بوليف: التحويلات المالية لمغاربة العالم ينبغي ترشيد استثمارها ويجب إشراك الجالية في الانتخابات التشريعية    لفتيت يقضي عطلته بمراكش    بنك المغرب .. الدرهم يرتفع مقابل الدولار خلال شهر غشت    أسعار النفط تسجل خسائر أسبوعية    اتلاف كمية من الفطائر (السفنج) الموجة للبيع في الشواطئ لغياب معايير الصحة    قمة ألاسكا : ترامب وبوتين يعلنان عن تقدم كبير دون اتفاق نهائي بشأن أوكرانيا    شركة غوغل تطرح أداة جديدة لحجز رحلات منخفضة التكلفة بالذكاء الاصطناعي    السكيتيوي: "مواجهة الكونغو الديموقراطية تعتبر معركة وتتطلب تركيزا عاليا والكثير من الذكاء والجهد"    صحيفة أرجنتينية : التبوريدة فن الفروسية الذي يجسد روح وهوية المغرب    نادي برشلونة يمدد عقد مدافعه جول كوندي    ليدز يتعاقد مع المهاجم كالفرت لوين    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    كيف أنسى ذلك اليوم وأنا السبعيني الذي عايش ثلاثة ملوك    غاب عن جل الأحزاب    وكالة المياه والغابات: أقاليم الحسيمة والعرائش ووزان وتطوان وإفران وتاونات أكثر المدن عرضة للحرائق    عادل شهير يوقع أحدث أعماله بتوقيع فني مغربي خالص    ملتقى الثقافة والفنون والرياضة يكرم أبناء الجالية المغربية بمسرح محمد الخامس بالرباط    في بلاغة الغياب وحضور التزييف: تأملات في بيان حزب الأصالة والمعاصرة بالعرائش !    أوجار: مأساة "ليشبون مارو" رسالة إنسانية والمغرب والصين شريكان من أجل السلام العالمي    تطوان تحتضن انطلاقة الدورة الثالثة عشرة من مهرجان أصوات نسائية    سفارة الصين بالرباط تحتفي بالذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء بعرض وثائقي صيني    صيادلة المغرب يعلنون التصعيد ضد الحكومة    طلبة الأقسام التحضيرية يلوحون بالاحتجاج رفضا لطريقة توزيع مقاعد مدارس المهندسين    ارتفاع العائدات السياحية إلى ما يناهز 53 مليار درهم خلال النصف الأول من 2025    "الغارديان": هل مهد الإعلام الألماني الطريق لقتل الصحفيين الفلسطينيين في غزة؟    فوز مثير لليفربول على بورنموث برباعية في مستهل المشوار بالدوري الإنجليزي    الواحدي يقود جينك للفوز بثنائية في الدوري البلجيكي    صحيفة أرجنتينية تسلط الضوء على عراقة فن التبوريدة في المغرب    تسويق 6.14 مليار درهم من منتجات الصيد البحري إلى غاية نهاية يوليوز المنصرم    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    النقابات تستعد لجولة حاسمة من المفاوضات حول إصلاح نظام التقاعد    الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم يختم موسمه الرياضي بعقد الجمع العام العادي    بولمان.. اكتشاف ثلاث أسنان متحجرة لديناصورات عملاقة تعود إلى حقبة الباثونيان    مأساة وادي الحراش في الجزائر... دماء الأبرياء تكشف كلفة سياسات عبثية    مقتل 11 وإصابة أكثر من 130 في انفجار بمصنع في موسكو    كيوسك السبت | البطاطس المغربية تعود بقوة إلى الأسواق الدولية في 2025    مريدو الطريقة البودشيشية في ليبيا يعلنون دعم مشيخة منير البودشيشي ويراسلون الملك محمد السادس    راب ستورمي وحاري في "رابأفريكا"    زيلينسكي يلتقي ترامب في واشنطن    دورة سينسيناتي لكرة المضرب: الكازاخستانية ريباكينا تتأهل