نزاع حول أرض زراعية يخلف قتلى بالعراق    غزة: عشرات الخيام تغرق في مواصي خان يونس جراء الأمطار الغزيرة    محمد نمسي يحرز الذهب في الرياض    مكناس…توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في تورطهم في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال السلاح الأبيض    نشرة خاصة: زخات مطرية قوية السبت والأحد بعدد من مناطق المغرب    عامل العرائش و السلة الفارغة: كيف أنهى الأسطورة و تحققت نبوءة الانهيار!    ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,2 في المائة مقابل الدولار الأمريكي ما بين 6 و12 نونبر 2025    وليد الركراكي: علينا المحافظة على الثقة في هذه المجموعة ونحن نعرف كيفية تحقيق الفوز    ليكيب: المغرب يحطم رقمه العالمي في عدد الانتصارات المتتالية بفوزه على الموزمبيق    من هو عبد الله اشويخ المدير الجديد لوكالة "أنابيك"؟    مديرية التحديث بوزارة العدل تعيش حالة شلل بعد إعادة انتشار موظفيها    المال مقابل الدراسة.. رصاصة جديدة تطلقها حكومة أخنوش على الطبقة المتوسطة    وادي المخازن وخلل الموازين / الجزء 12    ترامب: آمل بانضمام السعودية إلى "اتفاقات أبراهام" قريبا... وبن سلمان يزور واشنطن الأسبوع المقبل    استفادة الجيش الصيني من "علي بابا" تثير الجدل    أمطار رعدية قوية... نشرة إنذارية تشمل طنجة وتطوان وعدة مناطق شمالية    الملك يجدد الدعم لحقوق الفلسطينيين    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    حجز أزيد من 23 ألف قرص مخدر وتوقيف شخصين بالدار البيضاء    "التقدم والاشتراكية" يعلن رفضه لمشروع قانون مالية 2026 ويصفه ب"المخيّب للآمال"    قمة متناقضة بين "الماط" المتصدر ورجاء بني ملال الأخير    نواب "العدالة والتنمية" يطالبون بلجنة تقصّي حقائق في صفقات الدواء وسط اتهامات بتضارب المصالح بين الوزراء    الأستاذ اللبار يدعو إلى رفع مستوى العناية بذوي الاحتياجات الخاصة    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    ترامب يلمح لقرار بشأن فنزويلا والجيش الأمريكي يبدأ عملية ضد تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    محام: المحجوزات تتراكم في المحاكم    خطاب "العُكار": حين يفضح "أحمر الشفاه" منطق السلطة..تحليل نقدي في دلالات وأبعاد تصريح وزير العدل حول الفساد    طقس ممطر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    الجديدة تحتضن المؤتمر العام الإقليمي للاتحاد العام للمقاولات والمهن بحضور شخصيات وازنة    هل تستطيع الجزائر تفكيك سردية العداء لبناء وطنها المُتخيَّل؟ .    مباراة ودية بطنجة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف لصفر    المغرب يهزم الموزمبيق ودياً بهدف أوناحي.. والركراكي: "لدينا اليوم أسلحة متعددة وأساليب مختلفة"    المسرحية المغربية "إكستازيا" تهيمن على جوائز الدورة 30 لمهرجان الأردن المسرحي    المنتخب المغربي يهزم موزمبيق وديا.. أوناحي يسجل أول هدف في ملعب طنجة بعد تجديده    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    الجزائر.. إجلاء عشرات العائلات جراء حرائق غابات كبيرة غرب العاصمة    تداولات بورصة الدار البيضاء سلبية    الطرق السيارة بالمغرب.. افتتاح فرع مفترق سيدي معروف بمعايير هندسية وتقنية دقيقة    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    إطلاق المرحلة الثالثة من تذاكر "الكان"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    بوانوو: بلاغ وزارة الصحة لم يحمل أي معطى حول شبهة تضارب المصالح ولم يشرح التراخيص المؤقتة للأدوية التي يلفها الغموض التام    جنوب إفريقيا تحتجز 150 فلسطينيا    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    شركة الإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على تجربة القناة الرابعة في دعم المواهب الموسيقية    صنصال يؤكد أنه "قوي" لن يدمره السجن و"متفائل" بتحسن العلاقات الفرنسية الجزائرية    المركز الثقافي الصيني بالرباط يُنظّم حفل "TEA FOR HARMONY – Yaji Cultural Salon"...    مجلس النواب يصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    المسلم والإسلامي..    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب والإصلاح..! (1)

عندما يكون المغرب في حالة اختناق، لابد من البحث عن مشجب الأحزاب.
وعندما يكون في لحظة الإصلاح، لابد من مشجب الأحزاب.
وعندما يكون في لحظة جمود وذهول، لابد من مشجب الأحزاب..
منطقيا يبدو الأمر عاديا، لأن الديموقراطية بلا أحزاب لا وجود لها، ولأن الديموقراطية هي أولا عندما تكون تمثيلية كالتي اختارها المغرب، لا تقوم إلا بالأحزاب.
ومن هذه الزاوية يكون من المفيد، فعلا، أن توضع دعوات إصلاح الأحزاب وتأهيلها وتطهيرها وتقويتها من أولويات الديموقراطية التي نريدها جميعا.
لكن، وهناك دوما لكن عندنا، هل كل الدعوات التي تتحدث عن الأحزاب وقصورها، هي دعوات مقبولة وتنطلق من نفس الهدف ومن نفس الإرادات الحسنة؟
في الواقع لا داعي لمحاكمة النوايا، والمطلوب هو تمحيص كل المحطات التي تقوم فيها مثل هذه الاجتهادات النبيلة لفائدة ديموقراطيتنا، حفظها الله، من المتطرفين ومن المندسين والمتزلفين، ومن الذين لا حاجة لهم بالتمثيلية.
عندما تحدث عاهل البلاد وقائد ثورتها الهادئة اليوم عن الأحزاب، ورد ذلك في عبارة وحيدة وواحدة مباشرة، وتعني أحزابنا، وهي تنص بالحرف على : «تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين، بتقوية دور الأحزاب السياسية، في نطاق تعددية حقيقية، وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية، والمجتمع المدني ...».
وهو تنصيص على تقوية الأحزاب، وتقوية دورها وقاعدتها واختصاصاتها.
وهذا الموقف الواضح هو الأسلم، وهو القاعدة التي علينا أن ننطلق منها لتقويم الأحزاب.
فلا يجب أن ننسى الدروس التي قدمها التاريخ لنا في باب المحاكمات الخاصة بالهيئات السياسية.
هناك درس قريب للغاية، وهو الدرس الذي وضعوا له سبورة كبيرة بحجم الوطن ما بعد 2007 . وبدأ الحديث يدور عن شيخوخة الأحزاب وعن ترهلها وتورطها في الصراعات الداخلية وعدم قدرتها على إفراز النخب.
وقد عرفنا ماذا حصل من بعد على قاعدة هذا الخطاب، وكيف أن الحل الذي تم اقتراحه على بلادنا سرعان ما أصبح مشكلة في الحقل السياسي.
وهناك اليوم من اعتبره فتحا يهاجمه بفعل الأوضاع الحالية (وهذا موضوع آخر).
لكن الثابت أن نفس الأسباب، ونفس المقدمات تعود من جديد لكي تبرز أن الأحزاب غير قادرة بتاتا على التفاعل مع هذا الإصلاح.
لن نقول إن هناك أحزابا لها تاريخها ولها مسيرتها، وأخرى جيء بها بالضبط لكي تعرقل هذه المسيرات، لن نقول إن احتقان الحقل السياسي، دفع بالكثير من هذه الأحزاب إلى التآكل أو إلى التجريبية التي قادت إلى انشقاقات متتالية، لن نقول إن اللحظات العصيبة التي عاشتها بعض الأحزاب الحقيقية استغلها البعض في الإجهاز عليها وتقديمها كما لو أنها عش للصوصية وللقتلة وللمعدمين، بغير حق، في محاولة للقضاء النهائي عليها وتبرير سلطة التقنوقراطية.
لقد كان للأحزاب الحقيقية تاريخ مع موجات الانتقال غير السليمة.
بدأت منذ الستينيات، حيث كان المبرر هو أن المغاربة ليسوا في حاجة إلى الانتخابات وإلى صناديق الإقتراع، بل إلى خبز يأتي به الجنرال المتعانق مع بقايا الإدارة الفرنسية، وتطهوه يد الخبراء المحمومة.
ورأينا مآل الدعوات تلك، وكيف أن الجنرال قاد الانقلاب وقاد القتلة، وأن المركب المهدد، كانت فيه الأحزاب والملكية على حد سواء.
