ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    مونديال 2026 .. المغرب يلاقي البرازيل واسكتلندا مجددا 28 عاما بعد فرنسا 98    أنشيلوتي: مواجهة المغرب هي الأصعب في مجموعتنا في كأس العالم 2026    كأس العالم 2026.. الجزائر تترقب الثأر أمام النمسا    الركراكي يُعلق على مجموعة المغرب في كأس العالم    لماذا يُعتبر المغرب خصماً قوياً لمنتخب اسكتلندا؟    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. تكريم حار للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    العنف النفسي في المقدمة.. 29 ألف حالة مسجلة ضد النساء بالمغرب    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    لاعبون سابقون يشيدون بأسود الأطلس    مرصد مغربي يندد بتمييز زبائن محليين لصالح سياح أجانب ويدعو لتحقيق عاجل    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    تحت قيادة جلالة الملك، التغطية الصحية الشاملة في صلب المشروع الاجتماعي للمغرب (التهراوي)    طنجة.. وفاة عاملة نظافة بعد دهسها من طرف شاحنة فجراً بالعوامة وفرار السائق    قرعة مونديال 2026 ترسم ملامح صراع كروي غير مسبوق    لجنة الداخلية بمجلس المستشارين تصادق بالإجماع على القوانين الانتخابية    تكريم ديل تورو بمراكش .. احتفاء بمبدع حول الوحوش إلى مرآة للإنسانية    مجلس المنافسة يفتح تحقيقا مع خمسة فاعلين في قطاع الدواجن    السعودية أولى المتأهلين لربع النهائي في كأس العرب للمنتخبات 2025    إلغاء صفقة دراسية حول الفساد في الصحة.. بعد كشف تضارب المصالح.    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        افتتاح المعهد العالي للعلوم الأمنية بمدينة إفران    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة: المصادقة على إحداث "شركة المنشآت الرياضية لطنجة"    إسبانيا تشيد بالمصادقة على القرار 2797، الذي يؤكد أن حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق    قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    هولندا تدعم سيادة المغرب على صحرائه: الحكم الذاتي هو الحل الأكثر واقعية    مؤسسة محمد الخامس للتضامن تنظم حملة طبية – جراحية كبرى بالسمارة    اعتصام جزئي داخل مستشفى محمد السادس بأجدير للاسبوع الرابع    تعيين أربعة مدراء جدد على رأس مطارات مراكش وطنجة وفاس وأكادير    محكمة الاستئناف بمراكش تُنصف كاتب وملحن أغنية "إنتي باغية واحد"    مدير "يوروفيجن" يتوقع مقاطعة خمس دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    هولندا.. محاكمة مغربي متهم بقتل شخص طعنا : انا مختل عقليا ولست ارهابيا    اسم وهوية جديدان لمدرسة خليل جبران    نتفلكس تقترب من أكبر صفقة لشراء استوديوهات وارنر وخدمة "HBO Max"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الحكومة تمدد وقف استيفاء رسوم استيراد الأبقار والجمال لضبط الأسعار    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    خلال 20 عاما.. واشنطن تحذر من خطر "محو" الحضارة الأوروبية    قصيدةٌ لِتاوْنات المعْشوقة.. على إيقاع الطّقْطُوقة!    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    استقرار أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية    "المثمر" يواكب الزيتون بمكناس .. والمنصات التطبيقية تزيد مردودية الجَني    لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقراء في السجن الصحي يطالبون بإنصافهم
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 23 - 03 - 2020

نساء مطلقات وأرامل بلامعيل أو فقيرات بلامدخول قار، يمارسن وظائف بسيطة رسمية أو يشتغلن بشكل مؤقت أو تحت الطلب.. في قطاعات غير مقننة..يفترش بعضهن بأسواق شعبية أو سويقات بين الأزقة،مستلزمات البيت، أو يزاولن العمل كخادمات رسميات لكن من غير توفر أدنى حقوقهن، أو عابرات مياومات، ينظفن المنازل من مراحضها وأدراجها ومصاعدها وسطوحها وملابسها وعجن خبزها وإعداد وجباتها إلى العناية بالأطفال والرضع، أو يعملن بالحمامات الشعبية والخصوصية، ك»مدلكات» و»كسالات» و»كلاسات» و»شُباكيات»، أو بصالونات التجميل ك»نكافات» أو مغنيات و»حنايات» ومصورات، أوبقاعات الرياضة أو بالمسابح كمدربات ، أو كبائعات للحلويات والخبز وأنواع الرغيف والحريرة والبيض والسمك المقلي، وكبائعات جوالات بين الأزقة وفي مختلف الأحياء أنواع الروائح وبطاقات الاتصال والألبسة والأغطية..
