الرميد يدافع عن عزيز غالي ويدعو لحمايته بعد احتجاز ناشطي "أسطول الصمود"    الوفد الإسرائيلي المفاوض يتوجه إلى مصر ليل الأحد ومحادثات غزة تبدأ الاثنين    السكتيوي يكشف قائمة المنتخب الرديف استعداداً لكأس العرب    محمد وهبي: الهزيمة أمام المكسيك درس قبل الأدوار الإقصائية    صيباري يواصل التألق ويسجل للمباراة الرابعة تواليا مع آيندهوفن    مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة (الجولة الثالثة) :منتخب المكسيك استحق الفوز ،لكن الأهم هو الاستعداد جيدا لدور الثمن (محمد وهبي)    حادث سيدي قاسم تنهي حياة تسعة أشخاص من أبناء الحسيمة    الرباط تهتز من جديد... الآلاف يجددون العهد لفلسطين في الذكرى الثانية لطوفان الأقصى        متظاهرون مغاربة يخرجون في مسيرة حاشدة بالرباط تخليدا لذكرى معركة طوفان الأقصى        الملكية ركيزة الإستمرارية ومنارة الإصلاح لمغرب يتجدد بإرادة شبابه.    سربة عبد الغني بنخدة جهة بني ملال – خنيفرة تُتوج بجائزة الملك محمد السادس للتبوريدة    بنسعيد: "مستعد نمشي لعند الشباب فين ما بغاو ونتناقش معهم علنيا"    أب بمراكش يُسلم ابنه القاصر للدرك بعد تورطه في الشغب    طقس الأحد.. جو حار نسبيا بجل مناطق المملكة    أداء الإعلامية سناء رحيمي يُثير سؤال الجودة والتجديد في إعلامنا العمومي    النقابات القطاعية للصناعة التقليدية تعلن عن تنسيق مشترك وتتوعد بالتصعيد ضد "سياسة التجاهل"    ناشطو "أسطول الصمود" يشكون معاملتهم "كالحيوانات" من طرف إسرائيل    إسبانيا تمنع مظاهرات حاشدة مساندة لفلسطين وتستخدم العنف لتفريقها    ترامب يأمر بنشر 300 جندي بشيكاغو    حصيلة ضحايا انهيار مدرسة في إندونيسيا تصل إلى 37 قتيلا    احتجاجات "جيل Z".. إحالة العشرات على القضاء بين القصر الكبير والعرائش وتحركات أمنية بالعوامرة    مظاهرات "جيل زد" خلال اليومين الماضيين جرت دون تسجيل أي تجاوزات    بنسعيد: حاولت اللقاء بشباب "جيل Z" ولم أتلق أي جواب منهم    إحباط تهريب 33 كيلوغراما من الكوكايين الخام بميناء طنجة المتوسط قادمة من أمريكا الجنوبية    أمن أكادير يوقف متورطين في تخريب سيارات بتيكيوين بعد خلاف مع حارس ليلي    ارتفاع قيمة "البتكوين" لمستوى قياسي    الفيفا تصادق على تغيير جنسية احتارين لتمثيل المغرب    الفخامة المصرية على الأراضي المغربية.. «صن رايز» تستعد لافتتاح فندق جديد    المديرية العامة تصنع الحدث في معرض الفرس برواقها المديري وعروض شرطة الخيالة (ربورطاج)    تشكيلة "الأشبال" لمواجهة المكسيك    الجامعة السنوية لحزب "الكتاب" توجه انتقادات لاذعة إلى تدبير الحكومة    طنجة.. الدرك الملكي بكزناية يطيح بأربعة أشخاص متورطين في تخزين وترويج مواد غذائية فاسدة    محمد الريفي يعود بديو مع "أورتيجا"                    القضاء الأمريكي يحكم بحبس نجم الهيب هوب ديدي    لجان التحكيم بالمهرجان الوطني للفيلم    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات        أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجسد المشتهى 43 : الجسد بين التخفي والظهور


ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
كانت مصادفةً أَن أكونْ
ذَكَراً …
ومصادفةً أَن أَرى قمراً
شاحباً مثلَ ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
ولم أَجتهدْ
كي أَجدْ
شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !
(محمود درويش)
كان مصادفة أن ولدنا في أجسادنا. الجسد غلافنا الذي يقدمنا إلى العالم بهويات يحددها المجتمع. كيف يتعامل الكاتب/ة مع هذا المجسم الإجباري الذي وُجد فيه؟ هل ساءل يوما علاقته به؟ هل يمكنه أن يختار التدخل فيه لتجميله أو تحويله؟
ثم إن الكاتب/ة، له قدرة اختيار الجسد الذي يكتبه، فيتحول الأمر إلى نوع
من المساكنة داخل هويات جنسية أخرى. هل يتدخل الكاتب/ة في هذا الاختيار؟ وهل يسمح للذات وهي تكتب أن تنزاح لستستقر داخل جسد مختلف عن جنسه؟


وُلدت ذكرا في مجتمع ذكوري يميز الذكور عن الإناث في كثير من الأمور، مما سمح لي باللعب هنا وهناك، وبالسباحة في النهر، ومرافقة الأقران إلى ضيعات البرتقال، وبالذهاب إلى السينما وملعب كرة القدم..
وُلدت ذكرا في بيئة لا تقول كل شيء، وتستحيي من الإجابة عن كثيرمن الأسئلة، تضمر أكثر مما تظهر، وتخفي أكثر مما تكشف..
وُلدت ذكرا بين قوم ينظرون إلى الجسد بتوجس وخوف وحيطة وحذر.. ويعتبرونه في الوعي واللاوعي مصدر إثارة وإغواء واستغلال وخطيئة..
وُلدت ذكرا، وأخذتُ أكبر، وتكبر معي أسئلتي،و في كل محطة من محطات العمر الأول، تطوقني سلاسل من الدهشة والاستغراب والاستفهام..
– لماذا يسلط مقص الختان على الذكور..؟!
– لماذا تنتفخ بطون الإناث بعد الزواج؟! ثم يلدن..؟!
– لماذا..؟! ولماذا..؟!
تتوالى الأسئلة، وتغيب الأجوبة، تنسحب الأسرة خجلا، والمدرسة تحفظا، ويتولَّى الشارع المهمة..!! يواصل الجسد نضجه، وتتواصل المعلومات الصحيحة والخاطئة، وتتوسع التمثلات..
في هذا المحيط المحكوم بالمعتقدات والتقاليد والأفكار الجاهزة، يغيب موضوع الجسد، وهو الذي ظل حاضرا، إنْ إيحاء أو صراحةً، حقيقةً أو مجازا، في مختلف أنواع الخطاب منذ النشأة الأولى للإنسان، فغالبا ما استحضرته الأساطير والحكايات الشعبية والملحمات والنقوش وقصائد الشعر ونصوص النثر والمسرحيات واللوحات التشكيلية والأفلام السينمائية وفنون الرقص والإعلانات الإشهارية..
يغيب الجسد، خاصة في مجتمعاتنا المحافظة، كموضوع للنقاش والتربية والتعليم، ويحضر وإن بشكل محتشم، ظاهرا أو متخفيا عبر شتى حقول الإبداع والتعبير الإنساني..
نادرا ما انتصرت جرأة المبدع العربي ليبدع الجسد كما هو، ويكشف عن كل شيء (في إطار الإبداع طبعا)، في ظل رقابة قاسية يختلط فيها الذاتي والموضوعي. لكن في المقابل لا يجب، في اعتقادي، أن نضحي بالإبداع من أجل كتابة الجسد بطريقة سطحية أو إرضاءً لنزوات ورغبات لا تخدم الإبداع في شيء أو بحثا عن شهرة وهمية وتحقيقا لمصالح لا تمت بصلة للعملية الإبداعية الحقيقية..
بالنسبة لتجربتي القصصية، سجل الجسد حضوره في مجموعة من النصوص، منها قصة « كبريت أحمر» في مجموعة «توازيات» حيث يتحول الجسد إلى سلعة لجني ربح مادي وراء استثماره في الدعارة.
وفي نفس المجموعة يحضر الجسد في قصة «مطر الوصل» حيث تهتز تضاريسه ويهطل بالإشارات والرموز، وتلتقي الرغبة والغواية..
وإذا ظهر الجسد في القصتين السابقتين بشكل صريح وجلي، فإنه في قصص أخرى، اختفى خلف المجاز والإيحاء والاستعارة كما في قصة «شجرة التفاح» في المجموعة القصصية «هيهات»، وقصة «النهر» في مجموعة «الشوارع» التي تضم نصا يعبر بشكل واضح وصريح عن معاناة الجسد من الاستغلال البشع في مجتمع متناقض يسوده الطغيان والنفاق، ويتعلق الأمر بنص «شوارع الليل» الذي يصور كيف يُنْتهك الجسد، ويتحول إلى بضاعة فاسدة ترمى على قارعة الطريق..!
إن الجسد المقموع والمغيب عن دوائر الحوار والنقاش والتربية، له أهمية بالغة في تحديد الهوية الشخصية للإنسان، وإبراز مقوماته وخصوصياته في الوجود.. لهذا يستطيع تسجيل حضوره في الوعي واللاوعي عبر كثير من التعابير الإنسانية سواء بطريقة صريحة أو متخفية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.