اللواء صادق هو من نسق كل شيء في قضية أمير دي زاد، ا ليوتيوبر الذي هاجم الرئيس ومحيطه، كما يؤكد دون تردد أحد الإطارات النافذة كلف تبون منذ 2021 مدير ديوانه، بوعلام بوعلام، وهو رجل ثقة في محيط الرئيس، بمهمة واضحة: الحصول على تسليم أمير دي زاد بأي ثمن في برشلونة، بتاريخ 17 أكتوبر 2024، تم اختطاف عسكري سابق يُدعى هشام عبود على يد رجال مسلحين. نُقل قسرًا إلى جنوب إسبانيا في غشت 2021، أقسم رئيس الدولة الجزائري علنًا بأنه سيقوم، عبر جميع الوسائل، بترحيل المنفيين الذين «يفتحون أفواههم في الخارج
"نعلم، بيقين تام، أن الأجهزة الأمنية الجزائرية لم تتصرف من تلقاء نفسها"، هذا ما يؤكده مسؤول أمني فرنسي. مذكرات سرية وتقارير مفصلة اطلعنا عليها تشير إلى تورط الرئيس عبد المجيد تبون كحقيقة ثابتة. ولفهم حجم القضية، من الضروري الرجوع قليلًا إلى الوراء. الوعد الرئاسي في غشت 2021، أقسم رئيس الدولة الجزائري علنًا بأنه سيقوم بترحيل "بجميع الوسائل" المنفيين السياسيين الذين "يفتحون أفواههم في الخارج". من بين المستهدفين: أمير دي زاد، المقيم في فرنسا، والذي أصبح العدو اللدود للنظام من خلال مقاطع الفيديو النقدية التي ينشرها وتحظى بمتابعة واسعة. ولم يكن الوحيد؛ الصحفي عبدو سمار، المحكوم عليه بالإعدام غيابيًا، تعرض لهجوم في 15 غشت 2023 في منطقة باريس. وقد سافر المعتدي بعد أربعة أيام إلى الجزائر، وعند عودته إلى فرنسا في ديسمبر 2023، تم توقيفه، لكنه ظل متحفظًا بشأن دوافعه الحقيقية. ووفقًا لمعلوماتنا، كان هدفه الوصول إلى هاتف سمار الذكي للتعرف على جهات اتصاله. في برشلونة، بتاريخ 17 أكتوبر 2024، تم اختطاف عسكري سابق يُدعى هشام عبود على يد رجال مسلحين. نُقل قسرًا إلى جنوب إسبانيا، وأنقذه الحرس المدني في اللحظة الأخيرة أثناء قيامهم بدورية على طول نهر الوادي الكبير قرب مدينة لَبْرِيخَا. كان خاطفوه يستعدون لنقله على متن يخت. وقد تم القبض على اثنين منهم. ونسب المحققون الفرنسيون والإسبان هذه العملية أيضًا إلى الجزائريين، الذين يؤاخدونه على علاقاته المزعومة مع الأجهزة المغربية. المعارضون يُلاحقون في كل مكان، وأجهزة الجزائر ليست معروفة بالدقة أو الرفق. شخصية الرئيس ويتابع المقال الحديث عن مغامرات الأجهزة الجزائرية في فرنسا وتورط الرئيس الجزائري: "إنه سريع الغضب وحقود، إنه متهور للغاية"، هكذا حسم الأمر وزير سابق لعبد المجيد تبون. اعتراف يكشف الكثير عن الطبع غير المتوقع لرئيس الدولة الجزائرية، الذي ترعب نوبات غضبه حتى أعلى دوائر السلطة. كل من يعمل معه يعيش في حالة من التوتر بسبب طبعه البركاني، الذي ازداد سوءًا منذ أن أقلع عن الكحول والتدخين، يضيف مصدرنا. تفصيل يبدو بسيطًا للوهلة الأولى، لكنه بالغ الأهمية: في عام 2020، أُصيب تبون بنوع خطير من فيروس كوفيد-19. نُقل للعلاج في ألمانيا وهو في حالة حرجة. وبعد عودته، اضطر إلى التخلي عن عاداته: جرعات الويسكي وعلبتا سجائر يوميًا. منذ ذلك الحين، أصبح يطلق نوبات غضب تهز جدران قصر المرادية (الرئاسة الجزائرية). "لا يحتمل أي نقد"، يقول أحد الإطارات الذين كانوا مقربين منه، مشيرًا إلى أن أحد المستشارين أُبعد مؤخرًا لأن تبون اكتشف أنه لا يشاركه الرأي، خصوصًا في ما يتعلق بملاحقة المعارضين. دبلوماسي يحاول التخفيف من ذلك قائلًا: "مشكلته أنه عاطفي. يحب أو يكره. وإذا كرهك، تصبح عدوه الشخصي، ويسعى لإيذائك." في الأوساط العليا، لا يخفى على أحد أن العديد من وجوه النظام، الذين هم الآن خلف القضبان، سبق لهم أن اصطدموا بالرئيس. أي معارضة، حتى وإن كانت ناعمة، قد تُكلف غاليًا. في الحد الأدنى، يمنع معارضيه من مغادرة البلاد. يتم إصدار قرارات بمنع مغادرة التراب الوطني دون أن يُعرف السبب، يقول مصدرنا. تبون يبدو مهووسًا ببعض المعارضين، سواء كانوا مدونين، صحفيين، سياسيين، أو مجرد مشاغبين. وأحيانًا، تتحول المسألة إلى هوس حقيقي. أمير دي زاد هو المثال الأبرز. هذا اليوتيوبر هاجم الرئيس ومحيطه. في مارس 2021، اتهم السيدة الأولى بقضايا فساد مالي، وتحدث عن علاقات مزعومة بين خالد تبون، الابن الأصغر للرئيس، وأحد بارونات المخدرات. النتيجة كانت سريعة: دخل تبون في حالة غضب عارم. وبحسب معلوماتنا، فقد كلف تبون منذ 2021 مدير ديوانه، بوعلام بوعلام، وهو رجل ثقة في محيط الرئيس، بمهمة واضحة: الحصول على تسليم أمير دي زاد بأي ثمن. حتى في عهد بوتفليقة، بين 2013 و2019، تم إرسال سبع طلبات تسليم إلى باريس، جميعها بقيت دون رد. ما هي التهم؟ التشهير، المساس بالوحدة الوطنية، أو حتى النصب والاحتيال. لكن مصادر قضائية أوضحت أن "المعطيات التي قدمتها الجزائر لم تكن كافية أبدًا لتبرير إجراء تسليم". بل ذهب أحد القضاة إلى أبعد من ذلك: "بعض الطلبات كانت مزورة بشكل فاضح. كان فيها تزوير. كانت محاولة للتلاعب بالقضاء الفرنسي. أمر لا يليق بدولة." وفي أواخر أبريل 2021، رفعت الجزائر من وتيرة تحركاتها لاسترجاع أمير دي زاد: تم إرسال طلبين جديدين للتسليم إلى باريس، لكن هذه المرة بتهمة أكثر خطورة: تمويل الإرهاب. ومع ذلك، لم يتم تقديم أي دليل. ولتجاوز الرفض الفرنسي، قررت الجزائر تفعيل أجهزتها الأمنية. اللواء صادق، رجل المهام القذرة "اللواء صادق هو من نسق كل شيء في قضية أمير دي زاد"، يؤكد دون تردد أحد الإطارات النافذة داخل الأجهزة المختصة. اسمه ورد أيضًا في "مذكرة سرية" اطلعنا عليها، تبرز الدور الغامض الذي لعبه صادق حين كان رئيسًا ل"مكتب الأمن والارتباط" داخل السفارة. هذا الاتهام تؤكده مصادرنا من الضفة الأخرى للمتوسط. وراء الاسم الحركي "صادق" يختبئ اللواء رشدي فتحي موساوي، رئيس المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي (DGDSE)، الجهاز الأقوى المكلف بمراقبة وتحريك العملاء الجزائريين في الخارج. شغل منصبًا في باريس بين عامي 2022 وأكتوبر 2024، ولا يزال حتى الآن يشرف على كل العمليات السرية التي تُنفذ على الأراضي الفرنسية. يُعرف رشدي فتحي موساوي بطموحه وذوقه الرفيع في الترف. لم يكن سوى عقيد يبلغ من العمر 48 عامًا في سنة 2020، عندما دفع مرض الرئيس به إلى قلب دوائر السلطة. وحسب رواية متداولة في أروقة قصر المرادية، عندما نُقل تبون للعلاج في ألمانيا، كان صادق حينها متمركزًا في برلين. وقد اختار – كما تقول الرواية – البقاء بجانب تبون بدلًا من العودة إلى الجزائر لدفن والدته التي توفيت في تلك الفترة. في الحقيقة، يوضح إطار جزائري، أن رئيسه هو من أمره بالبقاء إلى جانب الرئيس، لكن لا يهم، فالأسطورة قد وُلدت. بدعم من محمد تبون، الابن الأكبر للرئيس، الذي نسج معه صداقة قائمة على المصالح، تمت ترقيته إلى باريس، ثم بعد فترة وجيزة، عُيّن على رأس ال. DGDSE في أقل من أربع سنوات، تحول هذا الضابط الصغير، الذي كان مكلفًا سابقًا بتحقيقات التأهيل داخل مديرية الأمن الداخلي (DGSI) الجزائرية، إلى أحد أقوى المسؤولين في البلاد. إنه رجل ثقة الرئيس، والذراع الأمنية لما يُطلق عليه في الجزائر "الطائفة الرئاسية"، في إشارة إلى الزمرة التي تحيط بالرئيس وتمسك بزمام السلطة الحقيقية، كما توضح إحدى مصادرنا. هذه العلاقة الوثيقة هي التي دفعت تبون إلى الاعتماد عليه لتعقّب منتقديه ومعاقبتهم. لكن العقيد صادق لا يعمل بمفرده. هناك اسمان آخران يُتداولان بقوة في كل من فرنسا وإسبانيا: اللواء مهنا جبار، الرئيس السابق للمديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي. مساعده المباشر العقيد سواحي زرقين، المعروف باسم "معاذ"، الذي تُحدده الأجهزة المختصة في فرنسا باعتباره "منسق العمليات السرية في الخارج. " كان هذا الأخير على تواصل مباشر مع بوعلام بوعلام، مدير ديوان الرئيس والرجل القوي في قصر المرادية. فهو من ينقل التعليمات الرئاسية ويشرف على تنفيذها. وتشمل هذه التعليمات، بحسب طبيعة كل حالة، "مراقبة، إفساد، ترهيب أو تحييد" الناشطين، وفقًا لمصادر جزائرية مطلعة. العناصر التي تدين الجزائر عدة وثائق تمكّنا من الاطلاع عليها تكشف خيوط القضية التي تقود إلى دوائر السلطة الجزائرية. أربعة محاور على الأقل دفعت المحققين الفرنسيين إلى قناعة راسخة بأن قضية أمير دي زاد ليست من عمل مجرمين منفردين، بل خُطط لها ونُفذت من الجزائر، بمشاركة ضباط يعملون تحت غطاء دبلوماسي. أهدافهم: نقله إلى أليكانتي، ثم بعد ذلك نقله على متن يخت تمهيدا لاختفائه النهائي. ووفقًا لمعلوماتنا، كان من المقرر أن يلقى هشام عبود نفس المصير. 1.