مرحى بخواء الوقت المغربي العتيد، ها تاريخ الأمر الواقع يعيد تكرار نفس اللعبة دون أفق، تنطلق التسخينات الأولية لكائنات الحملات المغشوشة، وفي الحقيقة ..الصندوق الشفاف جاهزوالشهود بهلوانات بلا أصوات . يحل موسم القفز على الحيطان و النصب على نوام القيلولة الطويلة .. يهب أعيان العشيرة لحصاد ما زرعوه في فصل الظلام والجهل الوثني المجيد . تذكير مبكر بساحة غامضة تكتظ بفشل البهلوانات، سوق مفتوحة لأقنعة حربائية ودكاكين سمسرة تزايد في الوعود والأوهام المضطربة والفخاخ الصدئة و سلع الأشباح . الآن .. يكون اللاعبون الصغار قد تداولوا في صيغ الهجوم و خطط ربح الأصوات الحاسمة المؤهلة للجلوس على كرسي المقاطعة الدوار، وبالتأكيد قدموا التسبيق لجوقة منبوذة تنشط في مواسم الهرج والمرج لاستغفال ضعاف الرؤية والإحساس . و لمكر الصدفة والتاريخ .. عايشت الكثير من محطات اللعبة الممجوجة المدعوة « انتخابات» ، مع الشباب كان الحلم قويا ، شاركنا فعلا في التعبئة بالصوت والصورة ، راقبنا سير العملية ، صرخنا و أسمعنا احتجاجنا ضد تزوير طاغ بليد، وضد النزاهة و حرية الاختيار، أسندت أغلب المقاعد لشرذمة من عبدة الحياد السلبي و طاعة ساكني المقاطعات ومقرات الأقاليم والعمالات، و في كل محطة، تزداد سنوات العمر الشقي، يتناقص بصيص الأمل ، تتحكم الشكارة في بلقنة الملعب، يتزايد تجار الأزمات و أغنياء آخر العنقود، ونحن .. يكبر معنا الألم، تحضننا الخيبة، ننسحب جماعات وفرادى، وتفرغ الساحة أمام خفافيش النواح وغربان مزادات قتل الفرح . في الحملة .. سماسرة ، عاهرات، فتوات، ذوو سوابق ، و ضحكات صفراءعلى شفاه مشلولة و أفواه جوقة مأجورة تملأ فضاء الدرب الجريح بالزغاريد و شعارات الوباء العظيم . و مع كل محطة انتخابية جديدة، يزداد عدد « الشناقة « و تجار الصوت الرخيص، تفقد الألوان والعلامات دلالاتها المزعومة ، يلتحق مشرملي الجيل القادم بموكب السلف غير الصالح الغارق في فقه التعتيم والتمييع، يختلط الأمرعلينا، نضرب كفا في كف، و قاب قوسين أو أدنى، قريبا من اليأس وشجرة العناد، نحلم بذاك اليوم البعيد الذي نرى فيه تصويتا نزيها وحملات تحترم ذكاء المستهدفين واحتراما للوعود و صدقا أكثر . أما عن الأرضية والمرجع و البرنامج، فتلك حكاية لغط لا أثر لها في الوثائق المثقوبة، جماعات وأسراب جمعت بينها اللحية و دينار الجبهة وجيفة الانتهازية والوصولية والحلم بتحسين الوضعية والقفزعلى الحواجز للانضمام إلى نادي أثرياء البلد و السيطرة على الجميع دون عمل أو مجهود يذكر، وبعدها .. لا رقيب ولا محاسبة ، لا شئ من العهد والمواثيق الأخلاقية، لا شئ من الدراسة و المعرفة تلزم المترشح نحو الكرسي السائب .. قليل من السنطيحة و الفهلوة يكفي . في فقرة تصويت، من قصة « دقائق سائبة « منشورة في مجموعتي « ارتعاشات ترفض التجنيس «( 2013 ) : « لم يكن في لائحة الترشيح سوى اسمه ، و مع ذلك ، أصر على القيام بحملة غير مسبوقة ، وزع الوعود المعسولة و الابتسامات الصفراء ، والذين شك في ولائهم، طالبهم بالقسم ومصيدة العار .. يعد التصويت و الحساب، كانت الصدمة، كل الأصوات ملغاة ولا واحد قبِل بالضرورة ، حتى الزعيم الجبان اشتدت عليه وطأة الزهايمر و نسي كتابة الاسم المنحوس « . أعرف أنك لن تقبل السباحة في نهر الانتهازية و استغباء البسطاء، تكره مياهه الملوثة، تعجز عن إدراك حقيقة بشاعته .. تتجاهل حيتانه العمياء و أفاعيه المخادعة و ترفض تلبية نداء الأقنعة المتاجرة بأحزان الظلمة . فعلا .. لا شئ سوى لعنة الصندوق وزمن الصندوق .. فلا تعاقب ضميرك .. إنهم يصعدون الأدراج المهترئة ، وأنت عتبة الولوج لمحراب الغدر و الخيانة ! تمسك بعنادك التاريخي المقدس و لا تستسلم !!!