نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    إدارة الدفاع الوطني تحذر من ثغرات أمنية خطيرة في متصفح للأنترنيت    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    الجزائر.. نظام العسكر يعتقل المؤرخ محمد الأمين بلغيث بسبب تصريحات إعلامية ويوجه له تهما خطيرة    أخنوش : السياسة بالنسبة إلينا هي العمل والجدية والوفاء بالالتزامات المقدمة للمواطنين    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    انتحار مراهق يهز حي حومة الشوك بطنجة صباح اليوم السبت    الملك محمد السادس يواسي أسرة الفنان محمد الشوبي: ممثل مقتدر خلّد اسمه بتشخيص متقن لأدوار متنوعة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    تير شتيغن يعود لحراسة مرمى برشلونة بعد غياب 7 أشهر بسبب الإصابة    دار الطالب بأولاد حمدان تحتضن بطولة مؤسسات الرعاية الاجتماعية    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    الأزمي: لم تحترم إرادة الشعب في 2021 وحكومة أخنوش تدعم الكبار وتحتقر "الصغار"    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    أكادير… توقيف شخص يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات وحجز أربعة أطنان و328 كيلوغراما من مخدر الشيرا    "هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. متى يتم الإنخراط الفعلي والواعي في مسلسل التحديث والتنمية بامزورة إقليم سطات ؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 11 - 04 - 2012

امزورة جماعة ترابية قروية تتواجد بإقليم سطات، حدودها متقاسمة بين دكالة والرحامنة وجماعات اكدانة وخميسات الشاوية وأولاد سعيد وسيدي محمد بن رحال ، ساكنتها تناهز العشرة آلاف نسمة وتتميز بممارسة النشاط الفلاحي والزراعي والرعي وتربية الماشية . وتعتبر من بين الجماعات الترابية القروية الفقيرة لمحدودية مواردها ومداخيلها .
وكغيرها من جماعات ترابية عديدة على امتداد أرض الوطن، ابتليت هذه الجماعة بكائنات انتخابية لا مثيل لها و لانظير . كائنات انتخابية غاية في الغرابة ممارساتها أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع ، حالها كحال ذلك الذي «خلق ليفترس» ، والافتراس هنا من نوع آخر أشرس وأخطر و أشد وقعا وأثرا ، لأنه يداهم الناس ككيان متعايش متآخ ومتآزر ومتضامن كما ألف ذلك الناس لسنين خلت .هذا على الاقل ما كان يحكيه ويتداوله الآباء والأجداد في الايام التي مضت ومازالت صور وذكريات وبروفايل الكثير منهم عالقة بأذهان من مازالوا على قيد الحياة من المسنين والكهول الذين عايشوا فتراتها البهية والزاهية أو جزءا منها وفئة عريضة من الشباب التي انتقلت إليها أخبار السلف بالتواتر عن الالفة والتعايش والأجواء الايجابية التي كانت تطبع العلاقات بين الناس والتي يتخللها الود والاحترام والطهرانية والإيثار والشهامة والكرم وعزة النفس والأنفة ودفع المفسدة وحاجة البعض للبعض الآخر، لأن الانسان للإنسان ك«الأنس بالعشير»على حد تعبير صاحب «المقدمة».
لكن هناك عينة من البشر بهذه القبيلة تشذ عن هذه القاعدة، فلا يستقيم لها وجود ولا يهدأ لها بال ولا ترتاح لها سريرة إلا برؤية الاعوجاج والتفسخ والمسخ والقبح في كل شيء وتكريسه بالأفعال والممارسات .والأدهى أن يمتد ذلك ويطال مجالات يفترض أن تكون في منأى عن ذلك وتحظى عوضا عنه بالتقدير والاعتبار والرعاية والصيانة، لأنها تخص العلاقات الانسانية : أوليست الجماعة الترابية ككيان سياسي في العرف الديمقراطي السليم ،المتعارف عليه كونيا، نواة لتربية الناس والمواطنات والمواطنين على ممارسة شكل أرقى للعلاقات السياسية والإنسانية وهي الديمقراطية ، كأحسن صيغة توصلت إليها البشرية عبر مسار طويل وشاق وعلى تدبير الاختلاف والتباين في الرؤى والبرامج والاستراتيجيات وصياغة التصورات والأهداف بروح تنافسية شفافة وسليمة تروم المصلحة العامة وخدمة التنمية في أبعادها الشاملة والمتعددة وإشاعة ثقافة وتربية ديمقراطية قويمة وسديدة ؟
لنول وجهتنا ، إذن شطرما يحصل داخل الجماعة القروية امزورة ، التي يفترض فيها أن تكون نواة للتمثيل الديمقراطي وللمراس والتربية الديمقراطية في منطقة الشاوية كجزء من كل .
