شهد الاجتماع العام الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، المنعقد بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لاعتماد إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة، عودة منسقة لطرح نزاع الصحراء داخل أشغال المنتدى الأممي، في تحرك قادته دول محدودة من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، استهدفت التشكيك في الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
وقادت جنوب إفريقيا هذا المسعى، مدعومة بعدد من الدول التي تتقاطع مواقفها تقليدياً مع الطرح الجنوب إفريقي بشأن ملف الصحراء المغربية، من بينها ناميبيا وموزمبيق، إلى جانب دول من أمريكا اللاتينية معروفة بمواقفها المناوئة للمغرب، مثل كوباونيكاراغوا، فضلاً عن تيمور الشرقية في جنوب شرق آسيا.
وخلال الجلسات العامة، عبّر ممثلو هذه الدول عن مواقف هجومية تجاه السيادة المغربية على الصحراء، حيث أعلن مندوب نيكاراغوا تضامن بلاده مع ما وصفه ب"الشعب الصحراوي"، فيما دعت كوبا إلى ما سمّته "حلاً سياسياً عادلاً ودائماً" قائمًا على تقرير المصير، منتقدة خيار الحكم الذاتي، ومعتبرة إياه "حلاً أحادياً" لا ينسجم، بحسب تعبيرها، مع القانون الدولي وقرارات الجمعية العامة.
من جهتها، جدّدت جنوب إفريقيا موقفها الداعم لأطروحة الانفصال، داعية إلى ما أسمته "حواراً سياسياً مباشراً" بين المغرب وجبهة البوليساريو، دون شروط مسبقة، في خطاب يعكس استمرار تبني بريتوريا مقاربة تصادمية مع الطرح المغربي، رغم التحولات المتسارعة التي يعرفها الموقف الدولي من هذا النزاع.
وسارت ناميبيا على النهج ذاته، معتبرة أن قضية الصحراء ما تزال "بقايا حكم استعماري" في إفريقيا، ومشددة على دعمها لبعثة "المينورسو" والدعوة إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير، في موقف ينسجم مع اصطفافها السياسي التقليدي داخل بعض التكتلات الإفريقية.
بدورها، أعربت موزمبيق عن "قلقها العميق" إزاء استمرار إدراج عدد من الأقاليم ضمن لائحة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، واضعة الصحراء المغربية إلى جانب القضية الفلسطينية، فيما اعتبرت تيمور الشرقية أن حق تقرير المصير في بعض الأقاليم، وعلى رأسها الصحراء، لا يزال "مؤجلاً أو مُفرغاً من مضمونه".
ويرى مراقبون أن هذا التحرك، رغم ضجيجه الخطابي، يظل محدود الأثر داخل المنتظم الدولي، لكونه يصدر عن دائرة ضيقة من الدول ذات المواقف الثابتة، في مقابل اتساع رقعة الدعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي باتت تُقدَّم من طرف عدد متزايد من الشركاء الدوليين باعتبارها الإطار الواقعي والعملي لتسوية النزاع.