ما إن أعلنت حركة "تقرير مصير القبائل" استقلال منطقة القبائل في الجزائر، حتى انبرت بعض الأوساط المغربية للاحتفاء بالخطوة، متجاهلة تداعياتها الخطيرة على الأمن الإقليمي واستقرار الجوار. فالخطوة الرمزية التي أعلنتها الحركة في باريس يوم الإثنين الماضي، أثارت ردود فعل دولية ومحلية، لكنها في الوقت نفسه تحمل مخاطر جسيمة على الأمن والاستقرار. إن مجرد الاحتفاء بهذه المبادرة داخل المغرب، ولو بشكل رمزي، يشكل إشارة خطيرة، فالأزمات الداخلية لجيراننا، بما في ذلك الخلافات السياسية مع النظام الجزائري، لا تمنح أي جهة الحق في تشجيع النزعات الانفصالية أو التفرقة داخل الدول المجاورة.
ودعم مثل هذه التحركات يعد لعبا بالنار، ليس فقط على مستوى العلاقات الثنائية، بل على مستوى استقرار المنطقة بأسرها، إذ يمكن أن تتحول خطوات انفصالية محدودة إلى صراعات ممتدة تحمل تبعات أمنية خطيرة على حدود المغرب، خصوصا في ظل هشاشة بعض المناطق الحدودية.
يجب أن يكون واضحا أن أي دعوات للانفصال أو دعم رمزي لها لن تؤدي سوى إلى تأجيج النزاعات وخلق حالة من عدم الاستقرار. التاريخ الحديث للمنطقة يعلمنا أن الانقسامات الإثنية والمناطقية غالبا ما تمتد إلى دول الجوار، وهو ما يضع الأمن المغربي على المحك، خصوصا إذا بدأت مجموعات مماثلة بالمطالبة بالاستقلال أو الانفصال في مناطق حساسة.
الخلافات السياسية مع النظام الجزائري لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تبرر دعم الانفصال أو الاحتفاء به. والعلاقات بين الدول تعتمد على الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، وأي تدخل رمزي أو عملي في الشؤون الداخلية للآخرين يمثل خطرا على مصالح المغرب العليا.
في النهاية، على كل من يعتقد أن الاحتفاء بانفصال القبائل مجرد موقف سياسي أو ثقافي أن يدرك أن العواقب المحتملة تتعدى حدود الضجيج الإعلامي. المنطقة بأسرها، بما فيها المغرب، معرضة لتداعيات هذا النوع من الدعم، ومن يلعب بهذه النار قد يجد نفسه في مواجهة أزمات لا يمكن التحكم فيها لاحقا.
الخلاف مع الجزائر لا يبرر دعم أي نزعات انفصالية عند الجيران، وأي خطوة في هذا الاتجاه ليست مجرد مخاطرة دبلوماسية، بل تهديد مباشر للأمن والاستقرار الإقليمي وقصور في فهم أبعاد خطورة ما يحاك لنا جميعا.