بيانات هاتف "العميل القنصلي"، وهو في الحقيقة رقيب تابع للمديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي. تم تحديد موقعه ليلة 29 أبريل 2024 بالقرب من موقع اختطاف أمير دي زاد، وفي اليوم التالي عند المخبأ الذي احتُجز فيه اليوتيوبر. وكان على تواصل مع شخصين آخرين متورطين في العملية، وتبادل بعد الخطف تقارير وصورًا عبر تطبيق مشفّر لإبلاغ رؤسائه. المرسَل إليهم؟ دبلوماسيان في باريس ورقم ثالث في الجزائر. أحدهم سكرتير أول بالسفارة، وهو ضابط مخابرات جزائري، والثاني قنصل مساعد في كريتاي، وهو أيضًا غطاء لضابط جزائري برتبة مقدم. أما الرقم الثالث، فهو على الأرجح "معاذ"، رجل ثقة اللواء مهنا جبار. 2.عُثر على جهاز تعقب في سيارة أمير دي زاد المحروقة. التحليل الفني قاد إلى عنوان يعود للسفارة الجزائريةبباريس، وتحديدًا 50 شارع لشبونة، الدائرة الثامنة. تم تفعيل الجهاز قبل الاختطاف بأربعة أسابيع، وكان يمكن تتبع تحركاته من السفارة، بواسطة السكرتير الأول ورئيسه المباشر اللواء صادق. 3.تشير التحقيقات إلى أن 50,000 يورو قد صُرفت كمكافأة للمنفذين، ودُفعت نقدًا من طرف الرقيب SR، وهو ما ظهر في رسائل متبادلة. يعتقد المحققون أن هذه الأموال مصدرها الصندوق الأسود للعمليات السرية التابع للواء صادق. 4.الفرار السريع للضالعين: السكرتير الأول غادر باريس في يوليو 2024، والمقدم هرب عبر إيطاليا في ديسمبر إلى الجزائر، قبل أن يُلقى عليه القبض في فرنسا يوم 8 أبريل 2025. التحركات التي أعقبت إطلاق سراح أمير دي زاد في 1 مايو 2024 كانت لافتة: عاد الفريق الأمني كله، بمن فيهم اللواء صادق، إلى الجزائر. كذلك المشارك في عملية الاختطاف عبدو سمار، عاد إلى الجزائر بعد أربعة أيام فقط. نفس النمط حصل في إسبانيا بعد قضية هشام عبود، حيث عاد الفريق المشارك إلى الجزائر. منذ ذلك الحين، تم إقالة اللواء مهنا جبار و"معاذ" من مناصبهم، ليس فقط بسبب نشاطاتهم المشبوهة، بل أيضًا لخلافاتهم مع صادق حول بعض العمليات. كما يُقال إن تبون اشتبه في محاولة اللواء جبار إفشال الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2024. عَيّن اللواء صادق، بموافقة الرئاسة، صديقه محمد وسيم أبلول، الملقب ب"عبد الغني"، كممثل مؤقت له في باريس. هذا الضابط، في الأربعينيات من عمره، من جهاز "الشرطة السياسية"، وكان مكلفًا بما يسمى ب"الملفات الخاصة": عمليات سرية، مراقبة، تحييد المعارضة، واختراق الجاليات في الخارج. يقول مسؤول أمني فرنسي: "تعيين مختص في مطاردة المعارضين هدفه مزدوج: حماية ملف أمير دي زاد، والسماح لصادق بمواصلة المسار". رغم تثبيته في المنصب في أبريل، لم يُقدم هذا الخليفة نفسه بعد إلى الأجهزة الفرنسية كما تقضي الأعراف. إنه نفس التجاهل المتكرر تجاه فرنسا. واختتم الصحفي تحقيقه بالقول: رغم محاولات متعددة، رفض ممثلو الجزائر الرد علينا. عن جريدة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية ليوم الأحد 11 مايو: