عقدت المنظمة المغربية لحقوق الانسان، بشراكة مع المؤسسة الألمانية فريدريش إيبرت، ندوة صحفية يوم أمس الخميس 30 نونبر 2017، من أجل تقديم نتائج بحث ميداني حول "إحقاق الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية بالمغرب". وشمل البحث أحياء ودواوير بهموامش المدن داخل الوسطين الحضري والقروي، بست جهات من المملكة، وهي الدارالبيضاءسطات، الشرق، فاسمكناس، الرباطالقنيطرة، طنجةتطوانالحسيمة، ومراكش أكادير. وتوخى البحث تحقيق وضعية الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية بالوقوف على الإنجازات والإختلالات. ثم بناءا على ذلك، تقديم مؤشرات كمية مرتبطة بالتجهيزات وأخرى نوعية مرتبطة بالخدمات قادرة على تقييم مستوى الولوج إلى تلك الحقوق، ومقارنتها بالمؤشرات الدولية ذات الصلة والمعتمدة من طرف الهيئات الدولية المختصة. وقد تم التركيز على سبعة حقوق أساسية، وهي السكن والشغل والماء والتعليم والصحة والثقافة، بالإضافة إلى البيئة السليمة. وهكذا استعرض البحث عددا من المعطيات تهم تصنيف الأحياء المشمولة، وربات وأرباب الأسر المستجوبة المقيمة بتلك الأحياء، من حيث النوع والحالة العائلية والمستوى الدراسي وعدد الأبناء. ثم يقدم مجموعة وافرة من المؤشرات تدل على مستوى تمتع السكان بتلك الحقوق، ثم يخلص البحث إلى تقديم خلاصات وتوصيات موجهة للحكومة المغربية لحثها على تدارك النواقص المسجلة، من منظور يدرج هذه الحقوق كما هو متعارف عليها دوليا في كل السياسات والبرامج التنموية. وشمل البحث الميداني أرباب أسر بين 54.7% من الذكور و 54.3% من الإناث، وهي نسب متقاربة يستنتج من خلالها النسبة المهمة التي أصبحت للمرأة في تحمل مسؤوليات تدبير شؤون الأسرة زيادة على مهمتها كربة بيت. فيما تراوح سن الفئة المستهدفة بين 26 و 55 سنة 7.72% منهم متزوجون و11.1% عازبون و 7% للأرامل و 7.6% مطلقات ومطلقين. كما عكست الأرقام عدم توفر المناطق الخضراء بنسبة 19% بالأحياء والدواوير, و 4% بالمدن القديمة، متبوعة بأحياء السكن الإقتصادي بنسبة 19%. وترمي التوصيات المقدمة إلى تفعيل المقتضيات والإجراءات الواردة في البرنامج الحكومي 2016-2021 بما يخدم ويعجل بإحقاق التوصيات التي خلصت لها هذه الدراسة، وكذا إعمال الإجراءات التي سطرتها الأحزاب السياسية في برامجها الإنتخابية، أغلبية ومعارضة، بمناسبة انتخابات الجماعات الترابية لشتنبر 2015، إضافة إلى الحرص على توجيه دعم الدولة بخصوص السكن الإقتصادي إلى الفئات ذات الدخل المحدود والفئات الهشة يأخذ بعين الإعتبار عدد أطفال أسرها والمساحة المبنية. وتؤكد التوصيات كذلك، على تقديم دعم فعال للجماعات الترابية الفقيرة، حتى يتسنى لها مواجهة إشكالات مطارح الأزبال، وتصريف المياه العادمة، والتزود بالماء الصالح للشرب، والتمكين من وسائل النقل الآمنة للمواطنات والمواطنين من جهة، وتثمين التراث المعماري الوطني بالحفاظ على المدن العتيقة وصيانتها ودعم ملاكيها حتى لا تندثر من جهة ثانية، وكذلك على دعم نظام المساعدة الطيبة وتوسيع قاعدته ليشمل باقي أصحاب الدخل المحدود والفئات الهشة، وتجويد الخدمات التي تقدمها المستوصفات والمراكز الصحية لتلبية حاجيات المواطنات والمواطنين. وتركز التوصيات أيضا على تعميم التعليم الأولي (ما قبل المدرسي) من أجل تحقيق تكافؤ الفرص بين أبناء وبنات مختلف الشرائح الإجتماعية والعناية أساسا بالفقيرة منها، وعلى إلزامية التعليم ومجانيته بالنسبة لجميع الأطفال إلى مستوى الحد الأقصى الذي أقرته الإتفاقيات الدولية وتيسيره في المستويات الأخرى، كما تم التشديد على وضع استراتيجية وطنية لتشغيل الفئات التي لم تلج المدرسة قط ومن هم نتاج الهدر المدرسي. فيما يخص المستوى الدراسي فحسب المعطيات بلغت نسبة 27.1% الذين يبلغون مستوى التعليم الابتدائي و18.6% الثانوي الإعدادي و 14.33% الثانوي التأهيلي و 6.66% مستواهم جامعي. وفي الجانب الثقافي، تم التشديد على توسيع دائرة تدريس الأمازيغية في أفق تعميمها، علاوة على إيلاء عناية قصوى بالجانب الثقافي والترفيهي لساكنة مثل الأحياء التي كانت موضوع عينة هذا البحث، وذلك بوضع بنية تحتية قوية، وتخصيص موارد بشرية ومالية لملء الفراغ الخطير فيها. كما يستخلص نقص مهول من حيث الحق في الثقافة، فقد بلغت التجمعات السكنية التي تتوفر على المرافق الترفيهية نسبة 10.6%، و 17% بالأحياء السكنية العشوائية، و 12.5% من أحياء السكن الإقتصادي، و 8% من الدواوير القروية، وأقل من 5% في الأحياء القديمة. أما حق المواطنين والمواطنات في الشغل فقد أوضحت الأرقام ممارسة 23.10% مهنة مياوم، متبوعة بالأجراء والحرفيين بحوالي 57.80% مما يعني أن هذه المهن لا تضمن الشغل القار وبالتالي ضمان دخل دائم يوفر الحياة الكريمة للأسر. وتم التشديد أيضا، على وضع استراتيجية وطنية من أجل إقرار حد أدنى للدخل لجميع المواطنات والمواطنين، وعلى دعم قدرات المنظمات الحقوقية التي تقوم برصد إلى أي مدى يتطور إحقاق الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية، وتشجيع مثل هذه الدراسات، بالإضافة إلى تشجيع الإجتهاد القضائي المتوجه نحو إحقاق هذه الحقوق إعمالا لتوصيات اللجنة المرتبطة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. وفي الأخير دعت التوصيات إلى الإسراع بمصادقة المغرب على البروتوكول الإختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. علاء عسلي / الرباط