«باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    ريال مدريد تخدم مصالح نصير مزراوي    السعوية.. أمطار غزيرة وسيول تتسبب في إغلاق المدارس بأنحاء المملكة    بركة يحصي مكاسب الاتفاق الاجتماعي ويقدم روايته حول "أزمة اللجنة التنفيذية"    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    عبد اللطيف حموشي يستقبل سفير جمهورية باكستان الإسلامية بالرباط    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    السفير محمد لخصاصي، القيادي الاتحادي وقيدوم المناضلين الاتحاديين .. أنوه بالمكتسبات ذات الطابع الاستراتيجي التي يسير حزبنا على هديها    لقجع "مطلوب" في مصر بسبب الشيبي    اختتام الوحدة الثالثة للدورة التكوينية للمدربين لنيل دبلوم "كاف برو"    الوداد يغلق باب الانخراط ببلوغه لرقم قياسي    ال"كاف" يقر بهزيمة اتحاد العاصمة الجزائري إيابا بثلاثية وتأهل نهضة بركان إلى النهائي لمواجهة الزمالك    نور الدين مفتاح يكتب: فن العيش بجوار الانتحاريين    إسطنبول.. وفد برلماني يؤكد موقف المغرب الراسخ من عدالة القضية الفلسطينية    صحف أمريكية تقاضي "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" بتهمة انتهاك حقوق الملكية    ميارة يثني على مخرجات الاتفاق الاجتماعي ويرفض اتهام الحكومة ب"شراء النقابات "    مسيرات نقابية في مختلف المدن المغربية لإحياء يوم العمال العالمي    الداخلة .. قطب تجاري ولوجستي لا محيد عنه في القارة الإفريقية    الإعلامي حميد سعدني يحل ضيفا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك    توافد 3,3 مليون سائح برسم الفصل الأول من سنة 2024    صفعة جديدة لتونس قيس سعيّد.. عقوبات ثقيلة من الوكالة العالمية للمنشطات على تونس    حكيمي يواجه فريقه السابق بروسيا دورتموند في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    دراسات مرتقبة لربط تطوان وطنجة بخط سككي لتعزيز المواصلات بالشمال    إدارة السجن المحلي بالناظور تنفي مزاعم تسبب التعنيف والإهمال في وفاة سجينين    حريق بمحل لبيع المفروشات بسوق كاسبراطا بطنجة يثير هلع التجار    تفاصيل البحث في تصوير تلميذة عارية بوزان    طائرة مغربية بطنجة تتعرض لحادث تصادم مع سرب طيور        الحكومة تعلن عن مشروع لصناعة أول طائرة مغربية بالكامل    منيب: "لا مانع من إلغاء عيد الأضحى بسبب الأوضاع الاقتصادية للمواطنين    بنسعيد: اختيار طنجة لإقامة اليوم العالمي للجاز يجسد قدرة وجودة المغرب على تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى    فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    ارتفاع الحصيلة في قطاع غزة إلى 34568 قتيلا منذ اندلاع الحرب    فاتح ماي فكازا. بركان حاضرة بتونيها عند موخاريق وفلسطين جامعاهم مع نقابة الاموي والريسوني والراضي ما غابوش وضربة اخنوش ما خلاتش العمال يخرجو    مجلس المنافسة يرصد احتمال وجود تواطؤ في تحديد أسعار السردين ويحقق في الموضوع    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع وسط ترقب قرار للمركزي الأمريكي    النفط يتراجع ليوم ثالث بضغط من تزايد آمال التوصل لتهدئة في الشرق الأوسط    إسطنبول تشهد توقيفات في "عيد العمال"    "داعش" تتبنى مهاجمة مسجد بأفغانستان    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    "الاتحاد المغربي للشغل": مكاسب الاتفاق الاجتماعي مقبولة ولن نقبل "الثالوث الملعون"    هل تستطيع فئران التجارب التلاعب بنتائج الاختبارات العلمية؟    جمعية طبية تنبه إلى التهاب قناة الأذن .. الأسباب والحلول    تطورات جديدة في مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا    في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع    المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب    بعد 24 عاما على طرحها.. أغنية لعمرو دياب تفوز بجائزة "الأفضل" في القرن ال21    الشرطة تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين في مداهمة لجامعة كولومبيا بنيويورك    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يشارك بروما في فعاليات المنتدى الأكاديمي والعلمي    تساقطات مطرية في العديد من مناطق المملكة اليوم الأربعاء    حارة نجيب محفوظ .. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي ب"عميد الرواية العربية"    بماذا اعترفت أسترازينيكا بشأن لقاحها المضاد لكورونا؟    الأمثال العامية بتطوان... (586)    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب والإصلاح..! (1)

عندما يكون المغرب في حالة اختناق، لابد من البحث عن مشجب الأحزاب.
