سياسي يتسلل إلى جزيرة محتلة ويرفع أعلام إسبانيا قبالة ساحل الحسيمة        تيزنيت..."النجاحات" المعلّبة لمخطط المغرب الأخضر. 150 مليار في مهب الريح    الصحافي الراحل أنس الشريف الذي قتله الجيش الإسرائيلي ترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة    السكتيوي يطمئن المنتقدين ويؤكد جاهزية "الأسود المحلية" لمواجهة زامبيا        وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة    السكتيوي يرحب بالانتقادات بعد خسارة المغرب أمام كينيا ويكشف أسباب تراجع الأداء    توقيف مشتبه به في حريق غابة "كرانخا" بشفشاون    وفاة الأديب المصري صنع االله إبراهيم    تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    في ‬اللقاء ‬الذي ‬جمع ‬الوزير ‬برادة ‬وقيادات ‬النقابات ‬التعليمية :‬    مدريد ‬تتصدى ‬لقرار ‬يميني ‬يمنع ‬الشعائر ‬الدينية ‬ويستهدف ‬الجالية ‬المغربية ‬في ‬مورسيا    الذكرى ال46 لاسترجاع إقليم وادي الذهب: ملحمة بطولية في مسيرة استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية    أسعار الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء تسجل تفاوتاً كبيراً بين المنتجات    راشفورد ينتقد يونايتد: "يفتقر إلى الخطط"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة تجري بنجاح أول عملية زراعة كلية مع عدم توافق فصائل الدم ABO على المستوى القاري    في ‬مذكرة ‬وزير ‬الداخلية ‬إلى ‬الولاة ‬والعمال ‬حول ‬الجبايات ‬المحلية ‬ورؤساء ‬الجماعات ‬الترابية:‬    هل ‬دخلنا ‬المرحلة ‬ما ‬قبل ‬الأخيرة ‬لتطبيق ‬مقترح ‬الحكم ‬الذاتي ‬؟ ‬    إطلاق الصاروخ الأوروبي أريان 6 إلى الفضاء    فرنسا.. توقيف مراقب جوي بعد قوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    تراجع الدولار مع ترقب خفض أسعار الفائدة الأمريكية في شتنبر    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    القوات المسلحة تحقق في تعنيف أحد المهاجرين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء شبه مستقر    رحيل الأديب المصري صنع الله إبراهيم    دول أوروبية تتوعد النظام الإيراني بإعادة تفعيل آلية العقوبات    فوضى "الجيليات الصفراء" ببني ملال    بوتين يشيد بالقوات الكورية الشمالية    اعتقال شخص بعد إطلاق نار داخل مطار سيدني    تسكت تتألق في أمسية "رابافريكا"        منير القادري يتخلى عن مشيخة الزاوية البودشيشية لفائدة أخيه معاذ القادري        دورة سينسيناتي لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل لثمن النهاية    الجبهة المغربية لدعم فلسطين: سيون أسيدون وُجد فاقدا للوعي داخل منزله وعليه آثار إصابات على رأسه وكتفه "غير طبيعية"    غزة: صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من 11 شركة إسرائيلية    أنفوغرافيك | 25.84 مليون درهم.. لتمويل 40 مهرجان وتظاهرة سينمائية    حملة أمنية بوزان تطيح بمروجي مخدرات وتوقف مطلوبين للعدالة    المحلي يواصل التحضيرات للقاء زامبيا    "الكاف" يوجّه إنذارا لكينيا بسبب خروقات أمنية في بطولة "الشان"    المقاصة.. انخفاض النفقات الصادرة بنسبة 19,2 في المائة عند متم يوليوز الماضي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بارتفاع طفيف    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عتبات لقراءة «المنجز التشكيلي في المغرب»

