13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    تخفيض عقوبة زيان إلى 3 سنوات حسبا    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    التهراوي: المنصات الجهوية للمخزون والاحتياطات الأولية ستعزز قدرة المنظومة الصحية على التدخل السريع في حالات الطوارئ    المجلس الجماعي للجديدة يصادق على جميع نقاط جدول أعمال دورة ماي 2025    إحباط محاولة جديدة للهجرة السرية على سواحل إقليم الجديدة    الدولي المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جيرمان لنهائي دوري الأبطال    الشرطة القضائية بالعرائش تتمكن من إحباط محاولة تهريب طنين من مخدر الشيرا وتوقيف ثمانية أشخاص    الدردوري: منصات المخزون والاحتياطات الأولية تجسيد للرؤية الملكية في تعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث    بعد جلسة استمرت 12 ساعة.. المحكمة تحجز ملف النقيب زيان للمداولة    الشرطة تحبط محاولة تهريب طنين من الشيرا بالعرائش وتفكك شبكة إجرامية متورطة في التهريب الدولي عبر البحر    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    الطيران الباكستاني يؤكد تفوقه ويسقط مقاتلات هندية متقدمة داخل مجالها الجوي    اتفاقية رقمنة تصدير منتجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بالمغرب    حكيمي يقود سان جيرمان لتجديد الفوز على أرسنال وبلوغ نهائي الأبطال    عبد اللطيف حموشي في زيارة عمل إلى فيينا ويلتقي مسؤولي أجهزة استخبارات من قطر وتركيا والسعودية والإمارات وباكستان    غزة تُباد.. استشهاد 102 فلسطينيا في سلسلة مجازر إسرائيلية وإصابة 193 خلال 24 ساعة    وهبي: "أشبال الأطلس" مستعدون لمواجهة أي منتخب في الدور القادم    بلقشور يكشف عن موعد إجراء مباراتي السد ويؤكد تواجد تقنية "الڤار"    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    تصعيد خطير في جنوب آسيا: سلاح الجو الهندي يتكبد خسائر بمئات الملايين بعد هجوم باكستاني دقيق    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    المصطفى الرميد: لا تعارض بين الانحياز لقضايا المغرب ونصرة غزة    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنانون، حقوقيون، مثقفون ورجال دين مع الداودية ضد الحسبة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 12 - 02 - 2015

أثارت أغنية «اعطيني صاكي» للفنانة زينة الداودية حفيظة «المتأسلمين»، إذ لم يتوان «الشيخ» الفيزازي بنعت هذه الفنانة بكونها تدعو إلى الفجور في المجتمع. وذهب على نفس المنحى حزب العدالة والتنمية من خلال أذرعه الدعوية وكذلك الجمعيات المحسوبة على المجتمع المدني، بل وصل الأمر إلى محاولة فرض وصاية على المجتمع من خلال الدعوى القضائية التي سيرفعها الحزب وذراعه الدعوي «التوحيد والإصلاح» في شخص أحد برلمانيي حزب العدالة والتنمية والمحامي بهيئة مراكش.
هذه الهجمة التحريضية و«التكفيرية», جعلت العديد من الفاعلين يكسرون جدار الصمت، إذ اعتبر الأستاذ الباحث والمندوب السابق لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية محمد لمرابط، أن مثل كلمات هذه الأغنية موجودة أكثر من ذلك في تراثنا المغربي بكل تلويناته وأشكاله، بل هناك أغاني في الملحون تدعو إلى تقبيل المرأة في رمضان وتذاع يوم الجمعة وتعتبر هذه الأغنية القبلة في رمضان غير حرام.
وإذا تبعنا هذا المنطق، فيمكن الإفطار في رمضان، على اعتبار أن هذه الأغنية تجيز ذلك ودون أن تثير حفيظة أحد, وأكد الأستاذ لمرابط أن الهجمة التي يشنها الأصوليون على أغنية «اعطيني صاكي» المقصود منها هو المجتمع ككل، بل إن حزب العدالة والتنمية خاض حربا ضروسا على ما يذاع بالقناة الثانية واعتبر أن هذه الهجمة من طرف الأصوليين فيها منزلقات خطيرة على المجتمع, والدعوى التي يعتزم رفعها حزب العدالة والتنمية تأتي على خلفية الحسبة العامة، معتبرا أن الدولة ذاهبة إلى المحافظة، وإذا سلمنا بهذا المنطق يضيف الأستاذ لمرابط, يمكن أيضا محاكمة رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران حينما قال كلمته الشهيرة وهو يخاطب إحدى البرلمانيات «ديالي كبير عليك» هذه الجملة فيه إيحاء جنسي، بالاضافة إلى قذف المحصنات وهي منافية للمرجعية الدينية القائمة في المغرب، وهو ما يشكل فتنة باسم الدين، وأوضح لمرابط أن رئيس الحكومة نفسه كانت له جاهليته ولولا أن المجتمع لم يفتح له باب التوبة ما كان أن يندمج في المجتمع ويستفيد من ذلك ويصبح رئيس حكومة.
وبخصوص تصريحات »الشيخ« الفيزاري,« أكد لمرابط أن الفيزازي خطيب، متسائلا لماذا يتدخل في الشأن العام. ويحضر أنشطة حزبية، وأكد أن تراثنا المغربي غني بجميع أنماط التعبير من ملحون وفن أمازيغي والفن الجبلي وبمختلف اللهجات، ويتم التغني بذلك من طرف فنانين محترمين كعبد الصادق شقارة والتمسماني على اعتبار أن الفن فيه بلاغة، وإذا ما سايرنا الأصوليين، فعلينا أن نمحي كل هذا التراث. واعتبر أن هذه الهجمة هي اختبار من طرف الأصوليين للمجتمع، والرسالة من وراء ذلك. هو أن يتقدم حزب العدالة والتنمية كأنه مؤتمن على المغرب. ورأى أن هذه الضجة والهجمة هي انقلاب من طرف حزب سياسي يريد الانقلاب على قواعد اللعب، مشددا على أن المحاسبة العامة في المغرب غير موجودة والقانون المغربي لا يسمح هو الآخر بمتابعة الفنان, ولم يستبعد الأستاذ محمد لمرابط أن يكون وراء ذلك أيضا الهاجس الانتخابي لحزب رئيس الحكومة، حيث يسوقون أنفسهم على أنهم حراس الأخلاق، في الوقت الذي يناقضون عمليا هذا التوجه، حينما يصف رئيس الحكومة خصومه بالتماسيح و»السلاكط« وغيرها من النعوث القدحية التي تدخل في التنابز بالألقاب، فكبيرهم عوض أن يخلق الحياة العامة بصفته الدستورية، اتجه إلى هذا المنحى، ووصف هذه الهجمة الشرسة على الفن بالعبث، كاشفا أنهم لا علاقة لهم بالأخلاق،بل أوصلوا البلاد إلى السكتة القلبية، والدليل على ذلك تصريحاتهم التي هي بعيدة عن الأخلاق الدينية، إنه حزب انتهازي ويريدون أن يحولوا المغرب إلى »طالبان«,و إذا سمحنا لهم بذلك بدعوى الأخلاق، فستكون العواقب وخيمة ,فهناك متربصون ببلدنا.
وكشف لمرابط أن جلالة الملك شخصيا قبل قبر والده في ذكرى وفاة الحسن الثاني وبمنطقهم, أي منطق الأخلاق والدين وفروع الشريعة، فإنهم يمكن أن يدعوا أن جلالة الملك يقبل الحجر.
واعتبر أن أول من دشن التنابر بالالقاب هو رئيس الحكومة, وعلى الدولة أن تحتاط من هذا المنزلق، اذ يقدمون أنفسهم على أنهم أوصياء على ضمير الأمة, وهم في ذلك يناقضون مرجعية إمارة المؤمنين ووظائفها.
ورأى أن حزب العدالة والتنمية حزب يحكم البلاد اليوم، ومفروض فيه ان يكون مؤتمنا، و اذا سمحنا لهم بذلك فسيكفرون العروي و الجابري، ويكفرون كل عمل شعري وروائي وغيره. مشيرا الى أن المخطط الأصولي له مشروع بنيوي. ولم يفت الاستاذ محمد لمرابط ان يذكر بأحدهم في حفل رسمي,حيث اعتبر في درسه ان الديمقراطية والوطنية صنما,مشددا على أن مثل هذا الخطاب هو من يصنع داعش ,في حين أن جلالة الملك اعتبرالديمقراطية رابع الثوابت في البلاد.
وعلى الخطباء مثل الفيزازي وغيره-يضيف لمرابط- ألا يتجاوزوا حدودهم وأن يتقيدوا بواجب التحفظ. وهنا مسؤولية وزارة الاوقاف. و بخصوص حزب العدالة والتنمية يرى الاستاذ لمرابط انه كان عليه ان يحل ذراعه الدعوي بمجرد أن أصبح حزبا معترفا به.
*الاستاذة أمينة بوعياش, رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الانسان سابقا ونائبة الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان, اعتبرت هذه الهجمة ورفع دعوى قضائية على الفنانة زينة الداوية فيه تضييق على الحريات،و اوضحت في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي ان هذا الحدث يذكرنا بالهجمات على مهرجانات دولية وغيرها في العديد من المناطق المغربية، مشددة على أن الفاعل السياسي عليه ان يفهم الدينامية التي يعرفها المجتمع وليس ضربها، ويجب ألا يتم فرض إيديولوجيته على المجتمع, معتبرة ان الاذواق تختلف، ولا يجب التضييق على المجتمع بل على الفاعل السياسي ان يلتقط هذه الدينامية .
*مسعود بوحسين رئيس نقابة محترفي المسرح, اوضح للجريدة ان حرية التعبير مكفولة دستوريا, وبالتالي لا يمكن التضييق عليها. كما ان القانون يضمن مناقشة اي عمل فني دون تحريمه, لكن ان يصل الامر الى المنع فهذا لا نقبله وغير معقول, وصرح باسم نقابة محترفي المسرح ان القضاء المغربي يعرف آش كيدير ورفض الدعوى القضائية التي رفعت ضدالفنانة زينة الداودية.
وعن الدعوى الاخرى التي يعتزم برلماني عن العدالة والتنمية رفعها وكذلك تصريحات الفيزازي ,اكد الاستاذ مسعود بوحسين انه ضد ذلك، خاصة وأن المجال الفني مرتبط بالرمزيات.
*الفنان المغربي محمد الشوبي اكد ان هذه الهجمة يراد منها انتاج النموذج المصري, حيث يتولى الدعاة المحامون الاصوليون رفع دعاوى ضد الفنانين والمثقفين, ولم يستبعد ان تكون هذه الحملة من طرف العدالة والتنمية ذات طابع انتخابوي، وبالتالي وجدوا في هذه القضية مدعاة لخوض حملة انتخابية سابقة لأوانها باسم الأخلاق والدين.
وكشف الفنان الشوبي أن الدعوى ضد هذه الأغنية هي مقدمة للحجر على المجتمع ومحاربة المسرح والسينما والإبداع بشكل عام مستقبلا، إذا ما ناصرهم القضاء، ليصبحوا مستأسدين على المجتمع، ويدخل هذا، يضيف محمد الشوبي في باب »الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر«، وإن جاز لهم ذلك، فإنهم سيشجعون »العصابات« التي تحارب من يرونه ضد الدين، كما حدث في طنجة وغيرها، حيث يهجمون على المواطنين. واعتبر أن عقلية الأصوليين تريد الحجر على المجتمع بحكم العقلية المتخلفة والخائفة، كما كشف أن حزب العدالة والتنمية يكذب باسم الاستقرار كأنه صانعه، ويسوقون أنفسهم كحمامة، وكل من هو ضدهم يعتبرونه مفسداً وفاسداً. وتصريحات رئيس الحكومة واضحة، حيث يدعي أن حزبه »خير حزب أخرج للناس«، وحذر من مثل هذا الخطاب الذي لا يختلف على خطاب داعش الذي يحاول استهداف الفقراء والأميين من أجل تجنيدهم. فهو نفس المنطق الذي كان لدى الكهنة في جميع الديانات، والهدف من ذلك، هو أن يكون لديهم قطيع تابع لضرب مخالفيهم، وضرب كل من يدافع عن الحرية الفردية وغيرها. فعندما يموت مؤسسو الديانات، يصبح الكهنة لهم اليد الطولى ويستغلون هذه الديانات لمصالحهم الشخصية ويتعاملون بمنطق الفرقة الناجية، أي بمعنى من معهم فهم من الناجين، وبالتالي يريدون معاقبة زينة الداودية في الدنيا قبل الآخرة، وهذا منطق فيه خطورة على المجتمع ككل. ويضيف الشوبي أن الأصوليين هم من يمولون أصحاب »الكاسيط«، إذ كنا نسمع في الطاكسيات والحافلات دروساً عن عذاب القبر. ورأى أن هذا ممنهج ومخطط له، ومازالوا يمولون هؤلاء، في الوقت الذي هو ممنوع قانونياً. فحينما نريد أن نقوم بدعاية لمسرحية، لابد لنا من رخصة لذلك. كما أن أصحاب «الأواني» الذين يبرحون لبيع سلعهم، يأخذون الرخصة من البلدية، في حين الذين جندهم الأصوليون يقومون بذلك خارج القانون من جانبه أكد أستاذ علم الجمال موليم العروسي,في سؤال هل هذه السابقة ستشكل تضييقا على حرية التعبير والحريات بشكل عام بالمغرب وفرض وصاية على المجتمع؟
فأوضح أنه من الممكن أن تصبح كذلك إذا ما سكت الجميع. ولن تقف آنذاك عند الفن, بل سوف تتعداه إلى حرية التعبير بجميع أصنافها بما فيها حرية الصحافة والكتابة وربما التجوال مع أهلك وعشيرتك. الخطير في هذه المسألة وخصوصا عندما يتعلق الأمر بتقديم دعوى قضائية لدى المحاكم هو الوصاية على ذوق الشعب. لقد استمعت إلى ما قاله الشخص الذي قدم الدعوى ,يضيف الأستاذ الباحث,ومن خلال كلامه كان يدعي أن هناك فئات عريضة من المجتمع ترفض ذلك. أولا كيف استطاع أن يستقصي آراء الفئات العريضة؟ ثانيا إذا كان ينتمي للحزب الأغلبي الذي يسير الحكومة والذي لا يتوقف عن القول بأننا نعيش أزهى أيام الديمقراطية,فعليه أن يعرف أن الديمقراطية تكفل للأفراد حتى ولو كانوا بعدد أصابع اليد الواحدة, الحق في أن يتمتعوا بأغنية أحبوها وأن من لن تعجبه الأغنية فما عليه إلا عدم الاستماع إليها. أما التذرع بكلام من نوع الكلمات الساقطة...إلى غير ذلك من الهذيان, فهذا أمر يريد به أصحابه العودة د بنا إلى عهد محاكم التفتيش.
وعن المطلوب من المجتمع الحقوقي والسياسي الحداثي في هذا الباب وكذا المثقف المغربي,أوضح قائلا: أظن أنه بغض النظر عن الموقف من الأغنية سواء من الجانب الفني أو الجانب الفكري, فإنه على مجتمع الحداثيين التحرك من أجل سلامة التطور الطبيعي ووفق منطق التاريخ للمجتمع المغربي. إننا اليوم أمام هجمة نكوصية حقيقية. فبعد الهجوم على هذه المغنية والتي بالمناسبة ليست حالة شاذة في هذا النوع من الغناء, فلقد سبقتها الفنانة الحاجة الحمداوية إلى القول بأكثر من هذا, واستمعنا إليها في التلفزيون الرسمي وفي حفلات الأعراس ولم يكن الفقهاء وقتها يتدخلون, بل كان منهم من يستمع ويستمتع ومنهم من كان يستغفر لله ويتنحى جانبا، فبعد الهجوم المنظم على هذه المغنية طلع علينا أحد أقطاب نفس الحزب, بل وأحد منظريه بتكفير الجنود المغاربة الذين يحاربون داعش. هذا الأمر لم يعهده المغرب إلا تحت حكم المولى سليمان في القرن التاسع عشر عندما دخلت أرض المغرب بعض أفكار الوهابية الآتية آنذاك من نجد بالجزيرة العربية.
ويِِؤكد موليم العروسي أنه يجب على مجتمع الحداثيين دخول معركة فصل الدين عن الدولة والتصدي للأفكار البالية التي لم تعد تصلح إلا للدعاية الانتخابية. صحيح أن الفنانة الداودية أظهرت أن لها جمهور أكثر عدديا من ذلك الذي أوصل الحزب إلى رئاسة الحكومة, وصحيح أيضا أن التعرض لها يتوخى منه حشد عدد من الناس وراء هذه الأفكار الرجعيةلا ستعمالهم في الانتخابات المقبلة لكننا لو أننا اعتبرناه هكذا وتركناه يتطور فإننا سوف نصل إلى ما لا تحمد عقباه. علينا التصدي له بكل قوة.
بدوره عبر الأستاذ أحمد العلوي رئيس نقابة الموسيقيين المغاربة عن ثقته في القضاء المغربي وفي القضاة المغاربة, الذين هم في مستوى عال من الفهم والوعي، بخصوص الدعوى القضائية التي يعتزم البعض رفعها ضد الفنانة زينة الداودية، وأسس الفنان الكبير أحمد العلوي موقف نقابته الرافضة للمتابعة القضائية على تحليل عميق، إذ أكد أن المجال الفني حينما نغوص فيه، فله ايجابياته وسلبياته، فهناك أنماط غنائية يمكن لها أن تلعب دورا في تهذيب المجتمع وتوعيته وتحفز على المواطنة وفي تربية الأجيال، وهناك أيضا أنماط غنائية لها شعبية تستهوي الجمهور، وترتبط بنوع من حرية الانسان، خاصة حينما يكون الفنان والمبدع له تواصل مع الجمهور، وكشف أن الأنماط الغنائية التي كانت في الأربيعنيات تتحدث عن الوصال وغيره, وحتى الشعر الأندلسي يتحدث عن العشق .ودافع الأستاذ العلوي على حرية اختيار الأنماط الغنائية سواء كانت من وحي الخيال أو مستوحاة من الواقع في إطار الحرية المنصوص عليها، وأوضح أن هناك بعض الجرائد والمواقع الالكترونية تتحدث عن مواضيع مرتبطة بالشذوذ الجنسي أو زنا المحارم وغيرها، فهل يمكن أن نطالب بمنعها.
طبعاً، لا يمكن ذلك فهي موجهة إلى القراء وإلى المجتمع، وهناك من يرى في ذلك نوعاً من التسلية أو يراها موضوعاً جدياً يستحق المتابعة. وهناك من يرى فيها توعية كموضوع مجتمعي. وبالتالي لا يمكن الدخول في جدال بخصوص هذا الموضوع. إذ أنه حينما نتحدث عن حرية التعبير، يبقى الأمر متعلقاً بالمبدع، وأين يضع نفسه وإلى من يوجه خطابه، سواء كان مقبولا من المجتمع أو من جزء منه. وتساءل رئيس نقابة الموسيقيين المغاربة، بخصوص ظاهرة الإقبال على بعض الأغاني في »اليوتوب«، هل هناك تحليل سيكولوجي وعلمي، يمكن له أن يجيب عن السبب الذي دعا إلى هذا الإقبال الكثيف، وهل الأمر خاص بفئة من الشباب أم يهم الشباب كله؟
وهل الإقبال جاء من باب الفضول أو إعجاباً بالأغنية بأكملها أو بالصوت أو باللحن أو الكلمات؟ وبالتالي يرى أن الموضوع متشعب في طرحه. ورفض تقييد الإبداع. إذ يتنافى ذلك مع حقوق الإنسان وحرية التعبير.
كما شدد في تصريحه لجريدة «»الاتحاد الاشتراكي»« على رفضه لمخالفة الدستور الذي صوت عليه المغاربة. ورأى أن هناك تنوعاً ثقافياً وهناك حرية للعبادات، كما نص على ذلك الدستور، ويجب على الجميع احترام هذه الثوابت، خاصة وأن بلادنا متعددة الثقافات والأنماط، متسائلا لو كانت أغنية »»عطيني صاكي«« باللغة الأمازيغية، سواء »تسوسيت« أو »تمازيغت« أو »تريفيت« أو بالحسانية، هل ستكون هذه الضجة. لا أعتقد يقول العلوي.
واستدل في ذلك بمجموعة من الأغاني التي تم غناؤها منذ 50 سنة, كأغنية »الكاس حلو« .أما أن يتم ربط هذا بالدين، فلا يجوز ذلك، على اعتبار أن كل واحد له ارتباط بخالقه وكيف قدر له ذلك، وحتى التوجه الديني محسوم دستوريا، وهناك أشياء لا تسمح بها أية ديانة سماوية، وهي المس بالمقدسات الروحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.