الفرقة الوطنية توقف شخصا ببني بوعياش متورطا مع شبكة رضوان التاغي في هولندا    تخريب تجهيزات السد القضائي للأمن الوطني بمدخل إمزورن    مونديال الشيلي لكرة القدم لأقل من 20 سنة.. المغرب يواجه المكسيك بهدف تأكيد تألقه    طقس السبت: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    تقديم 136 شابا بالرباط رهن الاعتقال أمام النيابة العامة وإحالة المتهمين بالتخريب والسرقة على قاضي التحقيق    وقوع ضحايا جدد في غزة رغم دعوة ترامب إسرائيل إلى وقف القصف    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    الاتحاد الإسلامي الوجدي يهدد انطلاقة شباب المحمدية والمغرب التطواني يبحث عن تصحيح الأوضاع    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    صحيفة لوجورنال دو ديمانش الفرنسية: الجزائر على صفيح ساخن... شباب "جيل Z 213" يتحدّى نظام تبون    لماذا يتجاهل بعض التونسيين أزمتهم الداخلية ويركزون على المغرب؟    ترامب يعلن عن "يوم كبير" ويشيد بدور دول عربية في خطة إطلاق الرهائن    صحيفة إلكترونية أمام لجنة الأخلاقيات بسبب نشر محتوى محرض على العنف    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدعو إلى إطلاق سراح النشطاء المحتجزين من طرف إسرائيل و تندد بخرق القانون الدولي    آلاف المغاربة يتظاهرون في عشرات المدن للتنديد بقرصنة أسطول الصمود العالمي    تعيين محمد فوزي واليا على مراكش وخالد الزروالي واليا على فاس    البرلمان الهولندي يدعو إلى الإفراج الفوري عن ناصر الزفزافي وباقي السجناء السياسيين في المغرب    جينك يعلن خضوع الواحدي لعملية جراحية في الكتف    المحامية سوجار تنتقد اعتقال شباب مغاربة على خلفية مظهرهم خلال الاحتجاجات    أكادير: أرباب مطاعم السمك يحتجون الاثنين تزامناً مع دورة مجلس الجماعة    رئيس "اليويفا": إستبعاد إسرائيل من مسابقات كرة القدم غير مطروح    الحكم بالسجن أربع سنوات وشهرين على ديدي    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب    الأمين العام يأسف لوقوع أعمال عنف أثناء المظاهرات في المغرب        فيدرالية اليسار تجمع أحزابا ونقابات وجمعيات حقوقية لدعم حراك "جيل زد"    "حماس" توافق على خطة ترامب بشأن غزة والأخير يدعو إسرائيل لوقف القصف    البطولة: المغرب الفاسي يفرض التعادل على الرجاء الرياضي في الرمق الأخير من المباراة                            تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر    شبيبة التجمع تنبه: تجار الانتخابات ومحترفو ترويج التضليل والتهييج مسؤولون عن أحداث العنف                    فرقة مسرح الحال تقدم مسرحيتها الجديدة "لا فاش" بمسرح محمد 5 بالرباط    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    أمير المؤمنين يترأس حفلا دينيا إحياء للذكرى السابعة والعشرين لوفاة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني    مهرجان الفيلم المغاربي بوجدة: "من شاشة السينما تبنى الجسور وتروى القضايا" عنوان ندوة محورية    احتجاجات "جيل زد" تحدد أولويات جديدة بين وزير الصحة والنقابات القطاعية    مهرجان السينما في هولندا يكرّم ناجي العلي وينتصر لذاكرة شعوب المنطقة    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 12 مشروعا بأزيد من 45 مليار درهم        حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انشطارات يوسف الأزرق وتشظّياته في ديوان « مَحو الأُمنية»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 25 - 05 - 2017

ينتمي عالم يوسف الأزرق الشعري إلى تلكَ الفُسوحات المترامية من شغَب الخيال ، والأمداء الرحبة من تلاقُح الرؤى واتقاد الذهن و نفاذ البصيرة في جهدٍ حثيث لتكوين أجنَّة شعرية ما أن تُعلن ولادتها على الورق حتى تُبهر القارئ بنضجها المكتمل بتمام تكوينها ، وتشِي بخضرمة أدبية قلما نجد نظيرها عند المبدعين الشباب . هذا ما نلمسه بجلاء في ديوان «محو الأمنية» أحدث إصدارات الشاعر المغربي الشاب يوسف الأزرق.
وتبدو مُعاقرة الشعر لدى (الأزرق)ضرورية ليس لغاية أدبية استعراضية بحتة، بل استجابة لدافع سيكولوجي ملحّ، يتجلى في تفريغ مخزون الذات من الحُمولة الثقيلة والضاغطة للألم وللخيبات و للتشظيات، إضافة إلى تمجيد الشعر وتقليدهِ مقاليد الآلهة المقدسة بوصفه طريق الخلاص، والموئل الآمن الذي يلوذ به الشاعر من مطبَّات اليأس والعوَز النفسي الشديد والفادح للسعادة و للحب .