وعندما يكون في لحظة الإصلاح، لابد من مشجب الأحزاب.
وعندما يكون في لحظة جمود وذهول، لابد من مشجب الأحزاب..
منطقيا يبدو الأمر عاديا، لأن الديموقراطية بلا أحزاب لا وجود لها، ولأن الديموقراطية هي أولا عندما تكون تمثيلية كالتي اختارها المغرب، لا تقوم إلا بالأحزاب.
ومن هذه الزاوية يكون من المفيد، فعلا، أن توضع دعوات إصلاح الأحزاب وتأهيلها وتطهيرها وتقويتها من أولويات الديموقراطية التي نريدها جميعا.
لكن، وهناك دوما لكن عندنا، هل كل الدعوات التي تتحدث عن الأحزاب وقصورها، هي دعوات مقبولة وتنطلق من نفس الهدف ومن نفس الإرادات الحسنة؟
في الواقع لا داعي لمحاكمة النوايا، والمطلوب هو تمحيص كل المحطات التي تقوم فيها مثل هذه الاجتهادات النبيلة لفائدة ديموقراطيتنا، حفظها الله، من المتطرفين ومن المندسين والمتزلفين، ومن الذين لا حاجة لهم بالتمثيلية.
عندما تحدث عاهل البلاد وقائد ثورتها الهادئة اليوم عن الأحزاب، ورد ذلك في عبارة وحيدة وواحدة مباشرة، وتعني أحزابنا، وهي تنص بالحرف على : «تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين، بتقوية دور الأحزاب السياسية، في نطاق تعددية حقيقية، وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية، والمجتمع المدني ...».
وهو تنصيص على تقوية الأحزاب، وتقوية دورها وقاعدتها واختصاصاتها.
وهذا الموقف الواضح هو الأسلم، وهو القاعدة التي علينا أن ننطلق منها لتقويم الأحزاب.
فلا يجب أن ننسى الدروس التي قدمها التاريخ لنا في باب المحاكمات الخاصة بالهيئات السياسية.
هناك درس قريب للغاية، وهو الدرس الذي وضعوا له سبورة كبيرة بحجم الوطن ما بعد 2007 . وبدأ الحديث يدور عن شيخوخة الأحزاب وعن ترهلها وتورطها في الصراعات الداخلية وعدم قدرتها على إفراز النخب.
وقد عرفنا ماذا حصل من بعد على قاعدة هذا الخطاب، وكيف أن الحل الذي تم اقتراحه على بلادنا سرعان ما أصبح مشكلة في الحقل السياسي.
وهناك اليوم من اعتبره فتحا يهاجمه بفعل الأوضاع الحالية (وهذا موضوع آخر).
لكن الثابت أن نفس الأسباب، ونفس المقدمات تعود من جديد لكي تبرز أن الأحزاب غير قادرة بتاتا على التفاعل مع هذا الإصلاح.
لن نقول إن هناك أحزابا لها تاريخها ولها مسيرتها، وأخرى جيء بها بالضبط لكي تعرقل هذه المسيرات، لن نقول إن احتقان الحقل السياسي، دفع بالكثير من هذه الأحزاب إلى التآكل أو إلى التجريبية التي قادت إلى انشقاقات متتالية، لن نقول إن اللحظات العصيبة التي عاشتها بعض الأحزاب الحقيقية استغلها البعض في الإجهاز عليها وتقديمها كما لو أنها عش للصوصية وللقتلة وللمعدمين، بغير حق، في محاولة للقضاء النهائي عليها وتبرير سلطة التقنوقراطية.
لقد كان للأحزاب الحقيقية تاريخ مع موجات الانتقال غير السليمة.
بدأت منذ الستينيات، حيث كان المبرر هو أن المغاربة ليسوا في حاجة إلى الانتخابات وإلى صناديق الإقتراع، بل إلى خبز يأتي به الجنرال المتعانق مع بقايا الإدارة الفرنسية، وتطهوه يد الخبراء المحمومة.