هاته الفئة الفقيرة، التي تتألف من جيش من المياومات، هاته الفئة التي تغادر البيوت في الصباح الباكر بحثا عن قوتها اليومي، والتي لاتدخر شيئا،شعارها ما ياتي في النهار، يُسحَق بالليل،هاته الفئة المستضعفة التي تعيش يومها ولا تفكر في الغد، باعتقاد أنه لا فائدة من الحرص والتدبير، فالله قسّم بين الخلق رزقَهم، لم يخلق الله أحدا يضيعه.
وليس الأمر قدرية، ولا أبدا تواكلا،فالأجر الذي تحصل عليه هذه النسوة اليوم، هو فقط لجعلهن يقتتن حتى يتمكن غدا من العودة إلى عمل لايُرجى منه ادخار شيئ.
وبفعل وباء كورونا المستجد، والذي اجتاح بلادنا، وجدت هاته الفئة المعوزة نفسها أمام تهديدين، لا تهديد كورونا وحده، ولكن أيضا تهديد الفقر.
وجدن أنفسهن بين كماشتين: كورونا المخيف، الذي يغرز خوفه في نفوسهن وفي محيطهن، بشكل يشل حركتهن، والسلطة التي تصرخ في وجوه الناس عبر المذياع والتلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي و»البرّاحين الجدد» بالسيارات أو راجلين، أن ابقوا في المنازل، لا تغادرونها إلى إشعار غير مسمى.
ولقد انتفضت بعض النسوة في هاته المدينة أو تلك، آخرها السيدة المراكشية، وخرجت إلى الشارع تبكي وتشكو أمرها لله وللسلطات، وتقول»آعباد الله، راه شهرين ما خلصهم لي الناس اللي أنا اخدامه عندهم، وقالوا لي هاكي شي بركة، وتْسالينا، حتى تعاودي ترجعي»، وأخرى خادمة بالبيوت تحكي أن مشغلتها طلبت منها عدم الرجوع غدا للبيت، إلى أن يذهب المرض..وحكايات أخرى كثيرة لنساء لا يستطعن بيع شيئ يقتتن من عائداته .
وقد يقول قائل لا ينصت إلى نبض هؤلاء النسوة، إن إصرارهن على الخروج، والاحتجاج ولو في بيوتهن، إنما هو جهل وقلة الشعور بخطر كورونا.والواقع أنه لو خُيّر الناس الفقراءالبسطاء،في غمرة هذا الوباء القاتل، أن يبقوا في البيوت أم يغادرونها للبحث عن قوتهم، لما تردد أحد في الخروج.وأستحضر اللحظة قول الصحابي أبي ذر الغفاري الذي قال»عجِبت لمن لا يجد قوت يومه، كيف لايُشهِر سلاحه»، وكأن لسان حال هؤلاء المستضعفين يقول» عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يطالب بمغادرة البيت»، صحيح أن الوباء خطير ولكن الجوع لا يقل خطورة.