انظر إلى قولهِ بما لا يدَع مجالاً للشك أنه يحيا للشعر بالشعر :
( لا يهمّني ما سيرويه الأجداد لأحفادهم من أوهام وعبر / لا يهمني إن سقط جرح في الجهة الأخرى من الحب / ما يهمني فقط أن أرقد في ظل يحتوي خساراتي / و أن تبقى أصابعي معتادة على الصحو باكراً / لتكتب قصيدة بحجم صحراء. )
وإذا كانَ الحب هو إكسير الحياة بخاصة لدى مِعشر الأدباء ومجانين الشعر العربي
…المُلهم المحرّض الحثيث على البوح و سيَلان الحروف ، فإننا في (محو الأمنية) نلمس بجلاء الشَّرخ الكبير في علاقة الشاعر مع الحب ، إذ أنها علاقة متجردة من الثقة ، و قد فرضت سلبية هذه العلاقة على الشاعر إحساساً بقسوة الحياة و بجفائها ، و قادتهُ إلى اعترافات موجعة ويأس مُمِضّ …و هل ثمة أمضّ و أوجع من خيبات الحب ؟ التي تُرجمت بالحضور المهزوم للمرأة في ديوان (محو الأمنية). … المرأة التي يشتهيها الشعراء ملهمة ومتفهّمة ،تنأى بمعشوقها عن الضياع والتخبط في متاهات المصائر المبهمة، ومفترقات الأقدار الظالمة، المرأة التي تحتضن طفولة الشاعر العاطفية احتضان الأم لرضيعها، هذه المرأة كان يجب أن تترسخ في وجدان الشاعر كَمِشجب لتعليق الأماني، وكمُستراح ومتنفَّس من غدرات الحياة، ساقها الشاعر لنا امرأة مسلوبة الحَيل والحِيلة، مكبلة بأصفاد الهزائم الاجتماعية والعاطفية، صريعة الخيانة والخائنين والإهمال العاطفي شأنها شأن الرجل ! ، فكيف لها و الحالؿ هذه أن تكون ملاذاً لرجل ذي خصوصية إبداعية ؟!
يترجم الشاعر رؤيتهُ للحب في قصيدة (غموض) قائلاً :
يظل الحب دائماً مليئاً بالألم الغامض والإحساس المبعثر/النوارس وحدها تدرك مفاصلهُ وجموحهُ/ … تتفرج من بعيد على الإنسان الأناني/الذي يورطه حب وهمي في سعادة قصيرة الأمد/و انظر إلى ملامح المرأة في قصائد (الأزرق) تجترُّ همومها كما شبابها، وتتراءى كضحية لآلاف السفاحين :
(متكئة على حائط منخور/تُرضع المرأة الحزينة نجوم المدينة الشريدة/ …و السنوات الضائعة من حياتها الموجعة/تجلس جانبها و تسخر من غدر الرياح/…لم يُمهلها الهدير لحظات صغيرة / لتلملم خساراتها / وتجمع الرماح المنغرزة في ظهرها)
ويحتفي الشاعر بالعزلة ، بالتوحُّد، بالهجران وبالاغتراب عن الذات كما عن الآخر إلى حد المغالاة والاستنكار! وتكاد تكون غايته الأولى من الكتابة إحياء طقوس تمجِّد الإقصاء والتهميش والعدميَّة والنفي وإشكالية الخصومة مع المحيط التي تتلبسه ، مما يثير فضول القارئ لمعرفة أحوال الشاعر الخاصة وظروفه الشخصية التي أدت إلى هذا الحُطام النفسي والشَّتات، وشكلت هويتهُ الأدبية المتَّشحة بالسواد و بالقتامة و المرارة . لكنها بالمقابل عكست منُجزاً إبداعياً مذهلاً بجمالياته وبتفاصيله، شائقاً ماتعاً مُترفاً بألق الحزن و بنبيذ الحرمان المعتَّق ، و كأنناب « يوسف الأزرق» يؤكد مقولة (وراء كل إبداع عظيم ، ألم عظيم)
يقول الشاعر : (في بيتي الصغير أرسم للسحب البعيدة / حكايات وضيئة عن العزلة / و أغذّي نبتتي الخضراء بعطر الصمت)
ويقول : ) لقد رحلتُ منذ ثانية و نصف موت / …لقد مزقتُ كل الأقمشة التي تنا م فيها
أحلامي / وهويتُ على رأس الحياة بفأس الجنون / أيها الفرح المزيف ، لاحظ وجهي في مرآة العزلة / أنا كائن لا مرئي و خطواتي تعشق التّيه و الجمال / فابتعد عني …ابتعد قليلاً أرجوك)
