مطاردة مثيرة، وصفت ب «الهوليودية»، قامت بها دورية من المياه والغابات لسيارة مشبوهة، خلال الساعات الأولى من صباح الجمعة 18 مارس 2016، بين خنيفرة والقباب، انطلاقا من غابات أجدير، لتتمكن الدورية من الوقوف على «صيد» ثمين غير متوقع، في حجزها لكمية كبيرة من المخدرات، تضاربت الأقوال حول وزنها ما بين طنين وأربعة أطنان، وهي عبارة عن 80 حقيبة من الشيرا (نوع 4011)، إلى جانب 20 حقيبة من الشيرا (نوع Gold) وحوالي 80 كيلو من مشتقات القنب الهندي، تخلى عنها أصحاب السيارة، بعد تضييق الخناق عليهم، وفرارهم عبر الشعاب تحت ستار الظلام، نحو وجهة مجهولة، في حين اختفت سيارة ثانية كانت تحميهم، وعلى متنها أشخاص لم تنجح محاولات تهديدهم لطاقم الدورية بسلاح ناري. واستنادا إلى مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، فإن دورية للمياه والغابات التابعة لأجدير، بإقليم خنيفرة، رصدت سيارة من الحجم الكبير نوع مرسيدس 310، وهي تقطع طريقها بشكل مثير للريبة، عبر منطقة «أولغس» التابعة ترابيا لجماعة البرج، فقامت الدورية بإعطاء أصحابها إشارة للتوقف، إلا أنهم لم يمتثلوا للأمر بعد أن عمدوا إلى مضاعفة السرعة بنية الفرار عبر خنيفرةالمدينة، ما حمل مسؤول غابوي بالمنطقة الغابوية لأكلمام أزكزا إلى ربط الاتصال بمجموع الوحدات المتنقلة، وبمسؤولي المديرية الإقليمية للمياه والغابات بخنيفرة الذين قاموا بدورهم بإخطار السلطات المختصة لتقع حالة استنفار قصوى وسط الوحدات الميدانية بغاية المساعدة في عملية المطاردة لإيقاف السيارة المشبوهة، حسب «تقرير مهمة» حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على بعض ما تضمنه من معطيات. وكان الجميع يعتقد، أول الأمر، أن السيارة، المشكوك في أمرها، محملة بخشب الأرز المهرب أو لها علاقة بجماعات إرهابية، حيث أصر طاقم دورية المياه والغابات على الاستمرار في المطاردة، رغم تسجيلها لوجود سيارة ثانية سياحية، رمادية اللون، من نوع رونو كونغو، عمد سائقوها إلى عرقلة سيارة الدورية، لتأمين الطريق للسيارة المشبوهة، بينما أقدم أحدهم على إشهار سلاح ناري باتجاه الدورية التي كان يتقدمها رئيس المنطقة الغابوية بأكلمام أزكزا، ولعل سيارة المسلحين هي نفسها التي تم العثور عليها مرمية بإحدى المناطق النائية بقرية «تيزي نغشو»، بعد فرار أصحابها على الأقدام داخل تلك المنطقة الوعرة. ويفيد التقرير المنجز من جانب مديرية المياه والغابات، أن الوحدات الميدانية التابعة للمياه والغابات لجأت إلى التمركز على مستوى المحاور الطرقية الوطنية، الجهوية منها والمسالك الغابوية، ما أسفر عن محاصرة السيارة المشبوهة التي اختار أصحابها عبور مسلك وعر ب «تيزي ايسديدن»، حيث اختبروا أسلوب الرشق بالحجارة دون جدوى، ما أجبر رئيس المنطقة الغابوية لأكلمام أزكزا، ورئيس مركز المحافظة وتنمية الموارد الغابوية بالقباب، على إطلاق عدة أعيرة نارية في الهواء، قدرتها مصادرنا بست رصاصات، من باب درء أي احتمالات محتملة. ووقتها كان أصحاب السيارة قد اختفوا خلف الظلام، بعد تخليهم عن سيارتهم التي تم فحصها وتفتيشها، في حضور المدير الإقليمي للمياه والغابات التي انتقل إلى عين المكان، والعثور بها على الكمية الكبيرة من المخدرات، إلى جانب خمس لوحات معدنية ذات أرقام مختلفة يستعملها المهربون لتضليل الحواجز الأمنية، فقام المدير الإقليمي حينها بإشعار مختلف السلطات المعنية التي حضرت إلى مسرح الواقعة، ومنها عقيد الدرك الملكي رفقة بعض العناصر من الفرق المختصة، والقائد رئيس دائرة القباب صحبة أفراد من السلطة المحلية، وبعد إشعار النيابة العامة تولت هذه الأخيرة مباشرة التحقيق في حيثيات ملف الواقعة المثيرة. وبينما لم تتأكد «الاتحاد الاشتراكي» ما إذا جرت حملة تمشيطية على مستوى الموقع بحثا عن الفارين أم لا؟، اكتفت مصادر متطابقة بما يفيد أن التحريات جارية، على قدم وساق، بغاية الوصول لهوية المشتبه بهم، وباقي الأطراف المشاركة في هذه العملية المرتبطة بتهريب المخدرات عبر الطرق «الآمنة» والمسالك المعزولة والغابوية، بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية وحواجزها، وينتظر المتتبعون الإيقاع بالمعنيين بالأمر قصد تعميق البحث معهم بشأن مصدر ووجهة البضاعة المحجوزة، واتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم، بينما لم يفت العديد من المهتمين بالشأن العام التساؤل بشدة حول الظروف التي مكنت أصحاب السيارة من العبور ب «بضاعتهم»، رغم كل الحواجز الأمنية القائمة على الطرقات.