بشكل غير منتظر وبعد مدة طويلة من الصمت يخرج العداء هشام الكروج عن صمته بخصوص اعتباره موظفا شبحا بوزارة الشباب والرياضة. ففي تصريح لإحدى الإذاعات المغربية عبر عن استيائه من ذلك وبأنه قدم للوطن الكثير ولا يجوز أن يتم التعامل معه بهذه الطريقة، وأن الأجر الذي يتقاضاه لا يعني شيئا أمام إنجازاته وأنه يستحق جوائز أضافية، وكأن ما يقدمه العمال من قوة العمل، وما يساهم به الفلاحون، وما يقدمه الموظفون من خدمات وما.. وما.. لا يعني أنها خدمة للوطن. لا ننكر أن هشام، وليس وحده، كان بطلا حقيقيا ونافس على أعلى المستويات وحقق إنجازات كبيرة، لكن كل هذا لا يشفع له أن يتقاضى أجرا من مالية الدولة، أي من مال دافعي الضرائب، دون أن يقدم ما يستحق عليه ذلك، وإلا سيكون مشجعا للريع الذي لم يعد مقبولا، خاصة أنه ليس في حاجة إلى عشرة آلاف درهم قال بأنها لا تعني له شيئا. ليس الكروج وحده من يحمل صفة الموظف الشبح، فهناك العشرات من المحظوظين الذين ظلوا ومازالوا يستفيدون من راتب شهري دون أن يلتحقوا في يوم بمقرات عملهم بوزارة الشباب والرياضة ومندوبياتها، ودون أن يقدموا ولو مشروعا واحدا يساهم في تطوير اللعبة التي يمثلونها، ومنهم من تعاقد مع فرق أو جامعات دون أن يكون للوزارة علما بذلك، وهو ما يساهم في عطالة العديد من خريجي معهد مولاي رشيد، ومنهم من بعيش خارج المغرب. ففي افتحاص سابق (2006) قام به المجلس الأعلى للحسابات، وقف هذا الأخير على استفادة العديد من الرياضيين ( موظفين) من راتبين وهو ما يتنافي مع قانون الوظيفة العمومية، مع التذكير أن المبررات الواهية للبعض تصطدم بالمرسوم الوزاري الصادر سنة 2005 والذي حدد الاستفادة من راتبين عندما يتعلق الأمر بالاتفاقيات التي تجمع المغرب بدول صديقة، أو في إطار المنظمات الدولية الجمعيات ذات المنفعة العامة، علما أن الجامعات الرياضية ليست لها صفة المنفعة العامة. العملية في بدايتها انطلقت كمشروع لدعم الرياضيين في بدايات مسيرتهم، وليس كما يعتبره الكروج حقا مكتسبا وظهيرا شريفا لا يحق لأحد مناقشته. فهل الكروج في حاجة لراتب ليس من حقه؟ وهل يعلم أن موظفي الدولة يقضون سنوات من العمل قد تفوق سنه الحالي دون أن يتمكنوا من تحصيل حتى نصف ما يتقاضاه؟ وهل يعلم ما يعانيه خريجو الجامعات والمعاهد العليا مع البطالة؟ وهل يعلم الباقون معه، من رياضيين وفنانين وكوميديين، أنهم بالفعل موظفون أشباحا؟ الغريب في كل هذا، هو أن موضوع الموظفين الأشباح بوزارة الشباب والرياضة كشفت عنه لائحة ظهرت سنة 2011 ، دون أن تتمكن الوزارة، أو دون أن يكون لوزرائها الشجاعة لاتخاذ قرار في شأنهم وكأن الكروج وغيره يملكون صفة مواطنين من درجة أولى. فإذا تكلم الكروج عن الوطن، واعتبر أن تقاضيه راتبا دون تقديم عمل يبرره، فسلام على الوطن ومزيدا من الريع. وفي الأخير دعونا نتساءل مع الكروج عن ما قدمه للوطن بعد اعتزاله ومراكمته للأموال الطائلة عوض التباكي على شئ ليس من حقه. فهل يعلم أن البطل الحقيقي هو من يكون وطنيا حقيقيا يساهم بقدر من ثروته التي كان للوطن فضل فيها. ولكي نضعه في صورة بعض الرياضيين، نحيله إلى ما قام به اللاعب ميسي حين قدم هبة بقيمة 4600 ألف يورو لإعادة بناء جزء من مستشفى للأطفال في مسقط رأسه روزاريو، وأنه أنشأ جمعية تحمل اسمه في روزاريو، وقدم لها هبة بقيمة 150 الف يورو، وإلى كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الإسباني الذي يتصدر قائمة أكثر الشخصيات الرياضية إقبالا على الأعمال الخيرية، حسب إحصائيات المنظمة الأمريكية المتخصصة في الأعمال الخيرية "DoSomething" . فقد تبرع لصالح طفل عمره 10 سنوات بمبلغ 83 ألف دولار لإجراء عملية جراحية على مستوى الدماغ، وبمبلغ 5 ملايين يورو كدعم لضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب النيبال وأودى بحياة أكثر من ألفي شخص، كما قاد حملة للتضامن مع منكوبي نيبال لجمع التبرعات وتسليمها لمؤسسة "Save The Children" الخيرية التي يرأسها والتي تعنى بإنقاذ الأطفال، وقام بتشييد مركز طبي لعلاج السرطان بمسقط رأسه بالبرتغال، وهو المركز الذي تلقت فيه والدة رونالدو دولوريس أفيرو العلاج خلال سنة 2008 حينما كانت تعاني من مرض سرطان الثدي، وإلى الأمريكي جون سينا، بطل رياضة المصارعة الحرة، الذي حل ثانيا حسب المنظمة الأمريكية، تلته مواطنته سيرينا وليامس، المصنفة الأولى عالميا بين لاعبات التنس المحترفات، ثم تلاهم نجم المنتخب البرازيلي نيمار دا سيليفا لاعب نادي برشلونة الإسباني خلف الكورية يونا كيم لاعبة التزلج، وإلى لاعب خط الوسط فريق " سبارتاك " الروسي دينيس غلوشاكوف الذي بنى ملعبا لكرة القدم في مسقط رأسه ميلليروفو (مقاطعة روستوف)، وإلى أسطورة ألعاب القوى العالمية العداء الجامايكي يوسين بولت الذي تبرع بمبلغ 1.3 مليون دولار لصالح مدرسته السابقة في جامايكا وبمبلغ500 ألف دولار لمنظمة الصليب الأحمر لصالح ضحايا زلزال سيشوان الذي قضى على 70 ألف صيني إلى جانب 18 ألفاً في عداد المفقودين... فأين الكروج من هؤلاء الأبطال الحقيقين وغيرهم الذين يساهمون ويعترفون يفضل أوطانهم عليهم ولا ينتظرون رواتبا لايستحقونها؟