توفيت الممثلة آني جيراردو، الشخصية البارزة في السينما والمسرح في فرنسا، يوم الاثنين 28 فبراير في مستشفى لاري بوازيير في باريس عن سن تناهز 79، بعد معاناة كبيرة من مرض الزهايمر. ونذكر أنها اشتغلت في السينما على ما يفوق 50 عاما ولها أكثر من 220 عملا. حصلت آني جيراردو على 3 سيزار و2 موليير ومثلت مع أكبر الممثلين والمخرجين الفرنسيين: لوشيانو فيسكونتي وجان ماري وألان دولان وجان كابان و كلودل لولوش ومارشيلو ماستروياني...ولعبت أدوارا متعددة ومتنوعة: دراما، أفلام بوليسية، أفلام كوميدية وروائية.... كما جسدت شخصيات مهمة، وكانت في بعض الأحيان الأولى من نوعها بالنسبة للممثلات النساء كدور طبيبة أو سائقة طاكسي أو محامية... ازدادت آني جيراردو في باريس يوم 25 أكتوبر 1931 وكانت أمها مولدة. وسارت على نهج أمها في دراسة التمريض. ولكن سرعان ما تغير مسارها، وكانت أولى خطواتها في ملاهي مونمارتر. ولجت آني جيراردو معهد الكوميديا الفرنسية سنة 1954 وبعدها بدأت حياتها المهنية ببطء. وعرفت مسيرتها الفنية بعض الإحباطات في البداية ولكنها حققت نجاحا باهرا في الدور الذي ستعرف به طول حياتها في السينما والمسرح وهو "مدام مرغاريت" سنة 1974. وبعدها أصبحت من الممثلات المحبوبات والأكثر شعبية في فرنسا والبلاد الفرنكوفونية. وحققت عدة أدوار في الدراما والكوميديا. وسنة 1971 لعبت أحسن دور لها في فيلم "موت من أجل الحب". وحصلت على سيزار أحسن ممثلة سنة 1977 عن فيلم "الدكتور فرانسوا غياند". نسيت آني جيراردو من طرف المخرجين طيلة 15 سنة، عبرت عن هذه اللحظة، بدموع غزيرة في حفل سيزار 1996 وقالت "ربما نساها السينمائيون الفرنسيون ولكنها لم تنس السينما الفرنسية وأنها لم تمت ولازالت حية"... لقد أصبحت رمزا لمرضى الزهايمر في فرنسا بعد إصابتها بهذا المرض منذ بداية القرن. وبرهنت عن دفاعها عن المرضى المصابين بالزهايمر بشجاعة وبصبر ولكن بمساعدة عائلتها وأصدقاءها. ونشير إلى أن هذا المرض يصيب الدماغ ويؤثر على الذاكرة كما أنه يؤدي إلى وهن في العضلات وفقدان الأشياء البسيطة اليومية. في فيلم وثائقي من إخراج نيكولا بوليوه تكلمت عن مرضها بصعوبة شديدة. وقد شاركها المخرج معيشتها وشغلها اليومي طيلة ثمانية أشهر، حيث ذكر أنه كان من الصعب عليه تصوير هذا الفيلم، تصوير فنانة قديرة، كانت مثال الجمال والاستقامة، وأصبحت محرومة من ذاكرتها، وأصبحت لا تعرف أعمالها. وذكر أيضا أنه من الصعب مشاهدة هذا الفيلم، وهذا ما حصل لي ولمجموعة من الأصدقاء أثناء مشاهدتنا له، فالممثلة الأنيقة الجميلة أصبحت لا تقوى حتى على أبسط الأعمال اليومية كالأكل والشرب. وأصبحت تردد كلمات يهمس بها في أذنها من خلال السماعة، ويتخيل أنها لا تفهم ما تردده ولكنها كانت تردده بلهجة متقنة، ربما تلقائيا ومهنيا، نتيجة للممارسة الطويلة (طيلة 50 عاما) فوق خشبة المسرح أو الأفلام التي مثلت فيها. هل كانت مدركة لحالها؟ لقد جعلها المخرج نيكولا بوليوه تلعب دور امرأة مهددة بفقدان الذاكرة. وعندما همس لها في أذنها عبر السماعة بالجملة المصيرية: "أنت مصابة بفقدان الذاكرة ولن تعود الذاكرة أبدا" لم تستطع ترديدها منذ أولى اللقطات بل احتاجت إلى سبع لقطات لقول تلك الجملة وبصعوبة. وعن غير قصد أصبحت آني جيراردو رمزا لمرض الزهايمر بل للمرضى وللجمعيات المسؤولة عنه. إن الفيلم الوثائقي "هكذا تمشي الحياة" للمخرج نيكولا بوليوه مكننا من رؤية الممثلة الفرنسية القديرة آني جيراردو وهي تعاني . كما مكننا من تكوين رؤية واضحة لمرض فتاك لا علاج له، مرض الزهايمر. سالت دموع المتفرجين عندما سئلت آني جيراردو: هل أنت سعيدة؟ فأجابت لست سعيدة الآن ولكنني لا أعرف لماذا؟... الدكتور بوشعيب المسعودي ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة