قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه سيبدأ ابتداء من الأحد تزويد سكان قطاع غزة بخيام ومعدات إيواء عبر معبر كيرم شالوم، استعدادًا لنقل المدنيين من مناطق القتال شمال القطاع إلى ما يسميها "مناطق آمنة" في الجنوب. وتأتي هذه الخطوة تمهيدًا لهجوم واسع على مدينة غزة، التي تعتبرها إسرائيل آخر معاقل حركة "حماس"، مما أثار قلقًا دوليًا بشأن مصير أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع يواجه انهيارًا شاملًا بفعل الحرب المستمرة منذ 22 شهرًا. وأوضح المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي أن الأممالمتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية ستتوليان إدخال معدات الإيواء بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل وزارة الدفاع. لكنه لم يوضح إن كانت الخطط تشمل إجلاء قرابة مليون نسمة يقيمون حاليًا بمدينة غزة، أو إن كانت المنطقة المستهدفة هي رفح القريبة من الحدود المصرية. موازاة مع ذلك، كشف تقرير نشرته "قدس برس" أن جيش الاحتلال أطلق "مرحلة جديدة" من عملياته في مدينة غزة، بقيادة الفرقة 99، مركّزًا على ما تبقى من الوحدات القتالية التابعة ل"كتائب القسام". ويُعد "لواء غزة"، الذي يضم ست كتائب موزعة على أحياء الشرق والغرب والجنوب، "القلب النابض" للتنظيم، الذي يقوده عز الدين الحداد (أبو صهيب)، الملقب في الأوساط الأمنية الإسرائيلية ب"شبح القسام"، والذي نجا من ست محاولات اغتيال منذ 2008، وتصفه الصحافة الغربية بأنه آخر قادة الصف الأول الباقين داخل القطاع. "كتائب غزة" خاضت معارك وُصفت ب"الأسطورية" في الشجاعية والشيخ رضوان ومحيط مجمع الشفاء الطبي، حيث تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة. وبثت "القسام" مشاهد مصوّرة أظهرت تدمير مئات الآليات ونصب كمائن محكمة، فيما استمرت في إطلاق الصواريخ على المدن والمستوطنات الإسرائيلية. في المقابل اتهمت حركة "حماس"، في بيان صحافي، إسرائيل بشن "حرب إبادة ممنهجة" على الأحياء الشرقية والجنوبية من مدينة غزة، لا سيما حي الزيتون، الذي يتعرض منذ أسبوع لقصف جوي ومدفعي مكثف، إضافة إلى استخدام "روبوتات متفجرة". واعتبرت الحركة أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول "هجوم درسدن" تعكس "نية مبيتة لارتكاب مجازر بحق المدنيين"، مضيفة أن ما يجري في الجنوب يمثل "فصلًا جديدًا من جرائم الاحتلال". البيان اتهم أيضًا الإدارة الأمريكية بمنح "الضوء الأخضر" لنتنياهو، معتبرًا أنها "شريك فعلي في حرب إبادة لن يغفرها التاريخ"، ودعا الأممالمتحدة والدول العربية والإسلامية إلى "التحرك العاجل" لوقف ما وصفه ب"المخطط الإجرامي". كما ناشدت الحركة الشعوب العربية والإسلامية الخروج إلى الشوارع دعمًا لغزة ورفضًا ل"جرائم الاحتلال". من جانبه، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن خطط الهجوم الجديد "لا تزال قيد الإعداد"، لكن العمليات الميدانية تكثفت بالفعل خلال الأيام الأخيرة في ضواحي المدينة. وأشار سكان حيي الزيتون والشجاعية إلى قصف عنيف دمّر عشرات المنازل، فيما قال الجيش إنه ينفذ عمليات لتدمير الأنفاق وقتل المسلحين. واندلعت الحرب في 7 أكتوبر 2023 إثر هجوم "حماس" على جنوب إسرائيل، الذي أوقع 1200 قتيل و250 رهينة وفق الإحصاءات الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين أودت الحملة العسكرية الإسرائيلية بحياة أكثر من 61 ألف فلسطيني، حسب وزارة الصحة في غزة، فضلًا عن نزوح داخلي شامل لأكثر من مليوني نسمة، وتحويل مساحات واسعة من القطاع إلى أنقاض. وداخليًا تستعد إسرائيل غدًا الأحد لموجة احتجاجات واسعة تطالب بإنهاء الحرب، وضمان إطلاق سراح نحو 50 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، يُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة. وقد أعلنت شركات وجامعات عن إضراب كامل دعمًا لمطالب عائلات الرهائن. أما على الصعيد الدبلوماسي، فلا تزال الجهود المصرية والقطرية لإحياء مفاوضات وقف إطلاق النار متعثرة، بعد فشل جولة الشهر الماضي للتوصل إلى هدنة لمدة 60 يومًا. وبينما تواصل إسرائيل استعداداتها لعملية وُصفت بأنها "الأكثر حساسية" في غزة، تحذر منظمات إنسانية من أن أي هجوم واسع على المدينة قد يؤدي إلى "كارثة إنسانية غير مسبوقة".