لم يجد المئات من ساكنة القرية المنجمية بتيغزى، ضواحي مريرت، إقليمخنيفرة، من وسيلة لإيصال صوتهم للمسؤولين إلا تنظيم مسيرة احتجاجية حاشدة، بعد زوال الاثنين 12 دجنبر 2011، شارك فيها حوالي 500 شخص من المواطنين والمواطنات والشباب، ومن مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، حيث قطعوا أزيد من سبعة كيلومترات مشيا على الأقدام صوب مدينة مريرت التي جابوا جل شوارعها في سبيل إثارة انتباه «من يهمهم الأمر» لحقهم المشروع في امتلاك المنازل التي يقطنونها منذ عدة عقود، والمطالبة بالتسليم القانوني لها بناء على الخبرة المنجزة من طرف القاضي المنتدب من لدن المحكمة الابتدائية لآنفا، بما فيها 12 منزلا تابعا لإدارة الأملاك، هذه الدور التي ظلت ملفات ملكيتها عالقة منذ إغلاق المناجم ودخول الشركة المنجمية مناجم عوام سابقا في التصفية القضائية ابتداء من 1993 مع اعتبار هذه المنازل ملكا لمن يسكنها لحظة الإغلاق آنذاك. المسيرة الحاشدة التي انتهت بوقفة احتجاجية أمام محكمة مريرت، ردد فيها المحتجون عدة شعارات ساخطة ومطالب قوية بوقف المتابعات القضائية المرفوعة في حق مجموعة من السكان بتهمة البناء بدون ترخيص، وألقيت خلالها كلمة عن ممثل السكان وكلمة الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بمريرت وجمعية تيغزى أطلس للتنمية، نددت كلها بالسلوكات الاستفزازية لرئيس الجماعة. ولم يفت مصادر من المحتجين التهديد بدعوة مختلف المكونات المجتمعية والشعبية إلى المشاركة المكثفة في المعارك والأشكال النضالية التي سيتم الإعلان عنها في أية لحظة بغاية الاستجابة لمطالبهم، إذ لم يكونوا ينتظرون أن يتم الزج بهم في المحاكم، لا لشيء إلا أنهم قاموا بإحداث بعض التغييرات والترميمات الضرورية للحفاظ على منازلهم المتآكلة والآيلة للانهيار، نظرا لتقادمها من جهة، وجراء التساقطات المطرية المتساقطة في السنتين الأخيرتين من جهة أخرى. وفي الإصلاحات والترميمات التي قام بها السكان ما يكون قد رأى فيها بعض «المتربصين» فرصة الهجوم عليهم، وما الدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم من طرف رئيس الجماعة القروية سوى شكل سافر من الجور والاستفزاز لعدم اكتراث هذا الرئيس بالمصير الذي ستؤول إليه الأمور، ولم يفت مصادرنا التأكيد على أنه حتى في حالة «كون الإصلاحات المنزلية تحتاج للترخيص القانوني من لدن السلطات المختصة محليا، فإن هذه السلطات امتنعت عن تسليم هذه التراخيص للسكان وتهربت بوضوح من مسؤوليتها»، إلى جانب «تملص القاضي المصفي من مسؤولياته هو الآخر، والمتمثلة في حسمه تفويت المساكن للسكان رغم مرور 15 سنة»، ليفاجأ المعنيون بالأمر باستدعاءات تدعوهم للمثول أمام القاضي المقيم بمركز مريرت، يوم الثلاثاء 13 دجنبر 2011، الأمر الذي حملهم، في خطوة أولى، إلى التقدم للجماعة القروية قصد فتح حوار مع الرئيس في سبيل إيجاد ما يمكن من الحلول التوافقية للمشكل، إلا أنهم اصطدموا بموقف الرئيس الذي عمد إلى سد كل المنافذ التواصلية في وجههم، ما أرغمهم على تنظيم مسيرتهم الاحتجاجية. ويذكر أن تداعيات «الإفلاس المفتعل» للشركة المنجمية كان قد أرخى بظلاله المتأزمة على حياة الساكنة التي لم يكن مصدر عيشها إلا من خلال أياديها العاملة بالمناجم، والمنازل موضوع المسيرة الاحتجاجية يقطنها قدماء المنجميين ومتقاعدوهم، وأرامل وأسر المتوفين منهم، وعمال لا يزالون يباشرون عملهم بالشركة المنجمية تويسيت إلى جانب سكان آخرين، علما بأن منطقة تيغزى هي «نتاج لسياسة تعميرية سكنية نهجتها الشركة المنجمية لجبل عوام منذ أواخر الخمسينات في إطار السكن الوظيفي»، كما جاء في تصريح لأحد المهتمين بالموضوع، مع ضرورة الإشارة مجددا إلى أن الشركة المنجمية آنذاك ( مثل الحالية) كانت تباشر استغلال الثروات المعدنية التي تزخر بها المنطقة على حساب حاجيات وتطلعات الساكنة والوضع المزري الذي آلت إليه أوضاع هذه المنطقة بفعل مظاهر التهميش والعطالة والإقصاء.