كشف تقرير رئيس النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية بالمغرب لسنة 2018 عن معطيات هامة وذات دلالات اجتماعية تتطلب الدراسة والتمحيص، وسرد التقرير أيضا معطيات حول سير أداء النيابة العامة، وطنيا ودوليا، ودورها في الدبلوماسية الموازية وتبادل الزيارات وعقد الاتفاقيات وغيرها، كما تطرق التقرير إلى دور التواصل في توضيح دور النيابة العامة وسط الجدل الذي أثير بداية تشكيلها وتخوفات من «تغولها»، بما قد يعصف بحقوق المجتمع، وهو ما ساهمت حملة التواصل في توضيحه للصحافة ومن خلالها للرأي العام، كما أشار التقرير السنوي أيضا إلى حل الإشكالات حول صيغة تقديم التقرير أمام غرفتي البرلمان وطريقة ذلك وحسم المشرع والمجلس الدستوري في فك طلاسم كل الخلافات التي ظهرت في البداية. وبلغ مجموع قضاة المملكة في نهاية سنة 2018 : 4176 قاضيا أما عدد قضاة النيابة العامة فقد بلغ 1046 قاضيا من مجموع قضاة المملكة، من بينهم 168 قاضية (بنسبة 60.16 % من قضاة النيابة العامة(، و878 من القضاة الذكور (93,83 % من قضاة النيابة العامة). وفي هذا الصدد يشكل عدد قضاة النيابة العامة معدل 3 قضاة لكل 100 ألف مواطن، يقل 4 مرات عن المعدل الأوروبي والبالغ 11.8 قاضي نيابة عامة لكل 100 ألف مواطن. وهو ما يؤثر علميا على أداء قضاة النيابة العامة ويرهق كاهلهم ويعود سلبا على مستوى إنفاذ العدالة. وتراوحت أعمار قضاة النيابة العامة بين 30 وأكثر من 65 سنة، إذ أن حوالي 14 % منهم يزيد سنهم عن 60 سنة وحوالي 24 % منهم يتراوح سنهم بين 50 و60 سنة، بينما يتراوح سن 21 % منهم بين 40 و50 سنة، وحوالي 37 % منهم يتراوح سنهم بين 30 و40 سنة، وحوالي 4 % يقل سنهم عن 30 سنة. ويلاحظ من هذه المعطيات أن 45.61 % من قضاة النيابة العامة يقل سنهم عن 50 سنة وأن حوالي 40 % منهم يقل سنهم عن 40 سنة. وبلغ مجموع القضايا المسجلة بالمحاكم أزيد من ثلاثة ملايين ومائة وثلاثة وثمانين ألفا، وهو رقم مهول بالمقارنة مع عدد السكان، إذ تقارب النسبة عشرة في المائة من المغاربة وصلوا حدود التماس المباشر مع العدالة. ووصل عدد الشكايات الرائجة على الصعيد الوطني بمختلف المحاكم : 314.533 بمعدل 568 شكاية سنويا لكل قاض من قضاة النيابة العامة بالمحاكم العادية للمملكة. وتمارس النيابة العامة مهام أخرى لم يتناولها هذا الإحصاء، مثل تتبع سير المهن القضائية، مهنة المحاماة والتوثيق وخطة العدالة والمفوضين القضائيين والخبراء والتراجمة ( ومذكرات الطعن بالنقض والتقارير الاستئنافية). وبالنسبة لعدد الأشخاص الذين وضعوا رهن الحراسة النظرية فقد بلغوا أزيد من 400 ألف يضاف إليهم مَن تم الاحتفاظ بهم في الأماكن المخصصة للأحداث (18488حدثا)، عدد زيارات أماكن الحراسة النظرية : 249.19( بمعدل 28 زيارة لكل قاض من قضاة النيابة العامة بالمحاكم الابتدائية(، عدد الزيارات للمؤسسات السجنية : 844، عدد زيارات مستشفيات الأمراض العقلية: 120، عدد الأوامر بإغلاق الحدود وسحب جواز السفر : 1823… وغيرها. رغم الدور الأساسي الذي منحه الدستور للسلطة القضائية والأدوار الاجتماعية للنيابة العامة فإن الواقع يؤكد العجز الكبير في العنصر البشري والإرهاق المادي والمعنوي الذي يعاني منه قضاة النيابة العامة، إضافة إلى ضعف الميزانية التي لا تتعدى 86 مليون درهم تشمل كافة المناحي بما فيها الاستثمار، وهو ما يتطلب جهدا على مستوى توفير الموارد البشرية الكفؤة وكذا الموارد المالية، لأن العدالة كأسمى تعبير لاحترام حقوق الإنسان بكافة تعبيراتها لا تحتمل التأجيل.