لم تصمد كثيرا كل محاولات العصابة الجاثمة على الجزائر في تزوير الموقف الأمريكي الواضح والثابت والحاسم في الاعتراف بمغربية الصحراء، بل والمضي قدما في تكريسه دوليا، أمام الحقائق المتسارعة لإجبار العصابة على الانخراط في المسار الدولي والأممي الصحيح لإنهاء النزاع المفتعل على أساس سمو المقترح الوحيد والأوحد والموصوف بالعادل والشامل والدائم والواقعي وذي المصداقية كإطار للحل تحت السيادة المغربية القائمة منذ قرون، والمعترف بها في المعاهدات الدولية القديمة والمتجددة، كما بين المغرب وكل من المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة، والتي بدأت تخرج وثائقها إلى العلن، كل من الدولتين العظميين اللتين شاركتا المغرب في العديد من المسارات التاريخية العريقة والممتدة مبادلات تجارية ومفاوضات سياسية وعلاقات واسعة ومتشابكة. إرهاصات الاستسلام السريع، والسقوط الأخلاقي في اختبار التزوير والتدليس والكذب، بدأت أول أمس في دولة العصابة، وبشكل غير مسبوق، عندما تجرعت العصابة كأس السم الذي أعدته، وابتلعت لسانها، وطوت كل تشويشاتها الخبيثة على التصريحات والمواقف الأمريكية المسؤولة، وأعطت الضوء الأخضر، أو الأمر الذي لا راد لقدره، لصحيفة مقربة إليها لتُكَذِّب على لسان مسعد بولص المستشار رفيع المستوى للرئيس الأمريكي ترامب، ما تداولته العصابة في تصريحات أزلامها، وبثته في كل قنواتها الإعلامية طوال سنوات إلى غاية أول أمس، من أن اعتراف ترامب بمغربية الصحراء، تارة هو مجرد تغريدة عابرة، وتارة أخرى على أنه موقف معزول لرئيس مغادر، غير ملزم لخليفته، وتارة أخرى على أنه وإن كان صادرا عن رئيس دولة، فهو قابل للتغيير والتراجع، والدليل بولتون ومسعد بولص وفلان وفلان من الذين صرحوا بغير الاعتراف، أو بالاستعداد لسحبه، أو بأطروحة أخرى لتقرير المصير والعودة إلى الاستفتاء المقبور، وحتى الذين صمتوا بعد الاعتراف، نسبت العصابة إليهم في صمتهم، تجاهلهم لهذا المعطى أو انزعاجهم منه وعدم إيلائه أهمية تذكر، والدليل هي المحاولة الأخيرة الخبيثة التي أعادها محللو العصابة مع مسعد بولص، في زيارته للجزائر، حيث خلصوا إلى أن الرجل لم يحمل معه إلى الجزائر أي موقف اعترافي بمغربية الصحراء، ولم يتناول لا مع تبون ولا مع غيره في لقاءاتهم العلنية أو الانفرادية، أي حديث عن حكم ذاتي، أو عن قرار أمريكي في الموضوع يمكن أن يستفز الجزائر ويغضبها أو يفرض عليها أمرا واقعا. وها هو هذا المستشار الأمريكي المبعوث إلى الجزائر، يكشف ومن الجزائر وعلى صفحة من إعلامها الموالي للعصابة، صحيفة "الوطن" الناطقة بالفرنسية، ومن غير أن تبتر هذه العصابة كعادتها كلمة من تصريحه أو تحرفها أو تترجمها على غير مدلولها، أو تضيف أو تزيد، حقيقة الموقف الأمريكي من نزاع الصحراء، وينقل عبر هذه القناة الدعائية الجزائرية، إلى الشعب الجزائري النص الصريح لمضمون الاعتراف الأمريكي الثابت والواضح بمغربية الصحراء، الذي لم ولن يتغير، ولن يكون له بعد نشره أي معقب بالتشكيك أو التلبيس أو الإنكار أو التجاهل. تنقل صحيفة العصابة على لسان مسعد بولص مستشار ترامب بعد سؤاله عن ملف الصحراء ما ترجمته: "الولاياتالمتحدة تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، وتدعم مقترح الحكم الذاتي للمغرب الواقعي وذي المصداقية باعتباره أساسا لحل عادل ودائم للنزاع. وتواصل الولاياتالمتحدة إيمانها بأن حكما ذاتيا واقعيا تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن. فالمقترح المغربي هو الإطار الوحيد للتفاوض حول حل متوافق عليه" وزادهم من البيت شعرا بنسف ادعاءات أزلام العصابة من أنه لم يتطرق لنزاع الصحراء مع المسؤولين الجزائريين، حيث أكد أنه ناقش مع كل من تبون العصابة ووزير خارجيتها هذا الأمر بشكل مباشر في زيارته ولقائه معهما، مجددا توجيه العصابة من قبل الرئيس ترامب للانخراط الفوري في المفاوضات على هذا الأساس. لقد أصرت الولاياتالمتحدةالأمريكية على إسماع العصابة ما تتجنب سماعه، خلال "أسبوع الصحراء المغربية" الذي تحدث فيه كل من الرئيس ترامب عن مغربية الصحراء في برقية تهنئته لجلالة الملك بمناسبة عيد العرش المجيد، وتحدث فيه مستشاره رفيع المستوى مسعد بولص في خطابه لتبون، وعلى صفحات وسيلة إعلامية موالية لنظام العصابة، ومن عقر الجزائر، على أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، وأن لا حل للنزاع حولها، إلا في إطار الحكم الذاتي، وتحدث كذلك في هذا الأسبوع المنظم على شرف الصحراء المغربية السفير الأمريكي الجديد بالمغرب السيد ديوك بوكان الثالث، الذي قدم أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي خلال جلسة تأكيد تعيينه، مرافعة قوية عن العلاقات المغربية الأمريكية الممتدة في التاريخ، وتعهده بالعمل في حال تأكيد تعيينه على تقوية الروابط والعلاقات العريقة بين البلدين والتي تتطور وتتقوى منذ "معاهدة السلام والصداقة بينهما والتي تعود إلى 1786، أي منذ حوالي 240 عاما" وتعهده كذلك على العمل لتكريس الموقف الأمريكي من الوحدة الترابية للمغرب وتنزيل الحكم الذاتي. فهل يلزم أكثر من رئيس دولة في أمريكا وأكثر من كونغريس وأكثر من مستشار رفيع المستوى وأكثر من وزير خارجية وأكثر من سفير وازن وأكثر من مؤسسة سيادية أمريكية، بل أكثر من صحيفة جزائرية مرغمة على نشر الاعترافات الأمريكية بمغربية الصحراء، ليتأكد للشعب الجزائري أن نظام العصابة في بلده كان يضلله ويزور الحقائق لتجهيله واستغفاله واستغبائه حينما كان يسخر من حقيقة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وينسب إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أقوالا وأفعالا كاذبة ومزورة وموضوعة، ليصدم الشعب اليوم بقفزة حرة من جريدة "الوطن" الخاضعة لتوجيه ورقابة العصابة، تتبرأ من الكذب وتثبت حقيقة الموقف الأمريكي الثابت والصريح والواضح وضوح الشمس بشأن مغربية الصحراء. الخلاصة أنه كيفما كان تحليلنا أو تفسيرنا وتأويلنا لهذه السابقة في نشر العصابة للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، الواضح وغير القابل للتراجع أو التأويل المغرض، فإنه يشكل انقلابا للعصابة على سلوكاتها المرذولة، وإقامة للحجة على نفسها بأنها كانت غادرة لشركائها كاذبة في تصريحاتها خائنة لشعبها، وأن كل أكاذيبها المتبقية وزورها وبهتانها سيلقى المصير نفسه لأكذوبة أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء مجرد تغريدة شاردة وقول عابر للسحاب. فهل تجرؤ العصابة وأبواقها، مرة أخرى، بعد ما خرجت به اليوم من نقل واضح وصريح وأمين للموقف الأمريكي الثابت من مغربية الصحراء، على العودة إلى التزوير والتدليس والكذب بشأن مواقف الدول الأخرى التي زورت عليها تصريحات وشكوك وشبهات، أم أن السوط الأمريكي وحده من يعلمها الأدب وكيف تكون مخاطبة الدول المحترمة والمصونة قراراتها ومواقفها من العبث.