64 فيلما طويلا من 30 دولة (ضمنها 28 من أروبا، 6 من أمريكا الجنوبية، 5 من أمريكا وكندا)، ضمنها 16 فيلما اختير للمشاركة في جائزة الهرم الذهبي الكبرى، و 15 فيلما ضمن صنف مهرجان المهرجانات، و13 فيلما ضمن زاوية "عروض خاصة"، و5 أفلام تعرض لأول مرة بالعالم العربي وإفريقيا، و3 أفلام في أول عرض عالمي.. تلكم هي حصيلة الدورة 36 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (9/ 18 نونبر 2014)، الذي تستشعر، هنا بالعاصمة المصرية، أنه لحظة عالية للإعتزاز بعودة الدور المصري ضمن خريطة السينما العالمية، كاحتفالية دولية. ومعنى الإعتزاز هنا، أن الناس تجمع على أنها في حاجة لإلى الإنتصار ضد كل أسباب الإحباط، التي غاصت فيها بلاد النيل، ثقافيا، سياسيا واجتماعيا، خلال السنتين التاليتين لثورة 25 يناير 2011 . وأن المعركة الثقافية، كانت في صلب المواجهة خلال مرحلة حكم الإخوان، قبل وأثناء المرحلة الرئاسية للدكتور محمد مرسي. بل، إن الشارع العام هنا، الذي استعاد حيويته المعهودة بقوة، يمنح لهذه الدورة ألقا خاصا، من خلال كثافة الحضور إلى كل فقرات المهرجان، بصفوف طويلة، عنوانا على أن الثقافة السينمائية راسخة في يومي الفرد المصري. هكذا فبالتوازي بين تقديم الكتب 12 الصادرة خصيصا ضمن هذه الدورة بالقاعة الكبرى للمجلس الأعلى للثقافة، الخاص بعدد من أعلام السينما المصرية من مخرجين ونقاد من قيمة هنري بركات وخالد السرحاني وفطين عبد الوهاب وحسين صدقي. أو تلك الخاصة بالسينما الكردية والسينما العربية والأفلام المصرية في المهرجانات الدولية.. إلخ. بالتوازي مع ذلك، يتم يوميا تنظيم حلقات نقاش عمومية خاصة بمدى نجاح المهرجانات العربية السنمائية الدولية في خلق حركة سينمائية موازية واستقطاب الجمهور ببلدانها وتحقيق انطلاقة سينمائية راسخة (ضمنها تجربة مهرجان مراكش السينمائي الدولي، التي سيقدمها الباحث السينمائي المغربي خالد الخضري). وانطلقت في الآن نفسه، عملية عرض الأفلام المشاركة، التي تسجل حضورا جماهيريا كبيرا جدا ومفرحا حقا. مما يعني أن برنامج المهرجان مكتف من الصباح حتى منتصف الليل. من أول الأفلام، الخاصة بالمسابقة الدولية، التي عرضت زوال ومساء الإثنين، الفيلم الفلسطيني "عيون الحرامية" والفيلم التركي "القطع". وإذا كان فيلم نجوى نجار، الذي أهدته لوالدها، يحكي تغريبة قرية فلسطينية مع المياه ومع الإحتلال الإسرائيلي، من خلال قصة بطلين، واحد واثق من نبع دمه، كونه من سلالة فدائيين فلسطينيين (لعب الدور الممثل المصري خالد أبو النجا)، وصاحب مصالح ملتبسة مالك للمال، متواطئ مع العدو. بالتصاعد الرامي لوقوعها في حب ذات المرأة الأم، المجهول مصير زوجها في رام الله. فإن فيلم "القطع" للمخرج التركي الشاب فاتح آكين (أتمنى جديا أن يشاهده الجمهور المغربي لأنه فيلم بمقاييس عالمية)، يحكي قصة عمليات إبادة الأرمن من قبل العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، وتوزعهم في بلاد الشتات بين سورية ولبنان وكوبا وبالولايات المتحدةالأمريكية. الحقيقة، إن فيلم المخرجة الشابة الفلسطينية نجوى نجار، قوي فنيا، وقوي موضوعا، وعالي الدربة على مستوى لغته السينمائية (صورة وصوت وموسيقى ومونتاجا وإخراجا وتحكما في الممثلين)، لكن عطبه الواضح كان في اختيار المغنية الجزائرية الشابة الناجحة، سعاد ماسي أن تؤدي دور الأم البطلة، التي بسبب عدم دربتها في التمثيل، ورغم الجهد الواضح المبذول، فإنها بقيت سجينة ذات الملامح طيلة الشريط، مثلما أن تحركها لم يعكس أبدا دربة في التمثيل، مما جعل الفيلم يقع في بعض الهنات التي أثرت في مساره الفيلمي العام. ولم ينجح في أن يعكس ما أشار إليه في البداية من أن زمن القصة يعو إلى سنة 2002، حين محاصرة شارون للزعيم الختيار ياسر عرفاتبرام الله وقصفه بالدبابات وقطع كل المؤونة عليه في سعي لإذلاله وتصفيته. حيث بقي الشريط، بشكل ما على مسافة من تلك الخلفية التي أرادنا أن نتواصل مع القصة الفيلمية من خلالها. أما فيلم "القطع" للمخرج التركي الشاب، الحيوي المنطلق، فاتح آكين (الذي وظف أغنية مغربية أمازيغية في آخر فيلمه بشكل جميل)، فإنه قطعة فنية سينمائية عالمية بكل ما يفرضه ذلك من سمو فني. حيث نجح هذا المخرج الشاب في أن يقدم واحدة من أعقد الملفات التركية، التي يتهم فيها الأتراك بجريمة الإبادة الجماعية ضد الأرمن، ما بين سنوات 1914 و 1918، في قالب سينمائي رفيع جدا، لا يستند سوى إلى أمرين: جرأة المقاربة التاريخية للجريمة، ومهم هنا أنها جاءت من السينما التركية نفسها. ثم تقديم ذلك في قالب فني يعتمد لغة السينما في أرقى أشكالها التعبيرية. وبذلك فإنه يعزز من ذلك اليقين المترسخ أن السينما التركية مدرسة قائمة الذات بامتياز. صحيح أنه أنهى فيلمه بشكل درامي كلاسيكي (قريب إلى السينما الهندية)، لكن ذلك لا يقلل أبدا من قيمته الفنية العالية. مما يجعله، فيلما منافسا بقوة على الجائزة الكبرى للمهرجان، مثلما أنه يقدم الدليل على أن نوعية الأفلام المختارة ضمن الدورة 36 هذه من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، رفيعة وعالية، وأنها تحقق المتعة العاشقة للسينما كثقافة للصوت والصورة. وهذا واحد من عناصر نجاح الدورة، ونجاح أساسا رئيس المهرجان الناقد سمير فريد. تعليق الصورة: لقطة من الفيلم التركي "القطع"