سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    شراكات استراتيجية مغربية صينية لتعزيز التعاون الصناعي والمالي    هدوء حذر عند الحدود الهندية الباكستانية بعد أعنف تصعيد منذ 1999    إسرائيل تستعيد رفات جندي من سوريا    بوتين يستقبل حفتر في الكرملين    بطاقة المونديال والاقتراب من اللقب.. طموحان كبيران لأشبال الأطلس أمام سيراليون في ربع نهائي    وجدة.. حجز 6918 قرصا مهلوسا وتوقيف زوجين للاشتباه في ترويج المخدرات والتزوير    الحرس المدني الإسباني يوقف صيادين مغربيين بتهمة تهريب مهاجرين    انهيار "عمارة فاس".. مطالب برلمانية لوزير الداخلية بإحصائيات وإجراءات عاجلة بشأن المباني الآيلة للسقوط    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    عيد الأضحى.. مجازر الدار البيضاء تكشف برنامجها لاستقبال وذبح الأضاحي    طلبة الإجازة في التربية يصعدون ضد الوزارة ويعلنون إضرابا وطنيا    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    ريمي ريو: الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو بالأقاليم الجنوبية المغربية    "كان" الشباب... المنتخب المغربي يختتم تحضيراته استعدادا لمواجهة سيراليون    موعد الحسم.. هذا توقيت مباراة المغرب وسيراليون في ربع نهائي كأس إفريقيا    شاهد.. سائحات يطلبن من لامين يامال أن يلتقط لهن صورة دون أن يعرفن من يكون    رفع تسعيرة استغلال الملك العام من 280 إلى 2400 درهم للمتر يغضب المقاهي ويدفعها للإضراب    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    "الاتحاد" يتمسك بتلاوة ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة    كلاسيكو الأرض.. برشلونة يسعى لحسم الليغا وريال مدريد يبحث عن إحياء الأمل    غ.زة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم    بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول انطلاقا من 15 ماي    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    القاهرة.. تتويج المغرب بلقب "أفضل بلد في إفريقا" في كرة المضرب للسنة السابعة على التوالي    زيلينسكي: روسيا تدرس إنهاء الحرب    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    أجواء احتفالية تختتم "أسبوع القفطان"    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    طقس الأحد: زخات رعدية بعدد من المناطق    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    بعد فراره لساعات.. سائق سيارة نقل العمال المتسبب في مقتل سيدة مسنة يسلم نفسه لأمن طنجة    الوكالة الفرنسية للتنمية تعلن تمويل استثمارات بقيمة 150 مليار بالصحراء المغربية    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى الإنجاب ليس دائما ورديا في مجتمع يعشق التنقيب عن التفاصيل
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 04 - 2015

قد يبدو أن الرجال هم أكثر الناس إحراجا في موضوع الإنجاب، وأشدّهم إصرارا على ابتلاع محنتهم التي يطبعونها بالسرية، بل إن منهم من قد يختزل القضية/المشكلة في عطب عابر، وحده الزمن كفيل بترميمه وصيانته. فبين من يشكو صعوبة في الإنجاب وبين من يتمتع بنعمة الخصوبة، مسافة بعيدة من السعادة، بل إن البعض يتيه في دوامة الخلط بين تأخر الإنجاب والفحولة، في ظل نظرة المجتمع التي تغذي «الطابو» وتصر على النيل من فحولة رجل يواجه عسرا في الإنجاب، مما يرخي بظلاله على العلاقات الثنائية بين زوجين يحرصان على جعل الموضوع شأنا داخليا.
أما النساء فغالبا ما يقفزن فوق الإحراج حتى لا تصاب العلاقة بالتصدع، وتخلص الزوج من هواجس القلق التي تسكنه وتسيطر عليه في صمته أكثر من حديثه، علما بأن الكثير من الزيجات، هي صامدة في وجه هذه المعيقات النفسية والاجتماعية، أما هامش البوح فصغير وغالبا ما يسمح به عند الحديث إلى أشخاص يتقاسمون معهم نفس التجربة ذاتها أو الذين مروا منها وحققوا حلمهم بالأمومة أو الأبوة.
محمد: الجميع يحشر أنفه في شأن داخلي يزيد من حجم المعاناة النفسية للزوجين
إنها
الخلاصة التي يمكن الخروج بها حين الحديث مع «محمد» الذي عاش رفقة زوجته تجربة حمل لم يكتب لها
أن تستمر بعد سقوط جنينها، مشيرا إلى أنه كان يعاني من حساسية لبعض الأدوية التي سبق وأن وصفت له للعلاج من مرض ألمّ به في السابق، وهو الشيء الذي نتجت عنه، حسب تعبيره ،حساسية خلفت لديه صعوبة في تحقيق حلمه بالإنجاب، من خلال ضعف في الحيوانات المنوية.
وأكد محمد أنه في إطار رحلة البحث عن الذرية التي تمناها على الدوام أن تكون صالحة، طرق أبواب العديد من العيادات الخاصة، وزار مجموعة من الأطباء متسلحا بالأمل في مواجهة ما يحسّ به من ألم، إذ أخبره الأول أن أمنيته في إنجاب طفل أو طفلة هي منعدمة، في حين جدّد طبيب آخر نسبة أمله في تحقيق سماع «كلمة بابا» وذلك عبر اتباع رحلة العلاج باستعمال أدوية هي باهظة الثمن وتكاليف طبية ليست في متناوله ويصعب عليه تحملها.
خلال حديثه أفصح الزوج عما يخالج نفسه وعن رغبته في رؤية مولوده، وأن يعيش تلك اللحظة ويحس بهذه الفرحة والدرجة من الانتشاء وذلك كلما صادف سيدة وهي حامل، «الشيء الذي يجدد ألمي ويجعلني في حيرة من أمري، لكن قدر الله وما شاء فعل»، مضيفا، «تتقوى قدرتك على مواجهة المشكل لكن بعض الأشخاص يحرجونك بالأسئلة التي قد تشكل حساسية لهذا الموضوع تتجاوز حساسية المرض ذاته، بسبب تدخل الآخرين في أمور تعتبر شخصية وحميمية باعتبارأن الموضوع حق من حقوقنا ويمكننا مناقشته وإبداء رأينا فيه بشكل ثنائي وعند الضرورة بإشراك طبيب».
وينهي محمد حديثه بالقول «في مثل هذه المواقف يتعدد المستشارون، كل يقدم فتواه لامتلاك الحلم واحتضانه، ومن الناس من ينصح بتغيير الزوجة والبحث عن البديل، بالرغم من كون الخلل يكون مصدره الرجل وليس المرأة»!؟
حفيظة: قبلت باستمرار العلاقة، لأن زوجي لم يختر مرضا حرمه من الإنجاب
تتعدد الروايات على ألسن من يتوقون إلى سماع كلمتي «ماما» و «بابا»، ويحسّ المستمع لتفاصيل ألمهم بين
كل شهيق وزفير بحجم العذاب الذي يتكبدونه، بعضهم في العلن والكثير منهم في صمت، سواء بالنسبة لمن هم يتسلحون بالأمل ولم يرفعوا الراية البيضاء مستسلمين، أو حتى بالنسبة لأولئك الذين اقتنعوا بأن كل الأبواب أوصدت في وجوههم لتحقيق هذا المبتغى، فهما معا، رجالا ونساء، يعيشون حياة ليست بالضرورة طبيعية، قاسمهم المشترك هو المعاناة المتعددة الأوجه.
«أن أكون أمّا، وزوجة صالحة، فهذه طبيعة بشرية فطرها الله في أعماق كل امرأة منذ طفولتها، إذ ومنذ نعومة الأطفال وفي سن مبكرة تجد وسط ألعاب كل فتاة مطبخا بلاستيكيا، عنوان على أن تكون ربّة بيت، و طفلا في شكل دمية ومهدا، لأن في الأمر فطرة ومشهدا فتحت عليه الأعين»، تقول حفيظة، «ككل صبية حلمت بزوج يحقق لي حلم الأمومة، فتمنيت أن تدغدغني قبلات طفل وتوقظني آهاته في منتصف الليل، كنت أريد أن أحتار في اختيار ملابسه، وأن أعيش قلق الأم في أول موعد دراسته».
حكت حفيظة كيف أنها التحقت بقطار الزواج وسنها لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، وكيف كانت ترغب في الزواج وإن كانت قد ترعرعت في كنف أسرة كان هذا الأمر بالنسبة لها مؤجلا باعتبار أنها كانت تضع الدراسة والحصول على الشواهد ضمن الأولويات، إيمانا منها بأن الطريق لتحقيق الذات لا يبدأ من محطة الزواج.
