طفولة مخيمات تندوف بين فكي الدعاية السياسية والإستغلال الإيديولوجي تحت غطاء "عطل في سلام"    دبلوماسية الإنسان للإنسان: مزارعو آيوا يرون في العلاقات المباشرة جسراً لإنعاش التجارة بين الصين والولايات المتحدة    الشركات الأجنبية في الصين تواصل تعزيز تجارتها خلال شهر ماي    مأساة في نهائي دوري الأمم الأوروبية.. وفاة مشجع إثر سقوطه من المدرجات    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    اكتشاف نوع جديد من الديناصورات في فوسفاط "أولاد عبدون" بخريبكة        المغرب يحتفي بثقافته في قلب الصين عبر ألحان التراث وإيقاعات الفلكلور        موجة حر تقود إلى مأساة في إقليم العرائش: وفاة طفل وشاب غرقًا في حادثين متفرقين    تعزية إلى الكولونيل رضوان أحصاد في وفاة شقيقته    بديون تجاوزت 45 مليار دولار.. المغرب يحتل المرتبة 4 إفريقيًا في المديونية الخارجية والحكومة تواجه تحدي خدمة الفوائد    سنادي والواحدي: أجواء إيجابية وطموح لمواصلة التألق مع المنتخب المغربي    البرتغال بطلة للمرة الثانية بتغلبها على إسبانيا بركلات الترجيح    البرتغال تتوج بلقب دوري أمم أوروبا    أمر بفتح تحقيق في ملابسات حادثة خطيرة بقلعة السراغنة    آلاف المتطوعين من 32 دولة يشاركون في مسيرة عالمية مشيا على الأقدام لكسر الحصار على غزة (فيديو)    الأميرة للا حسناء تمثل جلالة الملك في مؤتمر المحيطات بنيس    المغرب يقتني 113 ألف رأس غنم أوروبي ويرفض الذبح بنسبة 70%    فاغنر الروسية تنهي بشكل رسمي دورها في مالي    جامعة الكرة تحتفي بدوليين سابقين    انتخابات جماعية جزئية على المستوى الوطني تشمل أقاليم الحسيمة والناظور والدريوش    انتصار مستحق للمنتخب المغربي للبولو على نظيره الأمريكي للمرة الثانية تواليا (صور)    تجميد مشروع ميناء الحمدانية الجزائري العملاق بسبب موانئ طنجة والناظور    التحذير من ارتفاع إصابات كوفيد19 بسبب متحور جديد والدعوة لتشديد إجراءات وقائية    مخابرات إسبانيا ترصد انخراط البوليساريو في الإرهاب بمنطقة الساحل    حموشي يقر تعيين مسؤولين أمنيين    المحامية كوثر جلال تصدر كتابا جديدا يسلط الضوء على الثغرات القانونية والاجتماعية في مدوّنة الأسرة المغربية    توقيف متطرفين من مخيمات تندوف بإسبانيا بتهم إرهابية وتحقيقات إسبانية حول تورط السفير الجديد لبوليساريو بالجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    مايا تطلق "فحلة".. عمل فني يحتفي بالمرأة التونسية    ترامب يأمر بإرسال قوة عسكرية إلى لوس أنجلوس على خلفية اندلاع الاحتجاجات    عيد لصاحبة القبر    الصحراء المغربية .. دعم دولي واسع للمقترح المغربي    وفاة 7 أشخاص في انقلاب دراجة نارية ثلاثية العجلات بقلعة السراغنة    نفاد تذاكر المباراة الودية بين المغرب والبنين التي ستجري مساء الإثنين بفاس    تحديث جديد في واتساب يغير طريقة استخدام التطبيق    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    الإيطاليون يصوتون في استفتاء يهدف لتسهيل الحصول على الجنسية وتعديل قوانين العمل    رئيس جماعة الداخلة يشارك في مؤتمر نيس للأمم المتحدة حول المحيطات ويدافع عن النموذج المغربي للحماية البيئية    المغرب ضمن أكبر خمسة اقتصادات إفريقية في 2025    "واتساب" يختبر ميزة جديدة تمنح مستخدمي "أندرويد" حرية الاختيار    صادرات المغرب الفلاحية نحو إسبانيا تسجل رقما قياسيا    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "الربحة"    كولومبيا.. إصابة مرشح رئاسي برصاصتين في الرأس خلال تجمع انتخابي    نابولي يواصل مطاردة إلياس بنصغير    كلب مسعور تسلل من الناظور يستنفر سلطات مليلية المحتلة    هولندا.. اكتشاف مزرعة سرية وحجز أضاحي في ثاني أيام العيد    أداء "بورصة البيضاء" يواصل التقدم    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجاة بلقاسم، ريفية تحكم في باريس 08 : يوم الامتحان في باريس
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 05 - 06 - 2017

هذه الحكاية، حكايتي، أصبحت أيضا حكاية جماعية، عامة ديموقراطية، جمهورية وسياسية، حكاية فرنسية لأنني وزيرة في الجمهورية، وأنني حملت كلمة بلادي، وفي بعض الأحيان تتمثل هذه البلاد في وجهي، لا هي حكاية جميلة ولا سيئة، فقط هي حكاية حقيقية.