تكتسي الكتابة عن حصيلة منجز الممارسة التشكيلية الوطنية قيمة كبرى في تجميع العناصر الارتكازية لإعادة تجميع عطاء التراث الرمزي الذي ينتجه المجتمع ونخبه المبدعة في سياق التطورات التاريخية الطويلة المدى. ويمكن القول، إن الكتابة عن تاريخ الممارسة التشكيلية الوطنية المعاصرة، يظل أمرا حديثا، مادامت نزوعات التنظير والتأصيل والتأسيس لهذه الممارسة، تظل – بدورها – حديثة النشأة والتطور. وإذا كانت الممارسة التشكيلية الفطرية قد اكتست كل السمات المختزلة لعبقرية الإنسان/ المبدع في جهوده لتطويع حميميات المكان مع مجسداته وألوانه وأشكاله وانطباعاته وعوالمه المادية وتمثلاته الذهنية، فإن الممارسة التشكيلية بأبعادها الحداثية الراهنة تظل مجالا خصبا لرصد معالم التحول والانبهار في أنماط تلقينا لقيم الجمال والعطاء التشكيلي داخل حياتنا الثقافية الوطنية الراهنة. هي قيم تجد أصولها في مجمل الموروثات التعبيرية التاريخية، وتخلق امتداداتها في التحولات الأنتروبولوجية والسوسيولوجية للفرد وللجماعة، وتنتهي مآلاتها بالارتقاء بالذوق الجمالي المشترك الذي يصنع الهوية البصرية لمغاربة الزمن الراهن. وداخل هذا المسار الطويل والممتد في الزمن، كان لابد أن تتأثر الذوات الفاعلة «بضجيج» محيطها لتأخذ – أولا – في التأثر بالوقع المادي المباشر لهذا «الضجيج»، ثم لتتجه – ثانيا – نحو بلورة قيم الفردانية في الفعل وفي المبادرة وفي التجديد. وقد أدت صدمة الاستعمار إلى رسم معالم هذا النزوع الحتمي نحو العودة إلى الذات لمساءلة أصواتها الخفيضة، قبل الانتقال إلى خلق عوالمها المخصوصة في زمانها وفي مكانها وفي شخوصها وفي رموزها، وقبل ذلك في أدواتها وفي طرق استنفارها لهذه الأدوات داخل مسارات صنع التجارب أو «المدارس».
لكل ذلك، أضحى مؤرخ اليوم ينحو نحو تجميع جزئيات التاريخ الذهني الذي أثمر تجارب الفن التشكيلي المغربي المعاصر، بالنظر لقدرة هذا التجميع على استكناه عتمات التراث الرمزي المجرد الذي ظل – لعقود طويلة – ينفلت من بين صنعة كتابة التاريخ بأبعادها الحصرية التخصصية الضيقة. لذلك، فإن صدور العمل التصنيفي الجديد للفنان إبراهيم الحيسن يشكل إضافة لا شك وأنها تساهم في تحقيق التراكم الضروري الخاص برصد إواليات انتظام «الخطاب التشكيلي» لمغاربة الزمن الراهن، عبر الكشف عن أسس العلاقات القائمة أو المفترضة لنظيمة الثابت والمتغير داخل أسئلة الممارسة التشكيلية الوطنية لعقود القرن الماضي. ونظرا لأن العمل قد اتخذ صبغة اختزالية بالتركيز على «التجارب الكبرى» التي صنعتها «المراكز»، فإننا سنركز الحديث – أساسا – على تجربة «مدرسة أصيلا التشكيلية»، حسب ما ورد داخل متن الأستاذ الحيسن، ففي ذلك اختزال لحدود السقف العام الذي اعتمده المؤلف في تجميعه لمواد دراسته ولطرق توظيف هذا التجميع واستثمار خلاصاته الكبرى.
صدر كتاب «المنجز التشكيلي في المغرب – روافد وسمات»، لمؤلفه إبراهيم الحيسن سنة 2015، في ما مجموعه 272 من الصفحات ذات الحجم المتوسط. وقد سعى فيه صاحبه إلى رصد معالم التميز داخل مدارس الفن التشكيلي الوطني المعاصر، ومن بينها «مدرسة أصيلا» التي ارتبطت بتجربة المواسم الثقافية التي تنظمها مؤسسة «منتدى أصيلة» صيف كل سنة. ورغم أن الكتاب قد حاول التدقيق في السياقات التي صنعت سقف التميز بالنسبة «لمدرسة أصيلا» التشكيلية، فإن النبش قد جاء اختزاليا في أبعاده العامة، مادام قد حصر التجربة في عطاء «مهرجان أصيلا»، مع تغييب واضح للتجارب العديدة التي أينعت وتبلورت خارج تجربة المهرجان المذكور، مثلما هو الحال مع تجربة الفنان خليل الغريب. أضف إلى ذلك، أن المؤلف قد أغفل – بالكامل – الحديث عن التجارب وعن الذوات المتحكمة في منعرجات هذه التجربة، فكان أن حضرت أسماء من خارج دوائر الممارسة التشكيلية المحلية، لتبرز كعناصر موجهة لخصوبة عطاء هذه الممارسة المحلية. فباستثناء الفنان محمد المليحي، لم يهتم المؤلف بأي من الأسماء الكثيرة التي أنجبتها الساحة الثقافية المحلية، من أمثال إبراهيم الجباري، وعبد الرحمن ملوك، وخليل الغريب، ومحمد الأمين المليحي، وأمينة أسينسيو، وعبد العليم العمري، واليزيد العيساوي، وعبد الإله بوعود، ومعاذ الجباري، وحكيم غيلان، وأنس البوعناني، وسهيل بنعزوز، ومحمد عنزاوي ...
