الحكومة الإسبانية ترفض الاتهامات ضد المغرب بخصوص استخدام برنامج بيغاسوس    المنتخب الوطني الأولمبي يتعثر أمام الكوت ديفوار    أحول الطقس في أول أيام رمضان تتأرجح بين الأمطار الرعدية و الأجواء الحارة.    ‫كم يحتاج الجسم من فيتامين "سي" يوميا؟    سوق الرساميل في صلب المحادثات بين المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل من أجل التنمية ورئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل    أركمان : حجز وإتلاف كميات مهمة من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك    أكثر من مليون مسافر عبروا مطار مراكش خلال شهرين    التجارة الإلكترونية: 28.1 مليون عملية بقيمة 9.6 مليار درهم في 2022    قرار رفع سعر الفائدة إلى 3 % سيدخل حيز التنفيذ في 23 مارس 2023    بعد مرور 4 أيام على تصريحات عنصرية لوزير إسرائيلي.. بوريطة: المغرب يدين ويرفض دائما كل تصرف غير مسؤول    بلينكن :تونس تواجه خطر "الانهيار" في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي    رئيس اتحاد المقاولين الشباب بالمكسيك: المغرب فمقدمة الدول الإفريقية المواتية للاستثمار الأجنبي -تصاور    الكوت ديفوار تهزم "أسود الأطلس U23"    المنتخب المغربي الأولمبي خسر مع الكوت ديفوار    الرئيس الجزائري يتراجع عن نفيه مقرا بأن دولا عربية حاولت التوسط لحل أزمة بلاده مع جاره المغرب    توقيف منتحل صفة شرطي بمدينة الرباط    أكادير : هذا هو الحكم الصادر في حق المتسولة الثرية التي تملك فيلتين و جنسيتين.    لحقت ببقية الدول العربية.. غرة رمضان الخميس بالمغرب والجزائر وموريتانيا والأردن وسلطنة عمان    مذكرات بحث تطيح بشخصين في خنيفرة    وزير الثقافة يشرف بمدينة الجديدة على حفل افتتاح مسرح عفيفي في حلته الجديدة    المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل من أجل التنمية تنوه بجهود المغرب في مجال التمويل الشامل        مطالب جمعوية لإعادة مناقشة تصميم تهيئة الشرفة الأطلسية بالعرائش    توقيف شخص بتهمة النصب والاحتيال وانتحال صفة شرطي في الرباط    الحكومة الإسبانية تأمل نهاية أشغال الحدود الذكية بمعبر الناظور ومليلية خلال شتنبر للحد من فوضى العبور    البنك الدولي: أوكرانيا بحاجة إلى 411 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي    أمير المؤمنين يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بحلول شهر رمضان المبارك    تفكيك شبكة للتهجير السري من الحسيمة وحجز قارب للصيد    رسميا.. مسعود أوزيل يعتزل كرة القدم    تحديد موقف الرجاء من حكم "الفيفا" الخاص بقضية اللاعب بيتر ويلسون    التامك: أمريكا تراجعت عن موقفها الإيجابي بشأن الصحراء واعتبرت "البوليساريو" حركة تحرير    بوريطة يعبر عن "قلق" المغرب إزاء تصريحات مسؤول حكومي إسرائلي نفى وجود شعب فلسطيني    هل ندم الرئيس الجزائري تبون على قرار سحب سفيره من فرنسا؟    