في أجواء تتسم بالتفاؤل والطموح الإقليمي، انطلقت بمدينة مراكش، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أشغال منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورو-متوسطية والخليج، بحضور شخصيات برلمانية واقتصادية رفيعة المستوى، يمثلون دول المنطقة. وفي كلمة افتتاحية للمناسبة، رحب السيد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين المغربي، بالمشاركين، مؤكداً أن احتضان مراكش لهذا الحدث الدولي الهام يعكس إرادة جماعية في بناء فضاء برلماني مشترك يعزز الحوار والتعاون الاقتصادي، ويدعم اندماجاً إقليمياً فاعلاً يرتكز على تنمية شاملة ومستدامة. وأشار ولد الرشيد إلى التحديات الكبرى التي تشهدها المنطقة والعالم، من اضطرابات جيوسياسية وتغيرات اقتصادية عالمية، إلى جانب تحولات في سلاسل الإمداد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مبرزاً أن هذه التحديات يمكن أن تشكل أيضاً فرصة تاريخية لصياغة نظام اقتصادي جديد أكثر عدلاً وإنصافاً. وأضاف رئيس مجلس المستشارين أن المنتدى يشكل منصة لصياغة حلول مبتكرة ومقترحات عملية من شأنها المساهمة في تعزيز الدينامية التنموية بين دول الخليج والضفة الجنوبية للمتوسط، مؤكداً على أهمية المتوسط كمجال للتعاون الاستراتيجي الشامل وليس فقط كفضاء جغرافي. كما سلط ولد الرشيد الضوء على مبادرات المملكة المغربية في هذا السياق، وعلى رأسها المبادرة الملكية الأطلسية التي تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، عبر تطوير بنية تحتية متقدمة تربط هذه الدول بالفضاء التجاري الدولي، وخاصة من خلال ميناء الداخلة الأطلسي. كما أشار إلى مشروع أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، الذي تنفذه المملكة بشراكة مع نيجيريا، كرافعة استراتيجية لتحقيق السيادة الطاقية على المستوى الإقليمي وتعزيز مكانة القارة الإفريقية كمزود رئيسي للطاقة عالمياً. وشدد رئيس مجلس المستشارين على ضرورة بناء مسارات إنتاج مشتركة لتعزيز السيادة الصناعية في مجالات استراتيجية كالصناعات الرقمية والطاقة الجديدة، داعياً إلى تقوية الاستثمار في الرأسمال البشري وتنسيق آليات التمويل وإنشاء بنوك وصناديق استثمار إقليمية. ولم يغفل ولد الرشيد التحديات المتزايدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى الحاجة الملحة لاعتماد حكامة جماعية تضمن الاستخدام المسؤول لهذه التكنولوجيا، مؤكداً على أهمية وضع تشريعات وأطر أخلاقية تنظم هذا المجال الحيوي بما يخدم التنمية المستدامة ويصون كرامة الإنسان. وفي ختام كلمته، أكد ولد الرشيد أن التنمية ليست فقط أداة للنمو، بل هي حجر الزاوية في بناء السلم والاستقرار الإقليمي، داعياً إلى تحويل نقاشات المنتدى إلى أرضية صلبة لتعاون أرحب ونموذج تنموي مشترك يرتكز على القيم الإنسانية والتاريخ المشترك لشعوب المنطقتين.