كائنات انتخابية غريبة، عند درجة الصفر في الثقافة السياسية والتكوين والتأطير والادراك السياسي، حطت الرحال بالمنطقة لا امتداد لها و لارصيد تشبه إلى حد بعيد مخلوقات مسلسلات الخيال العلمي، تم إنزالها في غفلة من الجميع ، لتتفرغ للعباد بهذه الجماعة القروية بنوع من المراس والدربة. وهي دربة مكتسبة «مؤسساتيا» وتمت مراكمتها في خضم الايام الصعاب أو ما يصطلح عليه في الادبيات السياسية المغربية «سنوات الجمر والرصاص» مبتدأها المكائد والدسائس و منتهاها التواطؤات ومنطق التآمر الذي يحبك في حنادس الاسداف ، كما خفافيش الظلام، لتصيد و الإيقاع ، في حنين للأيام الماضية التي كان فيها التعذيب والإيلام لغة يومية في التعامل مع الأصوات المعارضة و مع كل من تجرأ على إعلان الاختلاف والمجاهرة به وإعلان انتمائه للوطن و القيم النبيلة التي يجب أن تسوده المتمثلة في الحق والعدل والمواطنة والتقدم...الخ ، بكل من جاهر بالخلاف او اعترض أو عبر عن رأي ووجهة نظر حتى غدت جماعة امزورة بفعل هذه الممارسات الدخيلة والهدامة والمخربة ، مرتعا خصبا لسلوكيات معوجة ومنحرفة وشائنة و مؤذية تضرب في الصميم مفهوم المواطنة، تتم فيها ، للأسف الشديد، مزاوجة المال الحرام بالنفوذ والسلطة لفرض الأمر الواقع والاستئساد على المعدمين والبسطاء و استغلال بؤسهم وحرمانهم!
فما معنى أن يتم توظيف خصاص الناس وعوزهم وفقرهم لتوجيههم ضد بعضهم البعض واستنبات آفات اجتماعية فتاكة تتمثل في التحريض على تعنيف الناس ضد بعضهم البعض في زرع لنعرات الفتنة غير مسبوق و «شهود الزور» الذين تم تفريخهم كالطفيليات بالقبيلة حتى أصبحوا جزءا من ديكور ردهات المحاكم وألفتهم جنبات وجوار مقرات الدرك و صاروا معروفين بمقاهي مدينة سطات من طرف النوادل حتى!. فيتم تسخيرهم ،كعصابات ، في الغزوات ضد كل من سولت له نفسه ...«أو شعر بسخونة في رأسه » أو.. وكأننا في حرب مفتوحة على الناس نارها لاتبقي ولا تدر.. وهي عقلية ومنطق «مايساوي والو» لأنه خارج التاريخ على كل حال ! وضع مؤسف تعيشه جماعة امزورة وكأنها تؤدي ثمن ذنب ما اقترفته بنزعة وروح انتقامية غير مفهومة! . حقيقة، وضع لايستسيغه عقل تعيشه ساكنة جماعة امزورة . أهكذا تكون البرامج والمخططات في كل من يهم ويقبل على مهام التسيير الجماعي؟ ألم يشترط المشرع في المنتخبين المكونين للمجلس الجماعي، أن يضعوا مخططا جماعيا أثناء فترة انتدابهم وولايتهم، قابلا للتحيين بعد الثلاث سنوات الاولى من ممارسة المسؤوليات والمهام ؟فأين هي خطوطه وعناصره وتوقعاته وأهدافه وسبل تنزيله وشركاؤه ؟ لننتقل إلى النقيض من ذلك و نتصور منتخبين ساهرين على الشأن المحلي كل همهم هو شراء الاكفان بوفرة تزيد عن الحد استعدادا لما يعتبرونه مساعدة في مراسم دفن الجثامين هنا وهناك على امتداد تراب الجماعة، تحت ذريعة البر والاحسان (كذا) ألا تتملكهم الرغبة الجامحة في سماع الأخبار وتلقفها والتلهف وراءها ، عن مزيد من الاموات .وفي هذه الحالة ألا تتماهى مخيلتهم مع فعل الموت فيصبحون تواقين للموت ب« القوة» بتعبير الفلاسفة ،إلى أن تحصل في المقابل حالات الموت ب»الفعل»؟!