إنَ ذرائع القطيعة عن العالم و مجافاة الأمل تبدو جليّة في أدب (الأزرق) و لها مبررات إلى حدما، وبمقابل هذا الخراب الداخلي و الانحطامات النفسية نجد تهليلاً وترحيباً بمملكة النوارس، وبنصاعتها المستمدة من نصاعة هذه الطيور الأليفة الونيسة الرامزة إلى السلام و الوفاء والحرية ، والتي تنجح في الحفاظ على توازُنات الشاعر و ثباتهِ في قارب حياته المترجرج فوق هدير الخسائر و تلاطمات الخيبة . يقول الشاعر واصفاً عمق علاقتهِ بالنوارس :
) صديق رائع ومتفهم / كلما جنحتُ للسفر يترك لي أجنحتهُ / جانب وسادتي البيضاء/ …وعندما ألمحهُ بعيداً عن الميناء / أرسم له بفرشاتي السحرية / سماء تليق به / وبحراً بمراكب خفيَّة وبحَّارة أوفياء. /
ويُكثر الشاعر من مدح التوأمة ما بينهُ من جهة ، وما بين النوارس ومواطنِها من شطآن وموانئ وبحَّارة وصيادين ، ومنها قوله :
(الميناء صديقي الوحيد في هذا العالم / علمني كيف أتغاضى عن المكائد والخيبات / و أن أظل قوياً و دافقاً كالموج / لذلك كلما أحسستُ بالحنين للأغوار / أتسلل ليلاً من بابهِ الدافئ /وأتأمَّلُني ماراً بين البحارة / ومتأهباً للعَوم الخفيف / أنا بحار المسافات اللامنتهية / ابن الريح ورفيق النوارس / القصائد مغلَّفة عندي دائماً بالزبد / وقصبتي وطني الوحيد)
و لشدَّ ما يُدهشنا التفكُّر في قدرة الشاعر الفائقة على الاستبطان والاستدراج الواثق للمشاعر وللأحاسيس واستكناهها في تجلياتها وتقلباتها المتناقضة العاصفة، فلا تكاد تخلو قصيدة من المجابهة بالحقائق و من المصارحات الصادمة حتى مع الحجر و أرصفة الموانئ و الشوارع .
انظر إليه يُضيء بسراج حروفه دَخيلة الشعراء :
(الشاعر يتفتت / …ينصهر ويسيل في إناء الند م/ لم تكن الظلال ممتلئة بالإشراقات الكامنة /لكنَّ هذا الجسد الذي يحمل صفة رجل أعزل سينفجر في جزيرة الكآبة)
ويقول أيضاً :
0بريدك فارغ مثل روحكَ/ و أمنياتك الصغيرة تحولت لجرذ مذعور / يرقد في مزهرية مهملة /ثمة أطيافٌ تجمع هفواتك/تُرتبّها بعناية في مذكرة الخواء)
ويُلحّ الشاعر في كثير من مواطن جماليات شعره على توصيف علاقته مع الكتابة . إنها علاقة جدليَّة وشائجُها متينة، غير قابلة للاختزال و للتفكيك . فالكتابة خبزهُ اليومي معجوناً بمَرق الألم و التسكع ، يتجلى ذلك في إلحاحه على تصوير (مخاض القصيدة) وولاداتها العسيرة كما في قوله :
(في السماء غيوم سوداء / تستحيل خفاشاً يلتهم بسمتكَ كلما نظرتَ للغروب / بالسقف تتدلى ظلال نحيفة / تستمر في التمدد لتشكِّل جسد امرأة / الموسيقى تنحني ليمر موكب من القصائد الراغية / الغرفة تُحس بالوجع / كأنها ستلفظ وحشاً هائلاً / النافذة ترتعش و الحيطان تصرخ / الشاعر يدخن بارتباك ويتفرج على المشهد بحذر)
ويقول : (إذا انفتحَ باب الشعر تصعقنا كهرباء الروح / وتتوغل فينا أطياف ميتة تزيد في شراييننا / جرعات إضافية لمزيد من التسكع المُوجع )
ويقدم الشاعر (الصويرة) حاضنة طفولته و شبابه بأُبَّهه وبفخامة تليق بالحواضر التي تعرف كيف تنجب شعراء أمثالهُ . و ما شغَفهُ بها وولعهُ بجغرافيتها و بمكوناتها البشرية و الإثنية والمادية إلا بطاقة حب وعرفان بالجميل من ابن بارّ إلى أم تُغدق أمومتها الفائضة بسخاء على أبنائها . انظر إليه يقول مثمِّناً هذه العلاقة :
