تفيد التقديرات الديمغرافية العالمية بأن عدد الرجال يزيد عن عدد النساء بأكثر من 85 مليون نسمة. وهذا الفرق ليس ظاهرة طبيعية، بل له أسباب أخرى... هناك قاعدة بيولوجية ثابتة: كل يوم يولد في العالم ذكور أكثر قليلا من الإناث 105 مقابل 100 حسب الإحصائيات. والوفيات الذكورية في كل عمر من الحياة يعوض هذا الفائض. لكن البيولوجيا لا تفسر كل شيء: في سنة 1990، أطلق الهندي أمارتياسين، حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، نداء تحذير عالمي: »هناك نقص في عدد النساء يقدر بأزيد من 100 مليون«، وهذا الغياب غير الطبيعي يشكل كارثة كونية. آسيا مستهدفة بحيث نجد فيها تمثيلية ذكورية أكبر توحي بأن هناك إقصاء لعدد الأجنة الأنثوية. وتعرف منطقة البلقان والقوقاز نفس الظاهرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وبعيداً عن التقاليد الأبيسية التي تفترض عناية أقل بالفتيات. هناك كذلك إمكانية الوصول تكنولوجيات الصدى التي تتيح المعرفة المسبقة لجنس الجنين، والتي تساهم في تعميق اللاتوازن الأصلي. أفريقيا تعرف تقريباً توازناً بين الذكور والإناث: منذ الولادة حيث المعدل يصل إلى 103 ذكر مقابل 100 أنثى، حتى سن البلوغ، حيث يصبح المعدل متساوياً تقريباً. لكن هذا التوازن يخفي مع ذلك اختلالا: النساء اللواتي يتعرضن أكثر للسيدا والأوبئة، ومعنيات أكثر بالوفيات عند الولادة، يعشن ثلاث سنوات أكثر فقط أكثر من الرجال مقابل 7 سنوات أكثر في أوربا. عند سن البلوغ، فإن الظواهر الاقتصادية والسياسية هي التي تقيد رسم الجغرافيا العالمية للنساء والرجال أكثر من ثقل التقاليد الأبيسية. بعض الاختلالات تجد تفسيرها في موجات الهجرة: مثلا رحيل الرجال في أمريكا اللاتينية نحو الولاياتالمتحدة يؤدي إلى ترك الكثير من النساء وحيدات في البلد الأصلي، كما أن الوصول المكثف للعمال الذكور إلى دول الخليج العربي البترولية أدى إلى ظهور اختلال في النوع في دول، حيث يشكل المهاجرون نسباً تصل إلى 80% من السكان... كما أن الحروب حتى الأهلية منها، تمس أكثر الرجال. وكمثال، كيف سيكون شكل سوريا عندما ستنتهي الحرب التي خلفت حتى الآن 200 ألف قتيل، أكثر من 80% منهم ذكور؟ I - عند الولادة: رفض ثقافي أكثر ومحدد. 1 - الصين: سياسة الطفل الوحيد (1979) ساهمت في تراجع ولادات الإناث، لاسيما في الصين الساحلية المتهدنة والمزدهرة، بينما ظلت العين الداخلية المعايير العادية، بعد 30 سنة ولتعويض هذا النقص، تشكلت شبكات للزوجات عبر الحدود الوطنية على الحدود الفيتنامية والكورية. 2 - الهند: عار اجتماعي وديني: أن ترزق بأنثى يعني في الهند اجتماعيا «حرب حقل الجار» وهو ما يؤدي إلى إهمال أكبر بتربية الفتيات الصغيرات وممارسة الإجهاض الانتقائي الذي نلاحظه أكثر من الطبقات الميسورة، لاسيما لدى الهندوس والسيخ والجاين. أما المسلمون والمسيحيون، فإن يبقون في المعايير العادية. 3 - كوريا الجنوبية: إعادة التوازن: النمو الاقتصادي ودور الدولة المشجع لعودة التوازن بعد اختلال في سنوات 1980. 4 - البلقان: التكنولوجيا والأبيسية: سهل فتح الحدود سنة 1990 واستيراد المعدات التكنولوجية المقدمة (معدات الفحص بالصدى) سهل اللجوء إلى الإجهاض الانتقائي في هذه المناطق الملغومة بالصراعات (ألبانيا، كرسوفو، مقدونيا). 5 - القوقاز: اختلال غير مكشوف. رداءة نوعية الاحصائيات المرتبطة بالنزاعات أخرت وعي السلطات العمومية بوجود العديد من عمليات الإجهاض الانتقابية. II - في سن الرشد التقلبات الاقتصادية والسياسية تحد أو تضخم نقص عدد النساء 1 - روسيا وجوارها. عامل الفودكا: الاختلال النسبي لفائدة النساء يتزايد بعد 65 سنة ويصبح عدد النساء مرتين أكثر من عدد الرجال، النساء يعشن في المعدل 12 سنة أكثر من الرجال: وهو رقم قياسي عالمي وارتفاع عدد الوفيات عند الرجال سببه الرئيسي هو إدمان الكحول. 2 - ألبانيا: نداء الاتحاد الأوروبي: الرجال الممثلون أكثر عند الولادة يتحولون إلى أقليات عند سن الرشد مع الرحيل المكثف للرجال للهجرة نحو إيطاليا بشكل خاص. 3 - جزر فاروو: هجرة نسائية: في هذه الجزر المعزولة يتزايد الاختلال من خلال هجرة النساء اللواتي يهربن من البطالة والتقاليد المحافظة للمجتمع. 4 - روندا: نقص مأساوي: الرجال كانوا أكثر تعرضا للمجازر وهو ما أدى إلى تأنيث أكبر للمجتمع. 5 - الخليج: ذكورية مهاجرة. هجرة الرجال منذ سنوات 1970، القادمين من غالبيتهم من جنوب آسيا من أجل العمل في البناء، أدت إلى ظهور اختلال في العلاقات بين الأجناس، فالقانون يمنع مجيء العمال مع عائلاتهم، ففي قطر يوجد 25% أقل من النساء. 6 - المكسيك: فرار الرجال. الهجرة المكثفة نحو الولاياتالمتحدة منذ سنوات 1990 غيرت بشكل كبير توازن العلاقة بين الجنسين لأنه في الغالب الرجال هم الذين يهاجرون.