تواصل غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء جلسات الاستماع إلى المتهمين في ملف "إسكوبار الصحراء"، القضية التي تتابع فيها شخصيات بارزة، من بينها عبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، وسعيد الناصيري، البرلماني السابق عن حزب الأصالة والمعاصرة، على خلفية اتهامات ثقيلة تتعلق بتزوير وثائق رسمية، تهريب شاحنات، وتسهيل عمليات ذات صلة بشبكات مخدرات دولية. وخلال الجلسة، ركزت هيئة المحكمة، برئاسة القاضي علي الطرشي، على خلفيات وثيقة زواج بين بعيوي وسيدة تدعى سامية، تم إبرامها في مدينة برشيد رغم أن الطرفين يقطنان بمدينة الدارالبيضاء، متسائلا عن دواعي إبرام العقد خارج محل السكنى، مشيرًا إلى أن وثائق الزواج قد تكون مزورة، خاصة شهادة العزوبة التي صدرت رغم أن بعيوي كان متزوجًا. وبهذا الخصوص أوضح البعيوي أن سامية كانت حاملًا في شهرها السادس، وأن زوجته هي من تولت تدبير الملف بشكل مستعجل، بينما أكد أن الخادمة والشاهدة زينب فاخر أدلتا بتصريحات تدعم هذه الرواية أمام الفرقة الوطنية. وقاطعه القاضي-، مواجها إياه بمحضر لتحريات الشركة القضائية كشف تناقضات صارخة، منها أن الخاتم الدائري المذيل على الوثيقة غير معتمد، وأن عون السلطة الموقع لم يسبق له العمل بمقاطعة الفداء، مما يعزز فرضية تزوير الوثائق. وفي محور آخر، واجه القاضي بعيوي بتصريحات مثيرة أدلى بها "توفيق ز"، الذي كشف أن الحاج بنبراهيم، المعروف بلقب "إسكوبار الصحراء"، استورد عبر شركته 60 سيارة من الصين، بينها 11 شاحنة أُرسلت إلى بعيوي، غير أن هذا لأخير أنكر أي علاقة لهذه الشحنات، بالمخدرات. وأضاف بعيوي أن تصريحات "توفيق ز" متضاربة، إذ سبق له أن صرح سنة 2019 بأن لا علاقة له بالشاحنات، بل فقط بالسيارات، مشددا على أن الشاحنات دخلت البلاد بطرق قانونية، وأنه يتوفر على صور وشهادات تثبت أن المستودع الذي يُزعم أنه استقبل فيه الشاحنات يبعد 11 كيلومترًا عن مدينة وجدة. وعرضت المحكمة محاضر تؤكد أن خمس شاحنات تابعة لشركة بعيوي كانت تعمل في وضعية غير قانونية، دون لوحات ترقيم، وأن مسؤولة عن مصلحة المعدات تلقت اتصالًا من كاتبة شقيق البعيوي لتعطيل نظام التتبع GPS، في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى إخفاء تحركات تلك الشاحنات. كما عرضت المحكمة إفادات تقنيين وعمال سابقين في شركة بعيوي، بينهم "عبد الرحمن د"، رئيس ورشة صيانة، والذين أكدوا عمليات تذويب أرقام هياكل الشاحنات باستخدام أدوات لحام متطورة، لتحويلها إلى شاحنات مجهولة الهوية، وهي تقنية معروفة في عالم تهريب المخدرات. وفي المقابل، نفى بعيوي علمه بأي عملية تزوير، مبرزًا أن الشاحنات المعنية لا تزال تحمل علامة "W"، وأنه عمل بحسن نية خصوصا وان هذه الشاحنات تعمل في ظروف تقنية غير قانونية، لكنها لم تُحول إلى خردة، كما أوضح أنه لم يزر الشركة منذ أكثر من عشر سنوات، وأن شقيقه هو من يديرها فعليًا. وواجه القاضي المتهم بتصريحات شقيقه الذي أكد تلقيه أوامر مباشرة من بعيوي بشأن طمس هوية الشاحنات، حيث عرضت هيئة المحكمة صورًا تؤكد أن الأرقام التسلسلية الخاصة بالشاحنات الخمسة خضعت للتزوير، من خلال إضافة طبقات معدنية بتقنية اللحام وإعادة نقش الرموز التسلسلية بآلات حادة. وحاول البعيوي في معرض جوابه التنصل من المسؤولية، مرجعًا الوضع إلى سوء تدبير داخلي، نافياً أن يكون قد أصدر أوامر مباشرة لتقطيع الشاحنات واتلاف معالمها، مؤكدًا أن سوء التنسيق وغموض الوضع القانوني للشاحنات هو ما جعل الشركة تعمل بطريقة غير نظامية في بعض المراحل.