ومن المعلوم أن الدولة صرحت في فترة بداية زحف كورونا بأنها مستعدة لإدارة الأزمة، وركزت تدابيرها على أمرين اثنين: السلامة الصحية والأمن العام. وفرت الكمامات والمطهرات والمعقمات..والأسِرة، كما حاربت التجمعات بدعوى أنها التربة الصالحة لتكاثر واستشراء كورونا..وتصدت للاحتكار وضبطت مواقع التواصل وحاصرت الإشاعات المغرضة التي تتغيا الفتنة والخوف المرضي،ووفرت التموين الكافي..كل ذلك من أجل طمأنة المواطنين.
لا أحد ينكر أن الدولة فعلت وأنجزت واستطاعت وضبطت وتمكنت وحاربت.. وبكلمة واحدة: فعلت الكثير،وفوق هذا أحدثت صندوقا في إطار الحد من خطر كورونا عبر تأهيل الآليات والوسائل الصحية ةومن أجل التخفيف من التداعيات على المستوى الاجتماعي، صندوقا ينضاف إلى»صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية».
وبإرادة المواطنين، ومن أجل الوطن، وليس طبعا بدافع خوف،ساهم الكل في الصندوقين، حتى بدا للجميع منسوب التبرعات في ارتفاع متنام، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو ما محل المواطنين الذي يعانون من الهشاشة وضعف البنية التحتية، من الإعراب؟
هل سيطال جزء من هاته التمويلات بالصندوقين معا ضد الجوائح، وضعَهم الاجتماعي المدقع اليومَ قبل غد؟ لاسيما وأن لا أحدَ يتنبأ بوقت القضاء على كورونا.فلو-لا قدر الله –استمر لشهور، فإن عدد ضحايا الفقراء الذين يعيشون في فقر شديد وتحت خط الصفر،ربما يعادل أو يفوق عدد ضحايا كورونا.
و إلى وقت قريب، كان إسهام القطاع الإحساني ملموسا، ومسعفا في نجدة من يعيشون في الفقر. وكان الإحسان يتأدى عن طريق أشخاص يرفضون ذكر أسمائهم أو حتى الظهور في الصورة، كما كان يصل الفقراء عن طريق جمعيات إحسانية معروفة، ثم إن العمل الاحساني أو التعاون والتكافل الاجتماعي هو خلة من خلل المغاربة منذ زمن بعيد، يسري في عروقنا وقيمنا وثقافتنا ..
على أنه من المؤسف أن يدخل على خط الإحسان أناس انتهازيون ، يعطون باليمنى ليستلموا أضعاف صنيعهم مضاعفة باليسرى، ليستثمروا أصوات الناس في الجانب السياسي..ولقد دعا بعض النشطاء السياسيين إلى التضييق على العمل الاحساني باعتباره غير قانوني، ما جعل الحكومة تتدخل من أجل تنظيمه بشكل إيجابي.
إن كثيرا من الأسر المعوزة، تتوصل بمساعدات المحسنين، بفضلها تعيش وتحيى، ويتعلم أبناؤها ويتداووا..هاته الفئة اليوم تشهد حظر التجول، لا تخرج لعمل، ولا تلاقي أحدا، خوفا من كورونا، فهلا تتدخل الدولة فورا لنجدتها، وفك القلق والخوف عنها من عواقب وخيمة.
إن الفقراء الذين يوجدون اليوم مكرهين ببيوتهم، وقد ألفوا الحركة والنشاط والإسهام في تنمية وطنهم، محتاجون أكثر من أي وقت مضى إلى الإحسان إليهم وتفقد أحوالهم الاجتماعية والنفسية، كإعفائهم من تأدية إيجار البيت، حتى لايجدوا أنفسهم عند انجلاء كورونا عُرضة للشارع أو في ردهات المحاكم وبين أيدي المحامين لا يقوون على أداء أتعابهم، أو أمام الحانوتي يرفع دعوى قضائية ضدهم لعدم تسديد دين لهم أو قرار إدارة المدرسة بإيقاف أبنائهم أو قطع الماء والكهرباء عنهم.. على الأقل في هاته الفترة العصيبة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.