ما علاقة الإعلام بتجويد النقاش العمومي؟    تدشين أول وحدة صناعية لمواد بطاريات الليثيوم - أيون بالجرف الأصفر    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. إنتر ميلان يطيح بريفر بلايت ويتصدر مجموعته    طقس حار مرتقب اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    الجهود متواصلة لإخماد حريق غابة "ثاندا إفران" بالحسيمة بعد تحويط بؤر النيران    وفاة شاب إثر سقوط من سطح منزل بطنجة    حريق يُخلّف إصابتين في حي بوحوت بطنجة    تعيين عالمة الأحياء المغربية جنان الزواقي عضوا في الأكاديمية الإيبيرو-أمريكية للصيدلة    طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    بنك المغرب: ارتفاع الديون المتعثرة ب4,5 في المائة    700 مليون درهم لدعم مربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني    وزارة الصحة الإيرانية تعلن مقتل 627 شخصا في الهجمات الإسرائيلية    موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب لستة أيام متتالية.. الأرصاد الجوية تحذر وتعلن مستوى يقظة برتقالي    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    تفاصيل الحكم بالسجن على بطل الكيك بوكسينغ جمال بن صديق في بلجيكا    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    كأس العالم للأندية.. مبابي يستأنف تدريباته الجماعية مع ريال مدريد    إعلام فرنسي: أشرف حكيمي قدم موسما استثنائيا ويستحق الكرة الذهبية    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    ولد الرشيد يجري مباحثات مع نائب رئيس جمهورية السلفادور حول سبل تعزيز التعاون الثنائي    توقعات طقس الأربعاء في المغرب    لجنة مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحل بشفشاون لمواكبة التلقيح ضد الحصبة    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    ابتلاع كيس يحتوي على مخدرات يودي بحياة موقوف بطنجة خلال تدخل أمني    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    الملك محمد السادس يهنئ أمير قطر بذكرى توليه الحكم    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    مبادرة مدنية ترفض حرمان الجمعيات من التبليغ عن الفساد وتعتبره دوسا على الدستور والالتزامات الدولية للمغرب    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير استخراج أسماء المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة        كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب        عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



56 سنة على ثورة آيت باعمران

في مثل هذا اليوم 23 نونبر 1957، كان اندلاع ثورة آيت باعمران الشعبية التي لقن الباعمرانيون خلالها للإسبان دروسا في الوطنية والتضحية والفداء. هذا اليوم يعتبر ملحمة بارزة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل استكمال الوحدة الترابية. فيه استولى 1500 رجل من رجال جيش التحرير الوطني بقيادة الكولونيل بن حمو وسكان قبيلة أيت باعمران على مواقع إسبانية وكذلك على مدينة إيفني. وفي نفس اليوم شن جيش التحرير بمنطقة الجنوب هجوما واسعا على مدن: طانطان والسمارة ووادي الذهب والداخلة والعيون والساقية...
قبل هذا التاريخ بعشر سنوات وبالضبط سنة 1947، كانت انتفاضة شعبية عارمة، حين قامت قيامة الباعمرانيين، بسبب فرض المستعمر الإسباني بطاقة تعريف خاصة على جميع المواطنين، وقد كتب تحت الصورة التي على البطاقة (هذا إسباني).
وعلى إثر هذه الإنتفاضة تعرض عدد من المواطنين الباعمرانيين للمضايقات والإستفزازات والإضطهاد والتشرد وبيعت ممتلكاتهم بالمزاد العلني وأمضت جماعة منهم سنوات في سجن الداخلة، نتيجة مواقفهم الوطنية الصلبة. وفي نفس الفترة كانت هناك معارك وانتفاضات شعبية بكافة ربوع الوطن لمواجهة الإحتلال ومن هذه المعارك، معركة الهري، أنوال، بوغافر، وجبل بادو وغيرها من المعارك التي لقن فيها المجاهدون والمقاومون المغاربة قوات الإحتلال دروسا في الصمود والمقاومة والتضحية.