ورأينا مآل الدعوات تلك، وكيف أن الجنرال قاد الانقلاب وقاد القتلة، وأن المركب المهدد، كانت فيه الأحزاب والملكية على حد سواء.
وبعد كل الاستثناءات والحرب الحديدية ضد الأحزاب الوطنية، التي كانت تعد على رؤوس الأصابع في اليد الواحدة، وجدنا أنفسنا أمام دعوات تقول بأن المغرب في حاجة إلى أحزاب المسيرة الخضراء، أحزاب المغرب الجديد.
ودعا الطابخ من جديد إلى المطبخ، لكن هذه المرة لم يكن الجنرال، بل كانت يد الجهاز السري التي تصنع «البريوات» والطرود الملغومة وترسل الإسكافيين إلى ضرب الاختيار الديموقراطي.
وماعت اللعبة وكان الحرص هو أن تكون الأحزاب العتيقة ماضيا حقيقيا.
وعندما عجزت الطرود والكوكوط على صناعة الأحزاب، تم الانتباه إلى أن الجدلية الفعلية هو تحويلها كلها إلى صناعة واحدة.
وبرزت الفكرة الجهنمية: أولاد عبد الواحد كلهم واحد.
ولما جاء التناوب، وتحققت الفكرة تبين بأن المطلوب هو أن تكون الأحزاب خارج الأجندة المستقبلية للمغرب.
كل ذلك حدث، وهناك من ينسى بأن حربا حقيقية تخاض على التشكيلات السياسية التي تستقل بقرارها وتريد أن تصلح نفسها بنفسها دون خدمة فكرة غير بريئة بالقول إن الأشياء تعرقلها الأحزاب.
فهل الأحزاب هي خير ما نملك؟
لا أحد يمكنه أن يدعي ذلك، فقد بينت وقائع الراهن بأن هناك مستويات كبيرة من الترهل وحتى الانحطاط، وتبينت، أيضا، أن هناك اختلالات، يحسن بنا، موضوعيا، أن نضعها في إطارها، بلا تحامل وبلا تبخيس..
ولا شك، أيضا، أن ثقافة التطوع ونكران الذات والسمو الوطني، قد تراجعت لحسابات المواقع والاستيلاء والتملك.
لكن لا يجب أن نرمي الصبي مع الماء، كما يقال..
إن التقدير الموضوعي، هو الذي يضع المتطلبات السياسية للتأهيل الوطني الشامل في سياقها حتى يحررها من الاختزال.
فقد تكون وراء الخطابات الجميلة نوايا نرددها بدون تقدير عميق: هناك من اعتبر بأن الدعوة إلى ربط ممارسة السلطة بالمسؤولية السياسية، سحب للبساط إلى الأبد من تحته، وبذلك فإنه يريد أن يوهم الناس بسؤال ضمني «لمن تريدون تسليم المسؤولية السياسية، ألهؤلاء الأحزاب المترهلة الفاسدة والمفسدة»؟
القانون سيطهر الجميع وقادر على ذلك.
ورحم الله مناضلا من حجم الوديع الأسفي الذي كان يردد «اللهم افضحنا إذا سرقنا وإذا غششنا شعبنا».
وما يمكن أن يأتي في المستقبل هو تكريس الحياة السياسية السليمة.
لقد كانت بعض الدعوات، التي تدعو إلى تتفيه الأحزاب، والتشكيك في جدواها، بابا للدكتاتورية والاستبداد، ثم بابا للتدخل الإداري وبناء الأدوات السياسية لتدخل الإدارة في السياسة، وبعدها تكون مبررا لتولي التقنوقراط للحكم، وبعد ذلك لتلجيم المطالب الإصلاحية، وربما نعيش مرحلة من تلك الدعوات.
ولا شك أن الغموض والتضليل، كما يقول الشهيد عمر، هما من أدوات القمع أيضا.
لهذا يكون على الزملاء، الذين نعزهم في معركة التثوير هاته، أن ينتبهوا إلى ما قد يحمله هذا الخطاب من مخاطر، ثبت في أقل من عقد من الزمن أنه كان تمهيدا لقتل السياسة بالكامل.
إن الأحزاب مطالبة بالتغيير ضمن منظومة كاملة، ولا يمكنها أن تتقوى بإصلاح نفسها فقط، بل بإصلاح الدولة أيضا. فهو الإصلاح الأقوى الذي تنتظره المرحلة السياسية من أجل تعبئة بلادنا في الاتجاه الصحيح، الاتجاه الذي عبر عنه عاهل البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.