اهتزّ حي المستقبل بمدينة فاس، في الساعات المتأخرة من ليلة الثلاثاء-الأربعاء، على وقع فاجعة إنسانية خطيرة، إثر انهيار بنايتين سكنيتين، ما أسفر، بحسب معطيات أولية، عن مصرع ما لا يقل عن 22 شخصا، من بينهم أطفال، وإصابة 16 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، في حادث أعاد إلى الواجهة إشكالية مراقبة البناء واحترام قوانين التعمير. وفي هذا السياق، اعتبرت "جمعية مبادرات من أجل حقوق النساء" أن الحادث لا يمكن اختزاله في كونه قضاء وقدرا، بل هو نتيجة مباشرة لاختلالات بنيوية وتجاوزات كان بالإمكان تفاديها، لو تم احترام القانون وتفعيل آليات المراقبة والزجر. وبناء عليه، دعت إلى فتح تحقيق مستقل، جدي وشفاف، لتحديد كافة المسؤوليات المرتبطة بهذا الانهيار، وترتيب الجزاءات القانونية في حق كل من يثبت تورطه، سواء عبر منح التراخيص، أو غض الطرف، أو التقصير في المراقبة..
وكشفت معطيات متداولة بشأن الحادث أن البنايتين المنهارتين خضعتا لتعلية غير قانونية، حيث تم تجاوز عدد الطوابق المرخص بها، في خرق واضح لقوانين التعمير ومعايير السلامة، الأمر الذي يطرح، حسب الجمعية، تساؤلات جدية حول دور الجهات المكلفة بالمراقبة وتتبع الأوراش، لاسيما بالأحياء الشعبية التي تعاني هشاشة عمرانية واجتماعية. كما طالبت الجمعية بتعزيز آليات اليقظة والمراقبة بخصوص المباني المهددة بالانهيار، خاصة داخل الأحياء الهشة، وضمان إعادة إيواء عاجلة ولائقة للأسر المتضررة ولساكنة البنايات التي تم إخلاؤها احترازيًا، مع توفير مواكبة نفسية واجتماعية تحترم كرامة الضحايا وذويهم. وشددت جمعية مبادرات من أجل حقوق النساء على أن حماية أرواح المواطنات والمواطنين، وخاصة النساء والأطفال، تشكل مسؤولية أساسية للدولة ومختلف مؤسساتها، ولا يجوز أن تكون محل إهمال أو تسويف، معتبرة أن هذه الفاجعة تمثل ناقوس خطر حقيقي يستدعي مراجعة جذرية لمنظومة تدبير التعمير، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان الحق في السكن الآمن واللائق باعتباره حقا من حقوق الإنسان. وأعلنت الجمعية استعدادها لمواكبة أسر الضحايا والمتضررين، مجددة التأكيد على أن العدالة والوقاية وصون الكرامة الإنسانية يجب أن تظل في صلب السياسات العمومية، حتى لا تتحول الأحياء الشعبية إلى فضاءات للموت الصامت.