يدين محمد أبو السهل، الصحافي ورئيس القسم الرياضي بإذاعة إ م ف م، لكمال لحلو مدير عام المحطة، بفضل كبير، كما يردد دائما، في مسألة تكوينه وتوجيهه لميدان عشقه منذ الصبا، تعلق به وحلم بمسار بعنوان واحد فقط هو أن يكون، أن يعيش، أن يتنفس، أن يوجد ويحيى صحافيا رياضيا ولا غير. صوته الإذاعي أضحى مألوفا وأليفا، متميزا، لايجد المتلقي صعوبة في التعرف عليه.. إنه من الأصوات المثقفة وذات الحس الفني الرهيف، راكم خبرة طويلة، نجح بفضلها في تحقيق تواصل متوازن ومستمر مع المستمعين باختلاف مواقعهم، ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية، وبمختلف انتماءاتهم وميولاتهم الرياضية.. ظل دوما ضد التعصب، ضد الإساءة للغير، مع النقاش، مع الاختلاف في الرأي الذي لايفسد المودة.. صديق لزملائه في القسم الرياضي، لاتوجد في قاموسه كلمة أستاذية، يتحاور ويتقبل الرأي الآخر بكل أريحية.. اجتماعي وإنساني بطبعه، شديد التعلق بأسرته، خاصة الوالدة، يقول عنه معارفه، ليس من السهل أن تكون مثل أبو السهل مرضي الوالدين. في الحوار التالي، يتحدث أبو السهل عن التعددية في قطاع الرياضة بالإعلام السمعي البصري، عن التنافس ، عن ظروف الاشتغال في محطة إ ف م، عن واقع الصحافة الرياضية.. عن حياته الشخصية والمهنية.. عن كل شيء: البدايات.. كيف ولماذا اخترت أن تكون صحافيا رياضيا؟ ولجت مجال الإعلام الرياضي في أواخر السبعينيات، في سنة 1979 على وجه التحديد. علاقتي بالرياضة نمت مع نموي، ترعرعت وتدرجت مع تدرج الدم في عروقي.. كانت شغفي، وهوايتي، ومتنفسي، وحين اشتد العود ووضع أمامي الاختيار في المسار الدراسي، اخترت دراسة الرياضة.. وحين كان علي اختيار عنوان للاشتغال والوظيفة، اخترت تدريس الرياضة.. إلى ذاك الحين، كنت أكتفي باستهلاك الرياضة كفرجة لاغير، ثم انتقلت علاقتي بها لمستوى المتتبع والملاحظ.. اكتشفت حينها بعين ناقدة، عيوبا من المفروض أن تنمحي وتزول، أدركت أن الاكتفاء بالمتابعة ليس كافيا، أيقنت أن تجاوز تلك المحطة بات ضروريا، كما بات ضروريا أن يكون لي موقع في خارطة المتدخلين المباشرين في التوجيه والنقد والتتبع والمتابعة، لأكتشف أنني صحافي ويجب أن أكون صحافيا. حررت مقالات، وأنجزت روبورتاجات وتغطيات، وفي موسم 1980/1981، كان للقدر، بل للحظ ودعاء الوالدين، دور هام حدد أمامي ذاك المسار المهني الذي سرته لحدود اليوم.. كانت دعوة من أستاذي كمال لحلو للالتحاق به وكان يشتغل حينها صحافيا في التلفزة المغربية.. كان اسما بارزا بموقع متميز في مجال الصحافة الرياضية، وكنت فعلا محظوظا والفرصة تتاح أمامي للاشتغال بجانبه. في سنة 1983، كان لي موعد آخر مع الحظ، اشتغلت إلى جانب أستاذي كمال لحلو في تغطية ألعاب البحر الأبيض المتوسط. كنت سعيدا، ومتوجسا في نفس الوقت.. تظاهرة بذاك الحجم، وأنا شاب في مقتبل العمر المهني وسط رواد الصحافة الرياضية كالسالمي، صبري، اكديرة، سباطة، الصبار، بوعبيد وآخرين.. كانت المهمة صعبة، لكنها كانت مفيدة ساهمت، إلى جانب عوامل أخرى، في صقل موهبتي وفي تكويني، كما زادت من قوة رغبتي في امتهان مهنة ليست ككل المهن. سافرت بعد ذلك لفرنسا في عدة مرات بدعوات من أخي سعيد أبو السهل الذي يعيش هناك، كنت أستغل فرصة تواجدي بعاصمة العلم والثقافة، لأنهل من مؤسساتها الإعلامية في إغناء رصيدي التكويني، وكم كان ذلك مفيدا. موقع وسط جيل من الرواد؟ أعتقد أن الصحافة الوطنية تكن كل الفضل والتقدير لروادها الأوائل الذين اجتهدوا وناضلوا من أجل مأسستها.. جيلنا جاء مباشرة بعد جيل أولئك الرواد، كنا محظوظين لأننا اشتغلنا إلى جانب عدد كبير منهم، تنفسنا برفقتهم نفس الهواء، تعلمنا على أيديهم، كنا شاهدين على مدى ما تحملوه من صبر من أجل تجاوز كل المعيقات، والعمل وفق شروط كانت صعبة للغاية.. لم يكن هناك شيء اسمه اختصاص أو تخصص في الصحافة الرياضية، لم يكن لقسم رياضي كما نعرفه اليوم أي وجود، ومع ذلك نجح الرواد في مواكبة الفعل الرياضي الوطني عبر كل مراحله. من المكتوب إلى السمعي؟ هي نفس القواعد والركائز في المجالين، هناك ارتباط وثيق، فالسمعي يبدأ من المكتوب.. فأن تعد لبرنامج يبث على الهواء، يجب أن يسبقه تحضير وإعداد مكتوب.. ومن يكتب أو يحرر بطريقة جيدة، أكيد أنه ينجح في المرور على الهواء وعبر الأثير. تحرير مجال السمعي البصري الوطني؟ إضافة نوعية وإيجابية ما يعيشها قطاع الإعلام السمعي البصري اليوم. المغرب ظل دائما مع التعددية في كل المجالات، هي نفس التعددية في الإذاعات والقنوات التلفزية.. ومع ذلك، أعتقد أننا لانزال متخلفين ومتأخرين في هذا المجال، إذ كيف نقبل أنه بعد مرور 50 سنة عن حصول المغرب على استقلاله، وبعد مرور سنوات طويلة على ظهور الصحافة الرياضية الوطنية، لا نمتلك سوى قناة متخصصة في الرياضة واحدة فقط، ومحطة إذاعية واحدة كذلك؟ هو الأمر نفسه ينطبق على الصحافة المكتوبة؟ بالفعل، يجب أن نعترف أن الرياضة لم يكن ينظر لها من الجانب الذي تستحقه، كما يجب أن نقر أن مبيعات صحفنا تظل هي الأضعف، والنتيجة ضعف في عملية إصدار صحف متخصصة، دون الحديث عن الصعوبات البليغة في إصدار يوميات متخصصة. وأعتقد في هذا الإطار، أنه آن الآوان للقطاع الخاص أن يبادر لدعم المنتوج الإعلامي الرياضي. هناك عوامل أخرى أخرتنا عن ركوب نفس القطار الذي ركبته صحافة أقطار أخرى، ومنها على الأخص، تغييبنا لعامل التكوين المستمر.. قناة متخصصة واحدة، و محطات إذاعية متعددة؟ صحيح، هناك محطة إذاعية واحدة متخصصة في الرياضة، وهناك العديد من المحطات لها توجه رياضي بنسبة كبيرة. أعتبر ذلك ظاهرة صحية. فوجود مجموعة من المحطات الإذاعية، لابد أن يخلق تنافسا بينها، ولابد أن يولد صراعا حادا بينها من أجل امتلاك المواقع وجلب أكبر عدد من المستمعين، ما يتيح للمتلقي فرصة الاختيار ويضع أمامه كل المساحات للانتقاء.