بعد نفي المغفور له محمد الخامس سنة 1953، التحقوا الباعمرانيون بالعمل في صفوف المقاومة من أجل استقلال المغرب، وساهموا في تأسيس المقاومة وجيش التحرير، واتخذوا مدينة إيفني ملجئا لهم وقد بلغ عددهم حوالي 140 لاجئا. وبعد رجوع محمد الخامس من منفاه رفقة الأسرة الملكية سنة 1955، منعت إسبانيا الباعمرانيون من المشاركة في إقامات الإحتفالات بعيد الاستقلال يوم 18 نونبر 1955، وألقي القبض على العديد من الوطنيين ورمي بهم في السجون من جديد. إلى أن تم الإعلان عن استقلال المغرب يوم 2 مارس 1956 رسميا بموجب اتفاق بين الدولتين الفرنسية والمغربية على إلغاء معاهدة الحماية. كما تم بموجب اتفاقية مماثلة مع الدولة الاسبانية يوم 7 أبريل إلغاء نظام الحماية بالمنطقة الشمالية. وفي أواخر أكتوبر 1956 سيتم إلغاء الطابع الدولي لمنطقة طنجة وإخضاعها للسيادة الوطنية المغربية.
بعد اعتراف إسبانيا باستقلال المغرب سنة 1956، اتفق الحاكم الإسباني لمدينة إيفني مع ممثلي السكان على إلغاء الحدود المصطنعة بين الفرنسيين والإسبانيين وإلغاء المكوس والضرائب التي ينتزعها الإستعمار من المواطنين، وتم ترك تسيير شؤون المواطنين لممثليهم ريتما يأتي ممثل الحكومة المغربية. وبعد ذلك تكون وفد يمثل كل القبائل الباعمرانية وتوجه إلى مدينة الرباط لتقديم تهاني الباعمرانيين بعودة محمد الخامس، كما قدم الوفد ملتمسا يحث الحكومة المغربية على التعجيل بإرسال مبعوث يتسلم السلطة من الإسبان. غير أن المنطقة وقعت في إهمال حيث يقول المؤرخ المختار السوسي في المعسول «مضى مامضى بعد رجوع الوفد ولم يظهر للملتمس أي تأثير». في تلك الفترة كان تواجد حزب الاستقلال وجيش التحرير في المنطقة ولم يكن لهما تدخل في التنظيم الاداري وشؤون المواطنين. وقد طالب الحاكم الإسباني بإيفني من عامل مدينة أكادير أنذاك أن يأتي ليتسلم السلطة فاعتذر لأن الحكومة المغربية لم تأذن له بشيء، ولما رأوا الاسبان الفراغ الحاصل في أيت باعمران استرجعوا نفودهم في المنطقة، وبدا لإسبانيا أن تسترجع كل ما عرضته للتسليم، واستدعت الرؤساء الذين كانوا يتقاضون من يدها فأمرتهم بأن يراجعوا معها أعمالهم فثارت تائرة الباعمرانيين. ثم تأزمت الأمور بين إسبانيا وآيت باعمران ونشطت حركة المقاومة ضد الإسبان ابتداء من أبريل 1956، وتم اغتيال جماعة من الضباط المغاربة العاملين في قسم الإستعلامات الإسبانية، وأقدمت إسبانيا على اعتقال جماعة من مسيري شؤون السكان ونفتهم إلى جزر الكناري، كما نفت السلطات الإسبانية أغلبية المقاومين إلى مدينة الداخلة للحيلولة دونهم الإتصال بالمواطنين. ثم أعلن السكان عن إضراب عام لمدة ثلاث أشهر وفي تلك الفترة وقعت معركة «تفست» بأيت عبد الله استشهد خلالها مجاهدان وقتل حوالي عشرين إسبانيا. فصرح الحاكم الإسباني أنذاك إن منطقة أيت باعمران جزء من إسبانيا فمن رغب في العيش مع إسبانيا فيها مرحبا به ومن في رأسه غير ذلك فما عليه إلا الرحيل...
كان خطأ الدولة المغربية في عدم تعيين أي من رجال السلطة في أيت باعمران، أدى ثمنه المغرب لسنوات، حيث حصلت اصطدامات مع المواطنين، وقامت المقاومة المغربية التي لعبت دورا بارزا في ربط العلاقة مع الأقاليم الجنوبية. وهكذا بدأت الإستعدادات تجري في كل مكان للهجوم والقيام بثورة شاملة ضد إسبانيا الإستعمارية الغادرة، وكان ذلك يوم 23 نونبر 1957 وهو يوما مشهودا خالدا في تاريخ باعمران وفي تاريخ المغرب. لقد صمد سكان أيت باعمران أمام الجيوش الإسبانية الزاحفة وكبدوها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتمكنوا من تحرير جميع المراكز الإسبانية بأيت باعمران في ظرف أسابيع معدودة.
كانت المحاولات الأولى للغزو الأجنبي من أجل السيطرة على المنطقة ما بين 1913 و 1915 متواصلة بالحملات العسكرية إلى سنة 1935. وخلال تلك السنوات خاض الباعمرانيون المعارك ضد إسبانيا من بينها: معركة «تابلكوكت» وهو مركز يقع بين الحدود الإسبانية والفرنسية، معركة «بيزري» شارك فيها 180 مجاهدا ضد 4000 إسبانيا وأسفرت عن قتل 493 إسبانيا واستشهاد أربعة مجاهدين، معركة «بورصاص» استعمل فيها المجاهدون مدافع الهاون ونصبوا كمينا للجيوش الإسبانية البالغ عددها حوالي 2000 جندي، وأسفرت عن قتل 530 إسبانيا. ومعركة «اصدار» شارك فيها 200 مجاهد ضد حوالي 2000 إسباني وأسفرت عن مقتل 130 إسبانيا واستشهد 27 مجاهدا، ومعركة «ثلاثاء اصبويا وتالوين» شارك فيها 120 مجاهدا ضد 1870 إسبانيا، ثم هناك معارك أخرى ك : «عركوب» و»املو» و «بيجاريفن» «إيفني» و»سيدي امحمد بن داوود». ثم تمكنت قوات جيش التحرير من تحرير مدينة طانطان، ونظمت هجومات على بوجدور والدشيرة وأوسرد، ثم معركة الرغيوة في 13 فبراير 1957 وهي السنة التي شن فيها الباعمرانيون انتفاضتهم، ودامت هذه المعارك إلى غاية 12 دجنبر 1957.
وقد لعب هؤلاء المقاومون دورا بارزا في الدعاية السياسية للكفاح المسلح الذي خاضوه الشماليون، وقاموا بتعبئة سياسية وسط الجماهير وخاصة الضباط والجنود المغاربة الذين كانوا في الجيش الإسباني. ولهذا قدمت منطقة آيت باعمران كسائر مناطق المغرب الأمثلة الرائعة، حيث كانوا الباعمرانيون بالمرصاد منذ بداية الأطماع الأجنبية والغزو الإستعماري. واستطاع أبناء قبائل أيت باعمران تحقيق النصر وصناعة المعجزة رغم محدودية إمكانياتهم، ولقنوا المستعمر دروسا في الصبر ونكران الذات. وفي هذا الصدد يروي المقاوم محمد بنسعيد أيت يدر، أحد قادة جيش التحرير في الجنوب، في مذكراته أن قادة جيش التحرير باشروا مفاوضات مع الأجهزة القيادية في الجيش الاسباني، التي اقترحت عليهم التنازل عن الساقية الحمراء ووادي الذهب، مقابل تنازل جيش التحرير عن سبتة ومليلية والجزر الجعفرية. وكان جواب قيادة جيش التحرير، هو رفض هذه المقايضة. لأننا يقول بنسعيد لا ننوب عن الشعب المغربي لمنحهم الموافقة.
ويقول المقاوم سعد الله صالح أحد عناصر جيش التحرير، كانت هناك مفاوضات بين قيادة جيش التحرير والاسبان حول الأسرى مقابل تخلي الاسبان عن الصحراء، ولما وصلت أخبار هذه المفاوضات إلى المسؤولين بالمغرب، طلبوا تسليمها الأسرى الاسبان، فأصبح جيش التحرير المغربي يهرب قافلة الأسرى من مكان لآخر خوفا من الاسبان ومن النظام في المغرب.
ومن جهة أخرى نظم جيش التحرير عملياته ضد الجيش الفرنسي ووصلت القوات المغربية إلى مطار موريطانيا، وأربكت المخططات الفرنسية في المنطقة. وتم التحالف بين الإستعمار الفرنسي والإسباني في معركة «إكوفيون» في 10 فبراير 1958. واستطاع أن يتحدا ويغزوا الصحراء من جديد وضد جيش التحرير المغربي عن الصحراء المغربية المحررة، بمساعدة عناصر متنفذة في الجيش المغربي أنذاك، ساهمت في تقديم الدعم لضرب جيش التحرير.
ومع ذلك تواصلت مسيرة استكمال الإستقلال، مع استرجاع منطقة طرفاية في 15 أبريل 1958، واستطاع المغرب من جديد أن يحقق خطوة جبارة على درب استكمال التحرر باسترجاع مدينة سيدي إفني من قبضة الإسبان في 30 يونيو 1969، كما تم استرجاع الأقاليم الجنوبية سنة 1975 بفضل المسيرة الخضراء، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية، وفي 14 غشت 1979 تم استرجاع إقليم وادي الذهب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.