في خضم الحركية الدبلوماسية التي ترافق الأزمة السياسية المستمرة بين الجزائر والمغرب، يعود اسم قطر إلى الواجهة داخل بعض الدوائر السياسية والإعلامية، لا بوصفها طرفًا مباشرًا في النزاع، بل كوسيط هادئ سبق أن تدخّل في لحظة دقيقة من هذا الملف، بعيدًا عن الأضواء، خلال أحد أكثر فصوله حساسية وتعقيدًا.
ونقلت صحيفة "أتاليار الإسبانية" أن تداول اسم قط كوسيط في الازمة الجزائرية المغربية يأتي في سياق دولي مختلف جذريًا عن سياق مطلع القرن، يتقاطع مع اهتمام أمريكي متزايد بالدفع نحو تسوية سريعة للنزاع، في إطار مقاربة براغماتية تهدف إلى تقليص بؤر التوتر في شمال إفريقيا، غير أنها تفتقر حتى الآن إلى خارطة طريق واضحة أو توافق فعلي بين أطراف النزاع.
وتابعت الصحيفة في مقال لها أن الدوحة تحافظ على مسافة محسوبة من هذا الملف، انسجامًا مع عقيدتها الدبلوماسية التي تشترط وجود طلب صريح من جميع الأطراف المعنية قبل الاضطلاع بأي دور وساطي. وهو موقف أكدته تصريحات رسمية شددت على أن متانة العلاقات مع كل من الرباطوالجزائر لا تعني تلقائيًا الانخراط في وساطة مباشرة.
وأضافت أن الطرف الأمريكي يعتمد على نجاح الدوحة في تسهيل اتفاقات سلام في مناطق بعيدة عن محيطها الجغرافي، من إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، وهي تجارب عززت صورتها كوسيط موثوق لدى القوى الدولية الكبرى، وإن كان إسقاط هذه التجارب على ملف الصحراء يظل رهينًا بعوامل محلية وإقليمية أكثر تعقيدًا.
واكدت الصحيفة الاسبانية أن بروز اسم قطر في هذا النقاش لا يعكس بالضرورة تحولًا عمليًا في مسار النزاع، بقدر ما يعبر عن حالة سيولة دبلوماسية تتقاطع فيها الذاكرة مع الراهن، حيث تُستدعى تجارب الماضي لاختبار تحديات الحاضر، في انتظار ما ستفرزه موازين القوى والإرادات السياسية في المرحلة المقبلة.
في المقابل، تضيف الصحيفة أن الموقف المغربي يظل ثابتًا بشأن المرجعية السياسية للنزاع، مجددًا التأكيد على أن مبادرة الحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 تشكل الإطار الوحيد الواقعي والعملي لتسويته، وهي المقاربة التي وصفها مجلس الأمن في أكثر من مناسبة بأنها الأكثر جدية ومصداقية.