وبعد كل الاستثناءات والحرب الحديدية ضد الأحزاب الوطنية، التي كانت تعد على رؤوس الأصابع في اليد الواحدة، وجدنا أنفسنا أمام دعوات تقول بأن المغرب في حاجة إلى أحزاب المسيرة الخضراء، أحزاب المغرب الجديد.
ودعا الطابخ من جديد إلى المطبخ، لكن هذه المرة لم يكن الجنرال، بل كانت يد الجهاز السري التي تصنع «البريوات» والطرود الملغومة وترسل الإسكافيين إلى ضرب الاختيار الديموقراطي.
وماعت اللعبة وكان الحرص هو أن تكون الأحزاب العتيقة ماضيا حقيقيا.
وعندما عجزت الطرود والكوكوط على صناعة الأحزاب، تم الانتباه إلى أن الجدلية الفعلية هو تحويلها كلها إلى صناعة واحدة.
وبرزت الفكرة الجهنمية: أولاد عبد الواحد كلهم واحد.
ولما جاء التناوب، وتحققت الفكرة تبين بأن المطلوب هو أن تكون الأحزاب خارج الأجندة المستقبلية للمغرب.
كل ذلك حدث، وهناك من ينسى بأن حربا حقيقية تخاض على التشكيلات السياسية التي تستقل بقرارها وتريد أن تصلح نفسها بنفسها دون خدمة فكرة غير بريئة بالقول إن الأشياء تعرقلها الأحزاب.
فهل الأحزاب هي خير ما نملك؟
لا أحد يمكنه أن يدعي ذلك، فقد بينت وقائع الراهن بأن هناك مستويات كبيرة من الترهل وحتى الانحطاط، وتبينت، أيضا، أن هناك اختلالات، يحسن بنا، موضوعيا، أن نضعها في إطارها، بلا تحامل وبلا تبخيس..
ولا شك، أيضا، أن ثقافة التطوع ونكران الذات والسمو الوطني، قد تراجعت لحسابات المواقع والاستيلاء والتملك.
لكن لا يجب أن نرمي الصبي مع الماء، كما يقال..
إن التقدير الموضوعي، هو الذي يضع المتطلبات السياسية للتأهيل الوطني الشامل في سياقها حتى يحررها من الاختزال.
فقد تكون وراء الخطابات الجميلة نوايا نرددها بدون تقدير عميق: هناك من اعتبر بأن الدعوة إلى ربط ممارسة السلطة بالمسؤولية السياسية، سحب للبساط إلى الأبد من تحته، وبذلك فإنه يريد أن يوهم الناس بسؤال ضمني «لمن تريدون تسليم المسؤولية السياسية، ألهؤلاء الأحزاب المترهلة الفاسدة والمفسدة»؟
القانون سيطهر الجميع وقادر على ذلك.
ورحم الله مناضلا من حجم الوديع الأسفي الذي كان يردد «اللهم افضحنا إذا سرقنا وإذا غششنا شعبنا».
وما يمكن أن يأتي في المستقبل هو تكريس الحياة السياسية السليمة.
لقد كانت بعض الدعوات، التي تدعو إلى تتفيه الأحزاب، والتشكيك في جدواها، بابا للدكتاتورية والاستبداد، ثم بابا للتدخل الإداري وبناء الأدوات السياسية لتدخل الإدارة في السياسة، وبعدها تكون مبررا لتولي التقنوقراط للحكم، وبعد ذلك لتلجيم المطالب الإصلاحية، وربما نعيش مرحلة من تلك الدعوات.
ولا شك أن الغموض والتضليل، كما يقول الشهيد عمر، هما من أدوات القمع أيضا.
لهذا يكون على الزملاء، الذين نعزهم في معركة التثوير هاته، أن ينتبهوا إلى ما قد يحمله هذا الخطاب من مخاطر، ثبت في أقل من عقد من الزمن أنه كان تمهيدا لقتل السياسة بالكامل.
إن الأحزاب مطالبة بالتغيير ضمن منظومة كاملة، ولا يمكنها أن تتقوى بإصلاح نفسها فقط، بل بإصلاح الدولة أيضا. فهو الإصلاح الأقوى الذي تنتظره المرحلة السياسية من أجل تعبئة بلادنا في الاتجاه الصحيح، الاتجاه الذي عبر عنه عاهل البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.