حذر خبراء في مجال البيئة من كارثة بيئية حقيقية ستشهدها الدارالبيضاء خلال الخمس سنوات القادمة، بالرغم من الخطاب الرسمي الذي رافق قمة المناخ بمراكش، والذي يتحدث عن تقليص معدلات التلوث بالعاصمة الاقتصادية. ففي الوقت الذي تسجل فيه تجاوزات خطيرة بالنسبة لمداخن المصانع بالأحياء الصناعية خاصة منطقة عين السبع البرنوصي بعد أن تم الاستغناء عن نظام غرف معالجة الدخان المسرب، تبرز عوادم السيارات كأكبر تحد بالمدينة، إذ يفوق عدد السيارات المتحركة يوميا عدا أيام السبت والآحاد والعطل، المليون سيارة. تخوفات تغذيها تحطيم مبيعات السيارات الجديدة السنة الماضية لسقف 163 ألف سيارة، وهو ما يمثل زيادة تفوق 25٪ مقارنة مع عام 2015، وهي السنة ذاتها التي حطمت خلالها السوق الوطنية للسيارات رقما قياسيا، فبعملية حسابية بسيطة ستسجل زيادة في معدلات التلوث الهوائي بدورها بنسبة 25 في المئة على الأقل، وهو ما يمكن اعتباره تحد حقيقي لبرنامج التقليل من حدة التلوث بالدارالبيضاء، والذي أعلن عنه قبل سنوات من دون تفعيل حقيقي له. هكذا تعيش مدينة الدارالبيضاء أزمة بيئية خانقة ، إذ عوض التخفيف من حدة تلوث المجال، يلاحظ تنامي حدته سنة بعد أخرى بسبب، ليس فقط اتساع حجم الصناعات الملوثة وسط المدينة وداخل أحيائها، بل كذلك من جراء الغياب التام لأي مراقبة حقيقية لأسطول الشاحنات وحافلات النقل الحضري والسيارات الخاصة المهترئة التي تجاوزت عمرها الافتراضي، فوسائل النقل تقذف سنويا في هواء الدارالبيضاء ما يعادل 152815 طنا من أوكسيد الكاربون و 32348 طنا من أوكسيد الآزوت و 19583 طنا من المركبات العضوية المتطايرة و1816 طنا من الجزئيات، حسب الدراسات المنجزة في هذا الإطار. وتلوث السيارة الواحدة التي تجوب شوارع المدينة مقدار ما تلوثه أربع سيارات في أوروبا ، وبالتالي فإن 500 ألف سيارة بالدارالبيضاء تلوث مقدار ما تلوثه مليونا سيارة في أوروبا، والسبب هو حالتها الميكانيكية، وهنا يطرح التساؤل عن دور مراكز الفحص التقني للسيارات. للإشارة، فإن محور عين السبع الصخور السوداء هو الأكثر تلوثا، حيث يصل تركيز ثاني أوكسيد الكربون بها إلى أكثر من 9 مرات عن المستوى المسموح به عالميا، في حين يعرف ساحل عين السبع تمركز 42 % من مجموع الوحدات الصناعية، تطرح نفاياتها كليا فيه، وهي مشبعة بمواد خطيرة. فالصناعات الكيماوية تفرغ ما يناهز 920 مليون متر مكعب من نفاياتها في السنة، دون الحديث عن كميات الغازات المنبعثة من مداخن المعامل. فجل الوحدات الصناعية بالدارالبيضاء تنفث ثاني أوكسيد الكبريت والغبار، علاوة على الملوثات الأخرى، ناهيك عن الوحدات الصناعية التي تبث أدخنتها وسط الأحياء ووسط المساكن لعدم توفرها على مداخن أصلا. فمن يتحمل مسؤولية هذا الوضع؟