نشرت صحيفة «تسايت» الألمانية، تقريرا تحدثت فيه عن المستقبل الغامض الذي ينتظر الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد وصول الرئيس المنتخب دونالد ترامب للبيت الأبيض. وقالت الصحيفة في تقريرها إن أمريكا تعرف عادة بأنها «شرطي العالم»، لكن هذا الدور قد ينتهي قريبا في ظل حكم ترامب، الذي تفصله أيام قليلة عن البيت الأبيض. وأكدت أن «عصر الهيمنة الأمريكية على العالم قد انتهى، وذلك لا يرتبط بشخصية ترامب المثيرة للسخرية فحسب، بل أيضا بأهدافه التي تعكس غروره ونزعته القومية السطحية»، فقد وعد ترامب بأن «تصبح الولاياتالمتحدةالأمريكية عظيمة مجددا»، وهو «هدف مشابه لأهداف رؤساء آخرين، على غرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين». وبينت الصحيفة أن «هذه الهيمنة ترتبط بعامل التفوق الحضاري للولايات المتحدةالأمريكية على بقية الدول الأخرى في فترة حكم الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين، بداية من وودرو ويلسون، وصولا إلى باراك أوباما». وأضافت أن ترامب «لن يضع حدا لعصر الهيمنة الأمريكية باعتباره تجسيدا لمقومات القوة العالمية، فالولاياتالمتحدة ستبقى مهيمنة في المجال العسكري بفضل قوة الجيش الأمريكي، والتكنولوجيا المتطورة، بالإضافة إلى هيمنتها المالية عن طريق بورصة (وال ستريت) التي تعد المركز المالي العالمي، إلى جانب أهمية الدور الذي يلعبه البنك الاحتياطي الفيدرالي في رسم الخطوط العريضة للسياسة الاقتصادية العالمية». وذكرت الصحيفة أن انتخاب ترامب لا يعني زوال الولاياتالمتحدةالأمريكية، «بل ستبقى هذه الدولة تطالب بقيادتها للعالم الحر، رغم أن النفوذ الأمريكي كان على وشك الزوال على يد جورج بوش الذي جعل منه مجرد أداة لاستعراض العضلات، والغطرسة المثيرة للجدل»، لافتة إلى أن أوباما «حاول أن يغير هذه السياسة الخاطئة، نظرا لتأثيرها السلبي على الوزن العالمي للولايات المتحدة». وقالت إن انتخاب أوباما مثّل رسالة لكل العالم، مفادها أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تلعب دورا مهما في العالم، «فانتخاب رجل أسود؛ يمثل بالنسبة للدولة الأمريكية ولأوروبا بأسرها؛ تكفيرا عن عصر الاستعمار والعبودية». وأضافت أن هيلاري كلينتون أثبتت عند تقلدها منصب وزيرة الخارجية؛ أنها قادرة على قيادة الدولة أكثر من أوباما؛ من خلال تدخلها في الملف الليبي، وتهديدها للصين، مشيرة إلى أن «خسارة كلينتون في الانتخابات الرئاسية تعني نهاية الأمل في إحداث تغيير تاريخي في السياسة الأمريكية، وبداية الانحطاط العالمي بعد دور الزعامة الذي لعبته الولاياتالمتحدة». وبينت الصحيفة أن دونالد ترامب يريد عزل الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ من خلال تأكيده على أن كل العالم سيخشى بلده، وأن الجميع يجب أن يتعامل معها باعتبارها أعظم قوة في تاريخ البشرية. وذكرت أن «نهاية عصر النفوذ الأمريكي على العالم؛ لن تمثل صدمة للجميع، فسكان أمريكا الوسطى مثلا لا يحترمون سكان الولاياتالمتحدةالأمريكية»، لافتة إلى أن «أوروبا هي الطرف الوحيد الذي يرتبط مصيره بالهيمنة الأمريكية، التي تعني تواصل السيطرة الأوروبية التي انطلقت منذ انتصرت القوات البريطانية على الجيش المغولي في ضفاف نهر الغانج سنة 1757، وإلى غاية اندلاع الحرب العالمية الأولى». وأضافت الصحيفة أن الهيمنة الأمريكية تواصلت لاحقا رغم تتالي أخطاء الرؤساء الأمريكيين الذين تسببوا في اندلاع حروب لا طائل تحتها، بينما تسبب وودرو ويلسون في اندلاع حرب عالمية انتهت بخروج الولاياتالمتحدةالأمريكية منتصرة منها، ومهدت الطريق لهيمنتها على العالم. وبينت أن القيادة الأمريكية عرفت أول فشل لها في القرن ال20، عندما لم تتدخل لمواجهة غطرسة ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، في انتظار عملية قصف ميناء «بيرل هاربر» من قبل القوات اليابانية. وأكدت أن عصر الهيمنة الأمريكية تميّز بالصراعات الداخلية والخارجية والغموض السياسي، «وقد ساهمت هذه الهيمنة في رسم تاريخ قارة أوروبية مظلمة؛ تعيش في تبعية للولايات المتحدة». وأوضحت الصحيفة أن رئيس الوزراء البريطاني، وينستون تشيرشل، ساهم في رسم تاريخ هذه الهيمنة من خلال تأسيسه لأسطورة الانتصار التاريخي للشعوب الناطقة باللغة الإنجليزية، بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب. وأشارت إلى أن «هذا الدور القيادي للولايات المتحدة في العالم؛ يبدو أكثر وضوحا في المجالات العسكرية والمالية والتقنية، وستشكل هذه الهيمنة صدمة لأوروبا، التي ستبقى في حيرة بشأن طريقة التعامل مع هذه القوة المهيمنة». وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن الهيمنة الأمريكية ساهمت في وضع حدّ للتوتر في العلاقات الأمريكية الألمانية، لافتة إلى أن انتخاب ترامب سيشكل نقطة تحول في هذه العلاقات «نظرا للمسار الخاص بالسياسة الأمريكية المستقبلية».