وجه المفارقة أن فعل البر والاحسان هذا ينعدم كما تتداول ألسن الناس بالقبيلة حينما يتعلق الامر بمساعدة من هم في أمس الحاجة إلى المساعدة كالمرضى من النساء والرجال والاطفال بحيث يتم حرمانهم من سيارة الاسعاف الموجودة في ملك الجماعة، لا لشيء إلا لإرضاء رغبات زمرة الموالين والمنبطحين من سافلة القوم من جهة وإرضاء من جهة أخرى لرغبة سادية تتلذذ بمعاناة الناس و إيلامهم وترسيما لمنطق الكيل بمكيالين تجاه الساكنة القروية المغلوبة على أمرها كأسلوب للي الذراع والإجبار على الخضوع والإذعان! واقع الحال بهذه الجماعة القروية يكشف أن التسيير فيها يجر وراءه إرث ثقيل من المشاكل مردها بالأساس العقلية الجاثمة عليه كعقلية نمطية خاضعة لسلطة ما اعتادت عليه في ايام العهد غير المأسوف عليه، حتى صار بالنسبة إليها ذلك هو الملاذ الاول والاخير ومرجعيتها «المثلى» المفضلة التي لا غنى عنها ولا فراق .وهذا ،طبعا يتنافى مع ما يستلزمه مغرب الالفية الثالثة الذي يمور ويفور بمستجدات ومعطيات وتحولات عديدة متفاعلة ويترقب ويتطلع إلى انتظارات ومأمولات لا تقبل التلكؤ والتأخير والمراوغة والتراخي والتساهل قيد أنملة. أليس عارا أن تصرف جماعة في حجم جماعة امزورة عن أوراق إنجاز عقود الازدياد الملايين ،حتى غدت هذه القصة موضوعا للتندر والتفكه بين الناس على غرار قصص أخرى مضحكة ومبكية في الآن ذاته، لبعض الجماعات التي تصرف كما يروج الملايين من أجل اقتناء مادة القهوة أو النعناع ...ألخ !!
أما ما يتعلق بالموارد البشرية بالجماعة فحدث ولاحرج ، والحبل متروك على الغارب، عشرات الموظفين في عطالة شبه دائمة إلى درجة أن مكاتب الجماعة تعرف تغيبات في غالب الاحيان و جل الاوقات وحتى من يحضر لا يمكنه أن يتعدى الثلاث أو الاربع الساعات الصباحية على اكبر تقدير، ليغادر. أما الملحقة المتواجدة على الطريق في اتجاه بولعوان (فرعية السدرة) فهي مسمرة ومغلقة بشكل دائم ، وهو ما يشكوه المواطنون الذين يتضررون وتتضرر مصالحهم وأغراضهم الادارية جراء هذا الوضع النشاز. و سيارات المصلحة التي في ملك الجماعة فتلك حكاية أخرى يتملى بها المواطنون لكونها انحرفت عن الغاية التي من أجلها وجدت فصارت في الخدمة لكن خدمة «النقل السري» المدر لدخل إضافي لاسيما وقت الذروة الاسبوعية ، خاصة يوم الثلاثاء، على الطريق المحوري المتصل حد امزورة ثلاثاء بولعوان كما يقول العارفون من أهل الجماعة والقبيلة ، مادامت «الوقت عاطفة» و«الوجيبة عاطية» لم لا يتم انتهاز الفرصة أقصى ما يمكن و قبل فوات الأوان !؟
على أن أسئلة أخرى يثيرها وضع التسيير هذا المتردي لجماعة امزورة ، فما هي الحصيلة المنجزة في ما يخص جانب الطرقات والمسالك. أليست الدواوير والمداشر والقرى في أمس الحاجة لفك العزلة عن ساكنتها التي تعاني الويلات والمصائب نتيجة الحصار المفروض عليها، خاصة في فصل الامطار وأيام الشتاء ، لانعدام منافذ صالحة تمكنها من الوصول إلى حيث الاغراض وقضاء المآرب والحاجيات الضرورية للعيش والحفاظ على الحياة؟ فكفى من نهج سلوك «تصفية الحسابات» على حساب مصالح البسطاء والمحتاجين والمهمشين من الناس ؟ وفي سياق متصل ماذا أعدت الجماعة من خدمات للساكنة في المجالات الاجتماعية والثقافية والترفيهية من تطبيب وتمدرس وسكن لائق ودور الشباب وملاعب رياضية وفي مجال التهيئة : هل يعقل أن يبقى السوق الاسبوعي» حد امزورة» على تلك الحالة من التردي والاهمال والنسيان ، سوره وجنباته آيلة للسقوط تظهر على هيئة خراب ،»رحبة» الجزارة وبائعي الخضر وكل المقتنيات الاخرى ، تفتقر إلى أبسط المقومات لا في ما يخص التجهيز والتهيئة والنظافة والجانب الصحي ؟ الحاجيات الاساسية كتزويد مختلف الدواوير والمداشر بالماء الشروب والربط بالشبكة الكهربائية كل ذلك يخضع لمنطق الكيل بمكيالين ولا يخرج عن قاعدة «فرق تسد» و»تصفية الحساب» و«إرضاء المتزلفين»؟ اين هي العدة التي في جعبة مسؤولي الجماعة للمساعدة والمساهمة في مواجهة آثار الجفاف الذي خيم بظلاله هذه السنة على العالم القروي ، ألا تعتبر هذه المنطقة والشاوية ككل هي «مطامير» المغرب من الحبوب واحتياطاته التي كانت على الدوام في الموعد في الماضي من السنين الطوال وحتى الوقت الحاضر ،وبالتالي ألا تستحق ولو التفاتة من القائمين على أمر هذه الجماعة من خلال تدابير استثنائية فعالة وعلى وجه الاستعجال ، في المجال الفلاحي لدعم الاعلاف وإيجاد المواد العلفية وتوفير الحبوب والبذور على اختلاف أصنافها ، للتخفيف من وطأة الأزمة والتأثيرات الوخيمة للجفاف على الفلاحين الصغار المعدمين والمحتاجين ، حفاظا على الاستقرار ودرءا وتحسبا للهجرة المحتملة، وحماية رؤوس الماشية من أغنام وأبقار وغيرها تحسيسا للناس بفضيلة التضامن والتآزر وإعمالا وتفعيلا لمبدأ الواجب تجاههم الذي افتقدوه «للحسابات السياسوية» الضيقة التي تهيمن حد التملك الوسواسي على فهم وذهنية القابعين في الجماعة ؟ أم أن فاقد الشيء لا يعطيه ،كما يدل التخبط الذي يطبع تسييرهذه الجماعة حتى غدت من الترهل بمكان ،متروكة لسلطان المزاج والعبث والشطط وانعدام الحرص على مصالح الناس في تحد صارخ للقوانين والضوابط المؤطرة للعمل الجماعي، حتى فاحت الرائحة وأزكمت الانوف وصارت الاختلالات التي اصابت الجماعة محط حديث الخاص والعام ،كما هو الشأن بالنسبة لتهميش المسؤول عن الجانب المالي (رئيس لجنة المالية) بالمجلس وغصب مهامه واختصاصاته الوظيفية والترامي عليها بشتى الوسائل وحرمانه من جميع الوثائق التي تدخل في نطاق مهامه ، وحجبها عن أنظاره ومنعه من الاطلاع عليها وكأنه دخيل على الجماعة وتكليف بدلا عنه بعض ممن يفتقد لمثل هذه المهام الوظيفية داخل المجلس الجماعي ! أبهذه السلوكات المنفرة والمقززة التي تبعث على التذمر والاستياء يتم استنبات الممارسة الديمقراطية السليمة والتربية عليها من أجل خلق التراكم وتركه كإرث مشترك للناشئة و الأجيال القادمة ؟ أليست أمثال هذه الممارسات هي السبب الرئيسي في عزوف المواطنين والمواطنات عن المشاركة في الانتخابات وبالتالي الانكفاء والامساك عن الذهاب إلى مكاتب التصويت من أجل ممارسة الواجب الدستوري والوطني ،في الوقت الذي تبذل فيه الدولة، على أعلى المستويات ، مجهودا كبيرا إلى جانب القوى الحية الغيورة في المجتمع، من أجل معالجة هذه الظاهرة وإرجاع الثقة للمواطنين والمواطنات؟ ثم إن هذه السلوكيات والممارسات الفجة المنتشرة هنا وهناك ،كما في جماعات ومجالات أخرى متعددة ،هي بمثابة جداول متفرعة تصب و تفضي إلى نهر كبير :نهر الاحتقان والتوتر الاجتماعي والفلتان الامني ، ألم تعرف بلادنا أحداثا مؤلمة وفي مناطق مختلفة ومتفرقة من بلدنا الحبيب ؟ أين هي العبرة والدرس من كل ما يحدث ؟ إنها فعلا، الطامة الكبرى .لكن ما يحير الذهن،حقيقة، هو من يتستر، أفقيا وعموديا ،على أمثال هؤلاء الذين يعيثون فسادا في الارض بممارساتهم الخرقاء غير المحسوبة وغير المدركة و المقدرة للعواقب والمنفلتة من عقالها ؟ ألا تؤشر هذه المظاهر على أن هناك ، إرادة ونية مقصودة لجعل الواقع على ما هو عليه دونما بادرة أمل في الاصلاح و التجاوب مع إرادة التغيير المعلنة مجتمعيا من طرف المجتمع المدني والمجتمع السياسي عملا بالقول المأثور»تغيير الحال من المحال»!؟
مشروعية هذه الاسئلة نابعة من مؤشرات عدة . كيف لجماعة تعيش ترهلا وتفسخا وهشاشة على مستوى التسيير والتدبير ناتج بالأساس عن نمط تسييري مفروض ، عفا عنه الزمن وولى، يمتح من مرجعية «أمنية» ويتماهى معها، أضحت متجاوزة وفي حكم الماضي ، يتمثل في نزعة «التمركز حول الذات» وما يستتبعها من عقلية أبوية تحن إلى الماضي البائد واستبداد وشخصنة القرار وإلغاء الآخر والاستخفاف بالرأي المخالف وتبخيسه وانعدام التواصل ومحدودية الأداء وضعف المردودية وإرادوية تروم طمس «النبتة الديمقراطية» عوض رعايتها والعمل على نموها ضمانا لنضجها وبالنتيجة إنتاج وإعادة إنتاج تسيير فوقي مترهل ، وانتهاج أسلوب يناقض تماما منطق الشفافية والإشراك والإصغاء واحترام الرأي الآخر والتواصل وتدبير الاختلاف والتوافق حول الحد الادنى القابل للإنجاز،كآليات للعمل والاشتغال مع استحضار ،طبعا، التخطيط الاستراتيجي المحكم ذي الأهداف والمرامي الواضحة ،تبعا لسلم الاولويات وبروح متسمة بالإنفتاح على المحيط بكل مكوناته وعناصره ضمانا لخلق بيئة ومجال حيوي للجماعة ،في تفاعل مع شركائها ، كنواة لا غنى عنها لترسيخ الممارسة الديمقراطية وتطويرها والنهوض بها والمساهمة في ترسيخ أسس الحداثة وتنمية الوعي الديمقراطي ! . أين هي سلطة الوصاية من كل هذا الذي يحدث ؟ أين هي مهام المنظومة الرقابية بمختلف أشكالها وأصنافها في التتبع والمصاحبة والافتحاص والمراقبة ؟ ،أين هي المنظومة الرقابية الداخلية المتمثلة في سلطة الوصاية ووزارة الداخلية؟أين هي المنظومة الرقابية الادارية المتمثلة في المفتشية العامة للمالية؟وأين هي المنظومة الرقابية للقضاء المالي المتمثلة في المجلس الجهوي للحسابات ؟ أليس من شأن تفعيل هذه المنظومات الرقابية،كآليات ضرورية ، تحصين «المكسب الديمقراطي» وترسيخه وتثبيته وضمان حماية المال العام،ومنه مال الجماعات الترابية، من التلاعب و التبديد والوقوف على اختلالات التسيير والتدبير وخروقاته للحد من الفساد والافساد ولتقويم وتصحيح ما اعوج عبر التوجيه والتأطير والتحسيس والاسهام في عملية التغييرالفعلي الضروري الذي أضحى مطلبا مجتمعيا ملحا لا مندوحة عنه ، خاصة بعد التنزيل الفعلي لدستور فاتح يوليوز 2011، المصادق عليه شعبيا ، والعمل بمقتضاه وما صاحبه من تنصيص على بنود تروم إرساء هيئات الحكامة في مجالات الاقتصاد والاجتماع والسياسة وغيرها ، إعمالا وتفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ؟ حتى يتسنى الإنخراط الفعلي و الجدي والواعي والمسؤول والمتبصر في سيرورة الاصلاح والتحديث والتنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.