على خلفية الانقلابات التي اجتاحت عددا من الدول الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، كانت آخرها هذا الأسبوع في غينيا بيساو، اعتبر الرئيس الرواندي بول كاغامي، أن الانقلابات ليست كلها سيئة بالضرورة، بل قد تكون في بعض الحالات انعكاسا لفشل الحكم ومحاولة لتصحيح المسار.
ويضع هذا التصريح كاغامي في موقع مختلف عن الخطاب التقليدي الذي يرفض الانقلابات بشكل قاطع، إذ يفتح الباب أمام قراءة أعمق لأسبابها ودوافعها.
وأوضح كاغامي، خلال مؤتمر صحفي في مقر الرئاسة، أن الانقلابات العسكرية يمكن أن تنقسم إلى نوعين، الأول هو الانقلابات السيئة التي تنبع من طموحات شخصية للسلطة وتزيد الأوضاع سوءا، والثاني هو الانقلابات الجيدة التي تحدث عندما تكون هناك أزمة عميقة لم تُعالج، فيجد الجيش نفسه أمام خيار التدخل لتصحيح إخفاقات الحكم.
وأكد أن "90% من الانقلابات تعني أن هناك مشكلة قائمة لم تتم معالجتها"، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة ليست مجرد خروج على الدستور، بل تعبير عن أزمة سياسية واجتماعية متجذرة.
كما شدد الرئيس الرواندي على أن الانقلابات ليست الحل الأمثل، لكنها تكشف عن فشل القيادات في بناء مؤسسات قوية تستجيب لتطلعات المواطنين.
وأوضح أن المسؤولية تقع على عاتق القادة الأفارقة الذين يتجاهلون الأزمات حتى تنفجر، داعيا إلى إصلاحات جذرية تعيد الثقة بين الشعوب والأنظمة.
ويرى كاغامي أن الانقلابات ليست سوى عرض لأزمة أعمق في الحكم، وليست مشكلة في الجيوش نفسها.
وشهدت القارة منذ عام 2020، سلسلة من الانقلابات في ماليوغينيا وبوركينا فاسو والنيجر، مما أثار مخاوف من عودة أفريقيا إلى حقبة عدم الاستقرار التي ميزت العقود الأولى بعد الاستقلال.
تصريحات كاغامي جاءت لتسلط الضوء على أن المشكلة ليست في الانقلابات ذاتها، بل في البيئة السياسية التي تسمح بحدوثها، حيث تتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دون حلول جذرية.
وتحمل رسالة كاغامي قدرا من الجرأة عندما وصف أن الانقلابات ليست كلها شرا مطلقا، بل قد تكون أحيانا نتيجة طبيعية لفشل الحكم.
لكنه في الوقت نفسه قال إن الحل لا يكمن في الانقلابات، بل في إصلاح أنظمة الحكم وبناء مؤسسات قادرة على حماية الاستقرار والديمقراطية في أفريقيا.