثمارات وشراكات أمنية وروابط دبلوماسية أوثق".
وترى أن"المغرب والجزائر قد يقتربان من تصعيد غير مقصود في الصحراء، بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في نونبر من العام 2020′′، مبرزة في الوقت ذاته أن "الهدوء بين البلدين يعتمد بشكل كبير على ضبط النفس من قبل قيادتيهما؛ وهو أمر نابع في الغالب من مخاوف مجهولة العواقب، إذ لا يضمن أي طرف تحقيق نصر في حرب قد تدمر شرعيتهما الوطنية وتؤجج عدم الاستقرار الداخلي".
وعلى مستوى الحسابات العسكرية، أشار التقرير إلى ارتفاع في الموازنة الدفاعية للجزائر بالمقارنة مع المغرب؛ غير أنه أكد أن "لدى الرباط ميزتين مهمتين تتمثلان في شراء الأسلحة والمعدات الأمريكية بانتظام، وفي التعاون مع إسرائيل، وهذا يشير إلى أن المغرب يُحدث جيشه بسرعة أكبر من الجزائر، بما في ذلك في مجال الحرب الإلكترونية والطائرات بدون طيار، وكذلك في الدفاعات الجوية".
وفي نهاية العام الماضي صدر في فرنسا كتاب بعنوان "السيناريوهات السوداء للجيش الفرنسي، لفهم الأخطار التي تحدق بنا" للباحثة ألكسندرا سافيانا، ويقدم دراسة وتأويلا للتحديات التي سيواجهها الأمن القومي لهذا البلد الأوروبي، في عالم متغير بسرعة كبيرة. ومن ضمن الطروحات الواردة فيه فرضية اندلاع حرب بين المغرب والجزائر خلال غشت 2025 التي ستضع باريس في وضع لا تحسد عليه.
وخلال نونبر الماضي ، كشف وزير الخارجية ناصر بوريطة في البرلمان بنهج الجزائر خطوات تصعيدية من أجل الحرب ضد المغرب.