وخلافا لما يمكن أن يعتقده البعض، فالعلاقة بين كل هاته المحطات الإذاعية، هي علاقات مودة واحترام متبادل، وهنا أتحدث عن محطة إ ف م مثلا، فالمدير كمال لحلو وأنا شخصيا، تربطنا علاقات ممتازة مع زملائنا في كل المحطات الأخرى، نتسابق لتقديم الأفضل، لكن في احترام لقواعد اللعبة. هي ظاهرة صحية كما قلت على اعتبار كذلك أن تعدد المحطات الإذاعية فتح سوقا واسعة للشغل، واحتضن عددا كبيرا من الطاقات الشابة. هي كذلك أيضا، لأنها ألغت الرأي الواحد، والرؤية الوحيدة للإعلام الرسمي، هذا الأخير نحترمه ونقدره ولايزال يمتلك موقعه، لكن اختلاف الرؤى يمنح مساحة واسعة أمام المتلقي للمقارنة. موقع الرياضة في شبكة إ ف م؟ نعمل بجهد كبير حتى نظل في توافق مع مبدأ احترام بنود دفتر التحملات، نتبع في محطتنا خطا تحريريا واضحا تحتل فيه المهنية الأولوية. صحيح أن محطتنا هي شاملة إخبارية ومتنوعة، لكن للرياضة فيها مساحات كبيرة. ولا غرابة في ذلك، فالمدير كمال لحلو بطبعه رياضي، فاعل ومسؤول في قطاع الرياضة الوطنية، تكوينه رياضي، ومهنته صحافي رياضي، وربما ذلك ما يمنحنا دفئا خاصا في القسم الرياضي بالمحطة.نشتغل في المحطة على رهان القرب والحضور في كل المواقع، فقد كنا السباقين لتخصيص حيز هام من ساعات بثنا للأقسام السفلى والشرفية والهواة، وبطولة الأمل، وكل الأنواع الرياضية. طريقة العمل في القسم الرياضي بمحطة إ.ف.م؟ نعتمد أسلوب التعامل على أساس التكافل والتضامن والتعاون، في تغييب لمفهوم الأستاذية أو الرئيس والمرؤوس..نحن أسرة واحدة، أفراد القسم مع الزملاء المتعاونين والمراسلين، نشتغل في توافق تام، نستمع ونتحاور ونناقش ونتفق..وأعتبر نفسي منسقا وسط المجموعة، والمنسق ليس هو دائما الأفضل، بل هو القادر على جمع وتوحيد عناصر المجموعة. بالنسبة للبرامج وللتغطيات والمتابعة، يتم الإعداد مبكرا، وأنا أعتقد أن جدول زمن اشتغال الصحافي ليس محددا في ساعات أو في مكان، الصحافي يجب أن يكون حسه المهني متيقظا ومشتغلا 24 ساعة على 24. الأغنية والموسيقى لهما حضور قوي في برامجك الرياضية؟ الرياضة فن، والمتلقي أمانة يجب المحافظة عليها.. ويجب أن نعرف كيف نشد بتلابيب أذن المستمع، واختيار الفواصل الموسيقية لا يأتي اعتباطيا، بل مناسبا وملائما للحدث ، سواء كان حدثا حزينا، كانهزام فريق مثلا، أو حدثا سارا كفوز أو تحقيق نتيجة إيجابية. موقف صعب؟ هو عندما يتعذر ربط الاتصال بضيف أو بمسؤول أو متدخل له صلة بالموضوع الذي نناقشه. كمال لحلو مدير، لكنه مسؤول في الرياضة الوطنية، متى يمكن أن نستمع لآرائه عبر أثير إذاعة إ ف م؟ ليس هناك أي مانع، وسبق بالفعل أن سمعنا صوته في برامج رياضية في إذاعتنا. ليس هناك مانع سوى أنه يفضل دائما أن تمنح الفرصة لكافة المسؤولين والمتدخلين في الشأن الرياضي.. كمال لحلو يعتبر إذاعة إ ف م، إذاعة للمغاربة أجمعين. هل من برامج جديدة قريبا؟ أعددنا في القسم الرياضي ثلاثة برامج جديدة ستبث قريبا إن شاء الله، هي برنامج »المواطن الرياضي« وخلاله سيتحول المواطن العادي لصحافي يتحدث عن منطقته ومدينته أو قريته بكل حرية. هناك مسابقة في التعليق الرياضي مفتوحة في وجه كل من يحمل موهبة أو رغبة في ولوج الميدان، ثم هناك مسابقة ترفيهية وتثقيفية »سؤال وصوت«. رئيس القسم الرياضي بإذاعة إ ف م: