نعود للحديث عن الموضوع لأن تحركات مريبة تتجه نحو تحوير الملف والاكتفاء بأكباش الفداء حماية للأربعين حرامي! كل هذه السنوات ولم يطو ملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كل هذه الاختلاسات والتلاعبات والمتبثة والملف يسير سير الحلزون منذ تشكيل لجان تقصي الحقائق برلمانيا إلى وضعه فوق رفوف مكتب قاضي التحقيق باستئنافية البيضاء إلى تحديد تاريخ انطلاق المحاكمة وانطلاق الجلسات الماراطونية للنظر فيه، فكيف يمكن تفسير هذا؟ هي سنوات سوداء مرت من تاريخ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، سنوات أرخت لمرحلة ضرب فيه التسيب رقما قياسيا بالمؤسسة المذكورة بدءا من الصفقات الوهمية مرورا بالاختلالات المالية في حساباته والمصاريف الخيالية لمجموعة كبيرة من المسؤولين به، وتلاعبات مجموعة من المفتشين في لوائح المصرح بهم من طرف المشغلين واللائحة طويلة. الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو «صندوق سيدنا سليمان» والمعروض حاليا على أنظار القضاء كان لا يخضع لأية مراقبة من طرف الدوائر الرسمية، كان بمثابة البقرة الحلوب أو الاحتياطي المالي الذي لاينضب لأباطرة الفساد آنذاك، وكل واحد من مكونات هذه الامبراطورية ينهب «بمعرفته»، منهم من كان متخصصا في الصفقات الكبرى للصندوق، ومنهم من لهف الملايين من الحسابات المالية وأطلق ساقيه للريح خارج الحدود قبل فوات الأوان، وهناك من استفاد من مصحات الصندوق والمشاريع المرتبطة بها، ومنهم من تواطأ مع الباطرونا لأكل عرق العمال مقابل رشوة تتضخم حسب حجم المقاولة، وآخرون جابوا العالم على حساب مالية الصندوق والبعض الآخر استفاد من المخيمات الصيفية التابعة له وآخرون وآخرون واللائحة طويلة.. كل هذا تسبب في ضياع 136 مليار درهم ومايزيد وهو يعادل موارد الدولة من عائدات الخوصصة برسم سنة 2001 ويفوق مرة ونصف المرة حجم النفقات العمومية للتسيير لنفس السنة كما يوازي ست مرات نفقات الاستثمار. الرأي العام المغربي أصيب بالذهول، فحجم الأموال المختلسة المعلن عنها لايمكن لأحد أن يصدق كان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلال تلك الفترة وكرا من أوكار الفساد، ساهم فيه بعض أباطرة العمل النقابي إن بصمتهم أو بتواطئهم، كان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمثابة مجمع لتوظيف الأهل والأقارب والأصحاب والأحبة والمنعم عليهم، وضعية أغرقت الصندوق بموظفين البعض منهم من دون تكوين اللهم الولاء لهذا المسؤول أو ذاك. فهل ستقول العدالة كلمتها في الملف ؟ ذلك ماسيتبين مع الدخول القضائي الجديد وبالتالي معرفة إن كان الأمر يتعلق بموقف جدي أم بمجرد جلسات ستطول أطوارها حتى يلفها النسيان...