لنصف النهاية على حساب بسابالينكا    موسم مولاي عبد الله... تكدّس، غياب تنمية، وأزمة كرامة بشرية    نائبة رئيس محكمة العدل الدولية: الرب يعتمد عليّ للوقوف إلى جانب إسرائيل    القصر الكبير: التنسيقية الجمعوية المحلية تدق ناقوس الخطر حول الوضع البيئي المقلق بالمدينة    كينيدي يخوض معركة جديدة ضد صناعة المكملات الغذائية في أمريكا    صرف الدرهم يرتفع مقابل الدولار    موجة حر مع "الشركي" وزخات رعدية من الجمعة إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة            الحكومة تراهن على "التوازن" بين رعاية الحيوانات الضالة والأمن العام    كرنفال وعروض موسيقية وفروسية في افتتاح مهرجان وادي زم    اختتام المؤتمر العالمي الخامس للتصوف بفاس بإعلان تأسيس "التحالف العالمي لأهل التصوف"    "كارثة طبية" أدت لوفاة العشرات في الأرجنتين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات كردستان العراق مشروع جنة ينبثق من جحيم الإبادة

أما بيريزاد شعبان برواري، فقد تعرفت عليها في أحد الليالي في مطعم الفندق. كنت جالسة رفقة امرأة أخرى نتناول وجبة من الوجبات، عندما اقتربت مني وأهدتني آخر ديوان شعري لها موسوم ب»أنا وأيلول» وأيلول (شتمبر) هو الشهر الذي أعدم فيه والدها. كانت بيريزاد شعبان قد قرأت بعض القصائد من هذا الديوان في افتتاح المؤتمر. وكنت قد رأيتها من بعيد، فهالني جمالها الأخاذ، الذي يجمع بين الجمال الكردي والجمال العربي، بثوبها الطويل المحتشم الذي يبرز جسدها الممشوق، وشعرها الطويل المنسدل على كتفيها. كانت فاتنة الجمال. وكانت قد قرأت إهداء لوالدها الشهيد شعبان محمد برواري الذي أعدم في زنزانة بالموصل سنة 1977 على أيدي نظام البعث، فقط لأنه ناضل من أجل هويته الكردية، قائلة: «إلى أبي الذي خجلت منه خشبة الإعدام».
وتضيف الشابة الكردية بيريزاد التي توجد في العقد الثالث من عمرها، والتي تشغل منصب برلمانية في العراق، في مقدمة كتابها: «لماذا أكتب؟ أنا أكتب لأني مومنة بالله وكوردستان...أكتب لأن عيني فقدتا الابتسامة ... وأنا في زنزانة الطاغية أرى حبيبي الأول والاخير (أبي) يؤخذ للمنشنقة. أكتب لأني ما زلت تلك الطفلة ذات الأعوام السبعة التي تنتظر عودة والدها عصرا ليجلب لها (الحامض حلو) الذي تحبه، والذي فقد مذاقه منذ رحيله واستشهاده. أكتب لأني انتظر قدوم الربيع كل عام لأقطف نرجسه، لا لأتزين به بل لعلي بعد ثلاثة وثلاثين عاما من الانتظار أحظى بقبر يضم رفات والدي، فأضع النرجس على قبره وأقول له...أحبك. أكتب لأني صبرت على كل المواجع، ورأيت أحلامي مصلوبة في وضح النهار، ولم يكن الصبر من شيمي لكني تعلمته مثل بقية إخوتي من أمي العظيمة. أكتب لأن اكتمالي لم يكتمل بعد... فأنا لم أعش بعد تحت سماء الدولة الكردية. أكتب لأن قلبي بأجزائه الأربعة ما زال يئن تحت سياط الطغاة. أكتب لأني تلك الكردية المؤنفلة، وحفيدة صلاح الدين الأيوبي، لأني عروسة حلبجة وبارزان وباهدينان وسوران ... لأني قامشلو ومهاباد وآمد ودهوك، ولأني أستمد قوتي دائما من قلعة الصبر... (هولير). أكتب للإنسانية جمعاء... للسلام ... للطفل... للمرأة ... للشيخ ... وللشهيد. للذي يسعى دوما أن يغير الحياة اتجاه الأحسن. أكتب لأني أعلم أن غدا ستشرق الشمس.»