(لازال الأمل يتسكع بين دروب المدينة الزرقاء / …لاشيء يبدو مريباً / ربما تتأهب العاصفة لاحتضان غضب البحر / وستتولد لغة قديمة في رحم الضجيج / الصويرة قصيدة تبحث عن شاعر خانها / مُرغماً ليهَبها ملامح أجمل / منْ يفهم لغة الهدير غير نورس ! )
وأتمنى على الشاعر مبدع (محو الأمنية) أن يستبدل حرف الميم في العنوان إياه بحرف النون، لأن إبداعاً بهذا الزَّخم والاحتشاد الكمّي و النوعي للتصاوير وللأخيلة ، للأفكار و للتراكيب وللرؤى …لابد أن يضع (يوسف الأزرق) وأمثالهُ من الشعراء الحداثيين الجادّين في مصاف المبدعين البارزين، يُبوِّئهم المكان المناسب على الخارطة الأدبية العربية، فتألُّق القصائد وفنّيتها العالية يُصعّب على الناقد اختيار شواهد مناسبة لفكرة ما و إغفال الباقي ، فما أكثر النصوص الرافدة والداعمة لتقييم المتلقي و اشتغاله بالتفاسير ، و ما أخصب وما أسخى هذا الديوان الذي يُعدُّ علامة فارقة في الشعر المعاصر . فثمة قصائد تستحق كل منها على حِدة أن تنفرد بإضاءة نقدية خاصة تستشف الجمال وبراعة التعبير و فرادة الأفكار وحسن الأداء الأدبي مِن معين ألفاظها ومن ظلال عباراتها ومن مداليل السطور وما بين السطور وما تحتها .
ومن النصوص المتألقة : (رَيبة – ظل يرسم شجرة – قصيدة تخلع قميصها للنجوم – شرود -شاعر – كولاج – الصويرة – إلى عزيز سويبة)
وثمة شطحات تعبيرية رهيفة أنيقة وآسرة لا تكاد تبرأ منها قصيدة ، اخترتُ منها قول الشاعر:
(منذُ البدء كانت القطارات النازفة في شراييني/ترميني بسِكَكها الملتوية في أقبية الخراب/وكانت الحرائق اللاصقة بظهري/ تسلخ جلد لُغتي الصادقة/منذُ أن أعلنت الرفض في وجوه العابرين)
وقوله :تتوقف الروح على ناصية الغيث لنتعرف بشكل أجمل على الجمرة التي نزفت من عِناقنا/ونرسم أرجوحة طفولتنا برذاذ شفيف/يُعيدنا للضفة التي التأمت تحت جسدينا ذات غبار/وكما التراكيب وبِدَع الأخيلة، كذلك الألفاظ فقد انتخبها الشاعر بدقة وببراعة لتُوائم الحالة الشخصية، إذ قدَّ لنا (الأزرق) قاموس مفردات نفيسة ، أثبتَ من خلالها أن ) لكل مقام مقال)، مع الاحتفاظ بخصوصية مقام ومقال الشاعر المثيرين للإبهار وللجدل . من هذه الألفاظ :
(سبائك الأسئلة ، الرَّاغية ، الأخبار البَئيسة ، صلواتك الغفيرة ، جوقة الهدير ، انثيال شهقات مديدة ، حكايات وَضيئة، الساعة موجة إلا هدير …)
وبدا الشاعر مفتتناً بالزُرقة و بدلالات هذا اللون ، فنقرأ في تضاعيف قصائده ، وفي مُتون
عباراته ما يشي بانجذابه إلى الزرقة وعالمها الدَّال على البرودة و المرض والكدمات : (الجهة الزرقاء ، جرح أزرق ، دروب زرقاء …)و يا للطرافة : ( يوسف الأزرق) !!!
وختاماً : يقول الأديب و القاص السوري عبد الحميد يونس :
«عندما يستطيع الشعر أن يضعكَ وأنت في مواجهته ، أما منفسكَ في حيرتها الإبداعية ، فهو في الواقع يحترم فيك ذوقك وعقلك . لأنه يفتح لك أُفق التفكير والتخييل ، وبالتالي يرفع من شأنك باتجاه التوليد و الإبداع بصحبتهِ ، و يحرِّض فيك طاقة الإبداع».
إنه مفهوم الشعر الحقّ . حداثياً كان أم لا ، وهذا ما ينطبق على نصوص ديوان «محو الأمنية» للكائن الليلي يوسف الأزرق الذي تحوَّل إلى مجنون ظريف ولطيف ، فطوَّع الشعر وأدواتهِ وعناصره لبلورة رؤيتهِ الفذة للحياة ، تطويعَ القادرين الماهرين الواثقين .
(*) كاتبة سورية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.