مثل محمد مبديع، الوزير السابق ورئيس جماعة الفقيه بن صالح، اليوم الجمعة أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، لعرض موقفه من الاتهامات الثقيلة المتعلقة بسوء تدبير الصفقات العمومية وشبهة تبديد المال العام. وخلال هذه الجلسة التي تندرج ضمن أطوار محاكمته وهو في حالة اعتقال احتياطي منذ أشهر، شدّد مبديع على أنه لم يسبق أن وُجّهت إليه أي ملاحظات أو شكايات طيلة سنوات توليه رئاسة الجماعة بشأن كيفية منح الصفقات أو تدبيرها، مؤكداً أن جميع الإجراءات كانت تتم وفق المساطر القانونية المعمول بها، وتحت مراقبة المصالح التقنية ومكاتب الدراسات المتخصصة. وتوقف مبديع عند إحدى النقاط المثارة في تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية، والمتعلقة بالصفقة رقم 5/2006 الخاصة بالدراسات التقنية وتتبع الأشغال، قاىلا: إن الجماعة كانت قد راسلت السلطات من أجل فسخ الصفقة، غير أن وزارة الداخلية عبر ولاية الجهة رفضت ذلك. ووفق روايته، أمام المحكمة فقد طلب الوالي منه إيجاد صيغة عملية لتجاوز التعثرات التي كانت تواجه مشاريع الطرق، وهو ما ترتب عنه إعداد ملحق للصفقة تمت المصادقة عليه بشكل قانوني. وأضاف مبديع أن تقرير المفتشية تجاهل هذا الملحق المصادق عليه رسمياً، واعتمد على ذلك لاستخلاص أن الجماعة أبرمت صفقات بلا سند قانوني، وهو ما اعتبره "استنتاجاً غير صحيح". وأوضح المتهم أنه لم يكن يشرف شخصياً على الجوانب التقنية للمشاريع، مؤكداً أن هذه المهمة من اختصاص المصالح التقنية والمختبرات ومكاتب الدراسات، وبالتالي فإن محاولة تحميله مسؤولية تقنية "لا تدخل في صلاحياته" تبقى، وفق تعبيره، غير منصفة، مشيرا إلى أنه خلال ثلاثة عقود من تدبيره للجماعة لم يشهد أي اعتراض أو شكاية من مقاولين أو سلطات بخصوص خروقات في الصفقات أو تتبع الأشغال، معتبراً ذلك دليلاً على احترام القوانين. وفي ما يتعلق بمهرجان "ألف فرس وفرس"، أوضح مبديع أن المبلغ الذي حصل عليه لم يكن سوى سلفة شخصية منحها للجمعية المنظمة لضمان استمرار التحضيرات، قبل أن تسترجعه الجمعية فور توصلها بالدعم العمومي ومن الجهات الشريكة. وزاد المتهم قائلا: إن دورة 2015 بلغت ميزانيتها حوالي 190 مليون سنتيم، وإن تأخر تحويل مساهمات وزارة الداخلية والمكتب الشريف للفوسفاط والقطاع الخاص أجبراه على التدخل من ماله الخاص لتفادي تعطيل التظاهرة، مشددا على أن جميع التحويلات موثقة في حسابات الجمعية وفي كشوفاته البنكية، نافياً أي نية ربحية أو مخالفة قانونية. أما بخصوص اتهامات الاغتناء غير المشروع، فقد نفى مبديع بشكل قاطع أن يكون قد حقق ثروة بطرق غير قانونية أو على حساب المال العام مبرزا بالقول: "أنا ابن فلاح، واشتغلت في مؤسسات كبيرة تحتضن المال العام. لو كنت أسعى للغنى غير المشروع لفعلت ذلك في مواقع أكبر من رئاسة الجماعة". وأوضح الوزير السابق أن ثروته الحالية ناتجة عن أنشطة فلاحية وتجارية مشروعة، معتبراً أن تقديرات الفرقة الوطنية التي حددتها في حوالي 3.5 مليارات سنتيم "غير دقيقة" لأنها تحتسب مجموع التحركات البنكية وليس الأرصدة الفعلية. ومن جانب آخر، كشف دفاعه أن الخبرة الحسابية التي كلف بها الدفاع توشك على الانتهاء، وأن تقريراً مفصلاً سيُعرض على المحكمة قريباً لتقديم توضيحات شاملة حول مصادر مداخيل مبديع وكيفية تدبير حساباته، في محاولة لدحض شبهات الإثراء غير المشروع.