مجلس النواب الأردني يصوت لطرد "السفير الإسرائيلي" احتجاجا على "خريطة سموتريتش"    تفاصيل لقاء جمع أخنوش والملكة ماكسيما المستشارة الخاصة ديال الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل من أجل التنمية    إلغاء عقوبات لجنة تأديب الجامعة والعصبة الاحترافية غاتحسم مصير الديريي واش يتلعب بالجمهور ولا ويكلو    في إطار مهامها الرقابية.. لجنة المالية والتنمية الاقتصادية تعقد اجتماعا يناقش ارتفاع الأسعار    المجلس العلمي المحلي بالناظور يعقد لقاء تواصليا مع الأئمة والطلبة المشفعين استعدادا لشهر رمضان المبارك    فتح باب المشاركة في كتاب جماعي حول موضوع "ثلاثون سنة من السينما الأمازيغية: أسئلة التأسيس وأسئلة الإبداع"    محمد صالح التامك: تقرير وزارة الخارجية الأمريكية ل2022 حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب لا يبشر بالخير    وخا المحتجين رافضين كاع التبريرات.. ماكرون متمسك بإصلاح نظام التقاعد وباغي يطبقو قبل نهاية العام وخا ماقبلاتوش المعارضة    حكيمي وأمرابط يغيبان عن تحضيرات الأسود    رمضان وعلاقته بأشهر العام    عودة الإرهاب والمغرب: الثابت والمتحول..    المغرب يسجل حوالي 30 ألف حالة إصابة بالسل في السنة والداء يحتل المرتبة التاسعة في قائمة الأمراض القاتلة    تعرف على فوائد اللوز العديدة    الزلازل والآيات.. وقفات وعظات (1/3)    تنزانيا تأكد وفاة 5 أشخاص بسبب مرض ماربورغ    السعودية تواصل تقوية علاقتها بدول معادية لمغربية الصحراء    أيُ شعبوية لأي أدب، أدب «الناس اللي تحت»؟    معرض خاص بتطوان للتشكيلي سعيد ريان تحت شعار "ذاكرة الأمكنة "    الفنان عماد بنعمر يعلن دخوله القفص الذهبي -صور    دراسة: الأطعمة الدسمة والحلوة تنشط نظام المكافآت في الدماغ    فيلم "جبل موسى" والمتعة المتجددة    د.عبد الكريم برشيد: حزن في بيت الاحتفال    أوباميانيغ يشيد بزياش بكلمات مؤثرة    لماذا المطالبة بتحريف شرع الله في المواريث وهناك حلول شرعية متيسرة!؟    الأزهر الشريف يعلن رفضه ل«الديانة الإبراهيمية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحدائق العجيبة ببوقنادل : الحفاظ على الطبيعة هو الحفاظ على استمرار النوع البشري في جو ملؤه البهجة


(و.م.ع)
عندما يكون المسافر المتجه من الرباط إلى القنيطرة على مقربة من مدينة بوقنادل، سيلمح على يساره يافطة معدنية مكتوبا عليها «الحدائق العجيبة»، وهي حدائق تشكل بساطا ساحرا يتألف من نباتات برية ومائية غريبة، بعضها يعيش في الأحواض المائية، فضلا عن بعض الجسور المعلقة بين الأشجار أو الموضوعة على بعض الأحواض، علاوة على المطيرة ومبنى الزواحف وبعض الأسماك.
وأول ما يثير انتباه الداخل إلى هذه الحدائق، فضلا عن النافورة التي ترشح بالمياه، وجود مقهى جميل ملون بالأزرق، يحتوي على أثاث يثير البهجة بألوانه الحارة الزاهية، وهو مقهى «موريسك»، الذي يقدم الشاي والحلويات المغربية.
بعد ذلك، وعندما يمد الزائر بصره باتجاه الغرب، سيجد بساطا ساحرا من الخضرة المتموجة بفروق دقيقة، وأول ما يصادفه هو المطيرة التي تضم مختلف الطيور المستجلبة من عدد من بلدان العالم، بعدها سيتجول عبر 12 حديقة هي على التوالي حديقة الكونغو والسافانا والبرازيل وجزر الأنتيل وآسيا الوسطى والصين وبولينيزي واليابان والمنحدرات الخضراء وحدائق الأندلس والمكسيك والبيرو فضلا عن متحف يضم مجسما لمصادر الطاقة المتجددة الأربعة، الشمسية والهوائية والمائية والحيوية، علاوة على بعض أغراض مؤسس الحدائق الفرنسي مارسيل فرنسوا، ناهيك عن مسكن الزواحف والبيت الزجاجي والمنبت ثم المتاهة الموضوعة في مدخل الحدائق لمن أراد الاستمتاع باللعب من صغار وكبار.
لدى زائر الحدائق الاختيار بين ثلاثة مسالك للزيارة، مسلك طويل يستغرق ساعتين ونصف ولونه أحمر وهو يمر على الحدائق الإثني عشر ثم المسلك الأزرق بالنسبة للأشخاص المتعبين، ويستغرق ساعة ونصف، يمر على أهم الحدائق، ثم المسلك البيداغوجي ولونه أخضر توجد فيه خمس محطات، المحطة الأولى تهم مظاهر التنوع البيولوجي العالمي والوطني، والثانية تتعلق بالنفايات وإعادة التدوير «نقول للطفل إذا رميت قشرة موز فإنها تتحلل في فترة وجيزة أما إذا رميت قنينة ماء من البلاستيك فستعود بعد 80 عاما وتجدها ما تزال في مكانها» حسب ما قاله مدير الحدائق ابراهيم حدان، فضلا عن حثه على الفرز بين أنواع القمامة، من بلاستيك ومعادن وزجاج ونفايات بيولوجية.
وتهم المحطة الثالثة دور الغابة في الحفاظ على حياة الإنسان والتهديد الذي يطالها من قبل هذا الأخير، فالرابعة وتتعلق بدور الماء في الحياة، وأخيرا دور البستنة والنباتات في الحفاظ على التوازن الطبيعي وفي الزينة خدمة للبعد الجمالي.
في حوار أجرته وكالة المغرب العربي للأنباء مع مدير الحدائق العجيبة إبراهيم حدان، أشار إلى أنه بعد الاستقلال تدهورت الحدائق المغربية سواء منها التاريخية أو تلك التي أنشأها الاستعمار، وباتت تعرف تراكم الأزبال وانعدام الأمن، ومن بينها الحدائق العجيبة، وكان أحد أهداف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، إعادة إحياء هذه الحدائق والحفاظ عليها.
وأضاف أن السلطات المحلية لمدينة سلا أقفلت الحدائق العجيبة بشكل نهائي سنة 2000 نظرا لخطورتها، ثم تم قضاء حوالي السنتين في التحضيرات، حيث عقدت مؤسسة محمد السادس للبيئة شراكة مع وزارة الداخلية يتم بموجبها التنازل عن هذه الحدائق لصالح المؤسسة، قبل أن تنطلق أشغال الإصلاح سنة 2002 ، بميزانية هامة ساهم فيها عدد من الشركاء المنتمين للمجلس الإداري لمؤسسة محمد السادس، وذلك لإنقاذ ال620 نوعا من النباتات المتبقية بالحدائق، قبل أن يعاد فتحها سنة 2005 على شكلها الحالي.
اعتبر حدان أن "الفلسفة الكامنة وراء الحفاظ على هذه الحدائق، هي الرجوع بها إلى سالف عهدها قبل تخريبها. بمعنى أن لا يتم تغيير ملامحها. ذلك أن الحدائق التاريخية تحولت كلها إلى تراث وطني بما في ذلك الحدائق العجيبة التي صنفتها وزارة الثقافة كذلك. هذه الحدائق أنشأها مارسيل فرانسوا بفلسفة معينة، أو كما يقول هو نفسه في كلمة موجهة إلى الزوار، معلقة في مدخل بيته الذي تحول إلى متحف، أنه كان لديه حلم حققه، ألا وهو إنشاء حديقة بها العديد من نباتات العالم فاحترمنا رغبته، وأرجعنا حدائق بوقنادل كما كانت بالضبط".
وعن سؤال حول إذا ما كان هناك جناح للحيوانات في عهد مارسيل فرانسوا، أجاب السيد حدان أنه كان هنالك بعض القردة والعنزات والإوز، لكن عند إصلاحها جاءت فكرة إبراز التنوع في جميع مظاهره، النباتي منه والحيواني، "فجلبنا بعض الحيوانات من نفس المناطق التي جلب منها مؤسس الحدائق النباتات، وبما أن هدفنا ليس منافسة حديقة الحيوانات، فقد اكتفينا بجلب بعض الطيور الغريبة وبعض الزواحف الاستوائية من أمريكا الوسطى والأمازون فضلا عن بعض أصناف السمك والضفادع".
وكان من بين الشروط التي وضعتها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة قبل ترميم الحدائق، عدم عودتها إلى الجماعات المحلية، وأن تشرف المؤسسة على تمويلها وتسييرها ومراقبتها.
لقد قطعت مؤسسة محمد السادس حسب مدير الحدائق- مع السلوكات التي كانت تستخف بكل ما له علاقة بالحدائق، وتبنت معيار الكفاءة فضلا عن الرغبة في الاشتغال بالحديقة كمقياس لاختيار الموظفين? كما بات تسييرها حرا، بحيث لا يشبه توقيتها توقيت الإدارة، إذ تفتح أبوابها من التاسعة صباحا إلى السادسة مساء? وتشتغل 364 يوما في السنة، ولا تقفل إلا يوما واحدا في السنة هو يوم عيد الأضحى.
كما تطرح الحدائق العجيبة برنامجا سنويا على المؤسسة، موجها للأطفال والكبار، وهو يناسب السنة الدراسية، يبدأ في شهر أكتوبر وينتهي في شهر يونيو? تستفيد منه المدارس بمعدل 380 مدرسة سنويا. يعني 30 ألف طفل يأتون من مكناس وفاس وطنجة ومراكش وغيرها، فيما يستفيد أطفال مدن كتارودانت وأكادير وغيرها من المدن الجنوبية في إطار المخيمات الشاطئية بمهدية أو بوقنادل أو الصخيرات، حيث ينظمون زيارات للحدائق العجيبة.
ويتم تنظيم عدة أنشطة، أولها الجولة التي يتم فيها تعريف الطفل بالتنوع البيئي والبيولوجي على امتداد ساعتين ونصف، كما تنظم الحدائق بعض المسابقات في التصوير الفوتوغرافي والرسم، وتقدم دروسا في البستنة، ويتم في فصل الربيع تقطير النباتات العطرية والطبية، كما تنظم الحديقة في 21 مارس ما يسمى ب«النزاهة» إحياء لتراث النزاهة في فاس ومراكش، حيث تقوم بإعلام 10 أو 15 عائلة، تأتي كل واحدة بطبخها، وبعد النزهة، تجتمع العائلات لاقتسام الأكل.
وتفكر الجهات التي أشرفت على إصلاح الحدائق، بعد أن رأت كيفية تسييرها، وبعد نجاح التجربة، في تعميم نموذج التسيير هذا على حدائق أخرى في المغرب.
وبمحاذاة الحدائق توجد بقعة أرضية حصلت عليها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة بواسطة المجلس الإقليمي لسلا، سيقام فيها مستقبلا -حسب حدان- مركز للتربية البيئية ذو طبيعة دولية يشتمل على قاعة للمحاضرات، ثم إذا توفرت الإمكانيات "سنحاول إضافة ضيعة بيداغوجية تمكن التلميذ، بعد دخولها من رؤية بعض الحيوانات الداجنة والتعرف على ما تنتجه من مواد يستهلكها، فضلا عن وجود بعض الخضر والأعشاب المنسمة، بحيث ستكون ضيعة بيداغوجية يستفيد منها الطفل معرفيا، فضلا عن إنجاز مطعم يقدم الوجبات الخفيفة للزوار".
بعد انتهاء الجولة بالحدائق العجيبة ، سيشعر الزائر حتما بالتغير. من الناحية المعرفية سيدرك أهمية الطبيعة في الحفاظ على الحياة? ومن الناحية النفسية سيخرج منتشيا مليئا بالبهجة بعد أن قضى بضع ساعات بعيدا عن ضوضاء غابات الإسمنت، واستنشق هواء نقيا ونظف أذنيه بخرير المياه ونقيق الضفادع الآتية من بعيد. والأهم من ذلك كله، سيكتشف أن الحفاظ على الطبيعة هو الحفاظ على استمرار النوع البشري ذاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.