باختصار، فالكتاب يسعى لحصر توثيقه لحصيلة العطاء التشكيلي لمدينة أصيلا داخل تجربة ضيوف «مهرجان أصيلا»، عبر تقديم قراءات تركيبية لإسهامات أسماء وطنية ودولية مرت عبر هذا المهرجان وخلفت بصماتها ومنجزاتها القائمة والشاهدة على معالم تحول الهوية البصرية المحلية، مثلما هو الحال مع كل من محمد شبعة ومحمد القاسمي وروبيرت بلاكبورن ومحمد حميدي وعبد الله الحريري وفريد بلكاهية وميلود لبيض وعبد الرحمن رحول ...
وبذلك، فالكتاب يسعى لتقديم تجميع لمجمل خلاصات القراءات التركيبية التي أنجزت حول تجربة «الموسم» وحول حدود الإبداع والتجديد داخل مبادرات هذه التجربة الإبداعية والجمالية والإنسانية الرحبة، من خلال قراءات «الضيوف» وانطباعاتهم المباشرة. وللاستدلال على هذا المنحى، يمكن الاستشهاد بشهادة الفنان محمد القاسمي بخصوص تجربة «الجداريات» وسياقات تبلور الفكرة والأفق الذي ساهم في تأطير المشروع. يقول المؤلف : «ابتداء من التاسع والعشرين أبريل 1978، ستشهد مدينة أصيلة ... نقطة تحول كبيرة باحتضانها أول نسخة لتظاهرتها الفنية المعروفة بصباغة الجداريات ... كفقرة أساسية ضمن أنشطة الموسم، وقد شارك فيها 11 فنانا تشكيليا ينتمون إلى الجمعية المغربية للفنون التشكيلية ... عن هذه الدورة التأسيسية قال الراحل محمد القاسمي: ‹إحساسي ينطلق من الحماس للفكرة كوسيلة، كمشروع للخروج من المحيط الضيق إلى المجال الأوسع، والجانب الأهم في نظري، هو مشاركة جماعية يصبح فيها الحوار ليس فقط مع الفنانين بعضهم، بل يتسع إلى الناس أهل المدينة. فكرة العمل المباشر كانت تختمر منذ مدة لدى بعض الإخوة الفنانين: إيجاد مسالك ومنافذ جديدة للتقرب من الناس ... هذا الاحتكاك بجمهور الشارع يعري المشكلات الحقيقية والأساليب المرتبطة بدور الفنان داخل حركة تاريخية معينة ...› ... تظل تجربة مدينة أصيلة الثقافية والإبداعية تثري تجاربنا العربية ليس فقط بالمستوى الجماهيري في المشاركة العملية والوجدانية بأعمال واهتمام الفنان فحسب، وإنما بخلق قاعدة عريضة من التذوق الفني والمعرفي بحرفية العمل الفني وفوائده على المستوى الجماهيري ...» (ص ص. 76 – 78).
وعلى هذا المنوال، تنساب باقي المضامين، لتقرأ تحولات المشهد البصري بمدينة أصيلا عبر أعين «المهرجان» وعبر تمثلات زواره وضيوفه ومبدعيه ومريديه، في انتظار كتابة تاريخية مجهرية لتطور الممارسة التشكيلية الراهنة، في منطلقاتها التأسيسية الأولى وفي امتداداتها التجديدية الراهنة وفي نبضها الهوياتي المحلي العميق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.