كما يتبين من هذا النص، فبيريزاد برواري (ويكتب بالكردي: به ريزاد به رواري)، كردية أبا عن جد، كما أنها متشبثة بهويتها الكردية، وتواصل النضال الذي بدأه والدها، بمختلف التاكتيكات، من أجل تحقيق كردستان الكبرى. كما أنها لا تجد حتى رفات والدها من أجل زيارة قبره ووضع بعض الأزهار عليه. إنها تجسد جزءا من مأساة شعب برمته، ما زال يرزح تحت وطأة الطغاة كما سمتهم هي نفسها.
أما راهبة، فهي امرأة مناضلة نسائية عراقية تعيش في هولاندا. تعرفت عليها في المؤتمر. فبدت لي لطيفة تتوفر على معرفة واسعة بتاريخ العراق الحديث ووضع النساء فيه. كما أنها تعرف الكثير عن تاريخ الكرد، خاصة نسائه. وقد حدثتني أكثر من مرة عن بعض النساء اللواتي رأينا صورهن معلقة في جدران أحد الفنادق. فتسترسل في الحكاية بحماس كبير وكأنها تستمد فخرها من هؤلاء النساء اللواتي يؤكدن بنضالهن أو تزعمهن لبعض الحركات أو قيادتهن لبعض المحافظات الكردية، أنهن عندما تؤمن بهن، ومن خلالهن بالنساء جميعا، فإنها تؤمن بالورقة الرابحة في اللعبة السياسية عموما.
هاشم نعمة فياض، تعرفت عليه في الفندق، وبالضبط في قاعة الأكل. عراقي وسيم جدا، وشديد التهذيب، مقيم في هولاندا. علمت فيما بعد أنه متزوج من مغربية، وأنه وزوجته كاتبان. نشر عدة كتب منها دراسة باللغة العربية حول «هجرة العمالة من المغرب العربي إلى أوروبا: هولاندا نموذجا، دراسة تحليلية». وأهداني بعض كتبه، وكذا كتاب لزوجته نجاة تميم باللغة الفرنسية حول «هويات في صراع، الشخصية النسائية لدى الطاهر بنجلون».
ترك لدي انطباعا إيجابيا جدا. واتفقنا أن نعمق معرفتنا أكثر عندما يحل بالمغرب في أحد الأيام القادمة.
هناك أيضا الباحث والمخرج المسرحي عميد كلية الفنون الجميلة بالبصرة عبد الكريم عبود عودة، بمجرد أن علم برغبتي في زيارة العراق، وعلم بخارطة الطريق التي وضعها لي الصديق واصف منصور، حتى شجعني على ذلك. وقال إنه يمكنه أن يتدبر أمر بطاقة الطائرة التي ستقلني إلى البصرة، لأشارك في مهرجان المربد. تحمست للفكرة، وبدأت أستعد لذلك بعد أن اتصل هو ببعض الأشخاص في المربد وأعطاهم إسمي. بدأت أرتب أمري لزيارة العراق، رغم أن أغلب من عرفوا ذلك، لم يشجعوني عليه، معتبرين أن كردستان تعد جنة بالمقارنة مع جحيم العقليات ومظاهر الخراب الموجودة في العراق. انتهوا بإثباط عزيمتي، فبقيت في كردستان، التي لم يكن لدي وقت كاف لزيارتها كاملة.
كان شخصا لطيفا جدا، ومكونا. ليلة عودته إلى البصرة، سهرنا في غرفته أنا وشامة وسندس وباسم، ندردش ونغني ونمرح ونحكي النكات حتى وقت متأخر من الليل، قبل أن نودعه ونذهب إلى غرفنا للنوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.