بالنسبة لي قبل 39 سنة، الحياة رحلة بدأت في بني شيكر بالمغرب، ولا أعرف تماما كيف هو مسارها، أو بالأحرى أحاول ألا أعرف … بالمقابل، أعرف جيدا لصالح من أعمل كل صباح، كل مساء، في كل مرة أركب الطائرة، أغيب عن عائلتي، أعتذر عن حضور احتفال بنهاية السنة، أو عندما تتصل بي والدتي لتقول لي إنها لم تعد تراني، مؤاخذات حنونة، إنه شيء فظيع.
واليوم لا أعتقد أنه بإمكاني أن أتوقف هنا، أن أقول بأنني كنت ناطقة باسم الحكومة، وزيرة لحقوق النساء، وزيرة للمدينة، للشباب والرياضة، ووزيرة للتعليم العالي والبحث العلمي، بأنني وضعت قوانين ووقعت مراسيم، تلقيت ضربات، تكلمت في البرلمان.. ضحكت من صوري من هفواتي، وبالأخص استمتعت وسط هذا الصخب، وأيضا كوني كنت محبوبة، ولي أصدقاء في كل الظروف، كل هذا صحيح ومثير وقاس، لكن هذه ليست فكرة هذا الكتاب. الفكرة هي أن أتحدث عن فرنسا، عن فرنسا بلدي، فرنسا بلدنا...

وأخيرا حصلت على الباكالوريا صنف «الاقتصاد والاجتماع»، مسترشدة بأختي الكبرى التي كانت تتابع دراساتها في الحقوق وكان ذلك سنة 1995، كان عمري حينها 18 سنة، و كنت مزهوة كثيرا بسبب ذلك، لأن الحدود غير المرئية كانت لا تزال موجودة ، لكنني كنت أعتقد أنني أعرفها وأنني تجاوزتها من خلال الذهاب إلى أحياء أخرى وكذا من خلال تجوالي في مدينة اميان وشوارعها وأزقتها وساحاتها وبناياتها الإدارية، لقد تحولت الحدود وأصبحت خادعة، لأن الأمر يتعلق فقط بالمعرفة وبالولوج إلى المعلومة، ولكن يجب قول الأشياء كما هي، خاصة عندما تكون منتخب الجمهورية، فالتلاميذ الذين يتحذرون من أوساط اجتماعية بسيطة حتى وإن كانوا يمتلكون مواهب خاصة، لا يحصلون بالشكل المناسب على المعلومات بخصوص المسالك المفتوحة أمامهم مقارنة مع الآخرين، وهذا العمل التوجيهي من الممكن أن يكون من فعل أي شخص، في بعض الأحيان، فقد يكون ... صديقا، جارة، أستاذا، مستشارا في التوجيه، تدريبا صيفيا، وبعدها كل شيء يتضح ويتغير، ولكن في الغالب لا يوجد شيء، ومن ثمة لا نجرؤ على الاستفسار والسؤال ، فنحن نشعر بأننا إرادويون ولكننا لا نحسن التصرف، كما نشعر بأننا أقل تجربة من الآخرين وبالتالي نخطئ الطريق، وأحد تحدياتنا نحن، سواء كنا آباء أو مدرسين أو مسيري شركات أو مسؤولين سياسيين، ليس هو معرفة كل الشعب ولا اتخاذ القرار مكان الصغار، بل إعطائهم أفقا.
