في خطوة تروم إعادة بعث الثقة بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية، انعقد لقاء مطول أمس الأربعاء جمع الطرفين في إطار اللجنة العليا للحوار الاجتماعي القطاعي، وسط أجواء مشحونة بتراكمات السنوات الماضية وتطلعات الشغيلة التعليمية إلى إصلاحات ملموسة. الاجتماع الذي ترأسه وزير التربية الوطنية وحضره كبار مسؤولي الوزارة إلى جانب الكتاب العامين للنقابات الخمس الأكثر تمثيلية لم يكن تقليديا في مضامينه بل شكل لحظة تقييم صريح لمنهجية الحوار القطاعي، ووقفة مساءلة حول مصداقية الالتزامات السابقة، خاصة ما يتعلق باتفاقي دجنبر 2023. مصادر نقابية أفادت أن النقاشات لم تخل من توتر، بعد أن أبدت النقابات انزعاجها من ما وصفته ببطء تنفيذ التعهدات و"القراءات الأحادية" لبعض مقتضيات القانون، خاصة في ما يخص ملف "الزنزانة 10" الذي ظل عنوانا بارزا للاحتقان داخل الأسرة التعليمية بسبب تأويلات مختلفة للمادة 81. اللقاء لم يقتصر على الملفات العالقة فقط بل فتح أيضا ورش ملفات جديدة تهم تحسين ظروف الاشتغال، منها تقليص ساعات العمل، وتمكين أساتذة السلكين الابتدائي والإعدادي من تعويضات تكميلية، إلى جانب إنصاف متصرفي التربية الوطنية الذين ما زالوا يعانون تبعات تأخر الترقيات وعدم استرجاع مبالغ مالية اقتطعت بعد الإدماج. ولم تغب المناطق النائية عن جدول الأعمال، إذ أعلنت الوزارة عن إعداد خريطة وطنية تحدد هذه المناطق بشكل دقيق، سيتم تقاسمها مع الشركاء النقابيين في أكتوبر المقبل، في أفق إقرار تعويضات عادلة ومحفزة. كما تعهدت الوزارة بالشروع في صرف مستحقات المادة 89 خلال نفس الشهر، مع انطلاق اجتماعات اللجنة التقنية بداية من شتنبر لاستكمال معالجة القضايا العالقة، في وقت أكدت فيه النقابات أن الدخول المدرسي المقبل سيكون محكًا حقيقيا لقياس جدية الحكومة في الوفاء بتعهداتها. في ظل هذه الدينامية، يبقى سؤال الشغيلة قائما: هل تنجح هذه الجولة من الحوار في تحويل الوعود إلى واقع ملموس، أم أن الموسم الدراسي المقبل سيحمل معه مزيدا من الاحتقان؟