«هكذا كانت تطلعات والدي، لكنني خالفت العادة والشعارات والتعليمات اليومية، فأنا الفتاة ما قبل الأخيرة، وترتيبي جاء وسط ست بنات وولدين، فكانت التجربة الأولى لأسرة متماسكة، انتشيت وانتشت أسرتي بإكسير التجربة، فالزوج لم يكن بعيدا عن محيط العائلة، فهو ابن خالي، بكر أسرته وأول فرحة لأبويه، لهذا الجميع كان مقبلا مستبشرا، وهكذا حققت حلم ربة البيت وعشت حلم الزوجة الصالحة بكل نجاح، وكذلك زوجي فقد كان الرجل الحنون المعطاء ،وهو ما وقفت عليه بنفسي إلى أن تأخرت أحلام الأمومة».
قررت حفيظة وزوجها التسلح بالإصرار ومواجهة العطب الذي لحق بعجلة الحياة الزوجية عند أول منعرج، واتفقا على زيارة طبيب مختص، وبعد سلسلة من الأسئلة والنبش في التفاصيل، والخضوع للعديد من الفحوصات والتحاليل، اكتشفت الزوجة أن زوجها مصاب في خصيتيه بسبب مرض يسمى بالعامية «الودنين» تعرض له في صباه ولم يعطه الأهمية التي يستحق مما أفقده فحولته. خبر فاق كل التوقعات السيئة، مما حكم على قطار الزوجية بالتوقف في ورشة «الصيانة»، «توقفت الحياة في عيني أو تمت مصادرة كل حلم كان بين ذراعي، إنها صدمة لم تصب فردين، بل أصابت عائلة بأكملها فالكل يرى أحلامه أحلاما تنكسر على صخرة العقم المرعبة»، هكذا وصفت حفيظة الأمر، مسترسلة في الحديث قائلة على أنه في جلسة مصارحة ومكاشفة أغلق الزوج الجريح المكسور باب الغرفة ووضعها أمام الاختيار الصعب، ما بين الاستمرار في الحياة معا أو النزول مادام القطار في أولى محطاته.
مقترح ظل الجميع ينتظر رد الفعل بشأنه، تقول الزوجة، «وجدتني تائهة الكل ينتظر الجواب، فتهت بين حقي الفطري في الأمومة، وبين الخيار والمخيّر الذي تجرّع من نفس الكأس الذي تجرعت منه، بل وضعت نفسي مكانه، وتساءلت كيف أنسحب بحثا عن الفحولة وهو الزوج الذي اجتمعت فيه كل مقومات الأبوة؟ كيف يحرم من وريث لاسمه؟ وكيف سنواجه أعين الناظرين وآراء البعيدين قبل القريبين، ماذا عساي أن أختار؟ فكان أن اخترت أن احكم إغلاق المقطورة علينا وأن أحاول وأد حلم يخفق بين أضلعي، فتفانيت في أن أكون ربة بيت متكاملة المعالم، زوجة مساندة، عشيقة حنونة، وكتبت في قاموس الحياة مفهوما للصبر والاحتساب للقضاء والقدر، وقلت في قرارة نفسي لمن سأوجه اللوم، ألحمى أصابت زوجي في صغره فلم تكن تستدعي سوى أيام من الراحة وتوعية من المسؤولين لأكون بعدها أمّا؟ ظل العتاب يراودني ويقض مضجعي إلا أن الاحتساب لله كان بلسمي».
مرت ستة عشر عاما على الزواج، وتبين أن أناسا آخرين يشاركون حفيظة نفس القلق الدفين، «التحق بقطارنا ركاب جدد من أسرتي ومن خارجها، ومازالت أبواب القطار مفتوحة، وبكل مقطورة زوجان قد رزقا أو سيرزقان بفلذات أكباد نحقق فيهم الأحلام، فتحنا أبواب المقطورات على بعضنا فأصبح كل الأبناء أبناءنا وكل مقطورات القطار بيوتنا، كنت انتعش لسماع كلمة «ماما»، ووجدتني أبحث عن مجالات أخرى أكون فيها ذات نفع، فاخترت التمريض وأصبحت أقضي يومي في تضميد جرح وتخفيف ألم، وكلما راودتني أحلامي/آمالي أحتسب الأمر لربي» تقول حفيظة بكلمات خافتة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.