بالنسبة لي، وبشكل متناقض، فقد كنت محظوظة أنني عشت داخل محيط مغلق تقريبا، كما قلت سابقا، في دائرة بدون موارد مالية كبيرة، ولو أن والدي لم يتوقف عن العمل، لكنه كان جديا ومنتبها، لا أجرؤ على نعته بالمثالي، أما أختي الكبرى فقد كانت مثالية وصارمة أيضا، لقد رسمت لنا أسلوب العمل ثم العمل ووضع هدف أعلى.
بعد الباكالوريا سجلت في كلية الحقوق حيث بقيت حوالي ثلاث سنوات، آنذاك كنت أجهل وجود شعبة العلوم السياسية، لكن وذات يوم تقدمت بنوع من التردد إلى مركز الإرشاد والتوجيه، وأنا أبحث عثرت على مطوية معلومات عن معاهد الدراسات السياسية تصف الشروط والمشروع ومحتوى الدراسات، لقد أغراني على الفور البعد العام للدراسات، وبمعنى آخر التكوين على الحياة.
قدمت تسجيلي لامتحان الولوج وحيدة، بعيدا عن « حظائر» الإعداد والثانويات الكبرى، هيأت وأعددت نفسي بشكل عفوي، مدرسي، ولكن بطاقة ورغبة قويتين.
عندما أخبرت والداي بأنني أتهيأ لامتحان باريسي كان رد فعلهم الأول هو القلق، فبعد أختي الكبرى هاهي بنت أخرى ترحل إلى باريس؟ مدينة كل المخاطر، ليست المدينة الشيطانية، ولا بابل الفاسدة ولكنها المدينة الكبيرة جدا التي يمكن أن يتيه فيها الإنسان بالمعنى الحقيقي والمجازي، تصوروا أنني لم أزرها أبدا. أما بالنسبة لوالداي، فقد انتُزعا من قريتهما الصغيرة، كما حكيت من قبل.
عندما أعيد التفكير في هذه اللحظات أشعر بتأثر كبير، أحاول أن أتخيل نفسي وعمري 20 سنة، جدية، إرادوية. لكن دون تجربة في الحياة، ونظرة على العالم مستمدة أساسا من كتب الجغرافيا. ومن عطلاتي الصيفية الثلاث التي قضيتها في المغرب، وقد احتفظت بما يلي: فرنسية وفي فرنسا سأكون حرة في اختيار أصدقائي، خطيبي، كتبي، رحلاتي، طفلي، عملي، طريقي في الحياة.
كان يوم الامتحان هو اليوم الكبير الذي لن أنساه، رافقني والدي من البداية حتى النهاية، غادرنا المنزل حوالي الرابعة صباحا، بعد أن أعدَّت لنا أمي فطورا، وبعض الزاد للرحلة الكبرى، ثم قبلتني كما لو أنني كنت مفقودة، كان الجو لا يزال باردا، أخذنا الحافلة حتى محطة قطار أميان ثم ركبنا القطار حتى محطة الشمال بباريس، ثم ركبنا خط القطار الجهوي حتى دار الامتحانات بأركاي، انتظرني والدي طيلة اليوم في مقهى غير بعيد، عدنا إلى البيت منهكين تماما، لم أكن أغذي أوهاما حول الامتحان، لكن المغامرة بدت لي جريئة ومرحة، لقد اكتشفت مدرسة تغريني، أعتقد أنني أنجزت الخطوة الأصعب: إقناع والداي، والتسجيل في الامتحان، رغم أن حظوظي كانت تبدو لي ضعيفة، ثم تجاوز الحدود الرمزية والجغرافيا، وزيارة باريس بالمترو. صحيح، لكن بسرعة...…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.