الخط : إستمع للمقال أطلق المغرب مشروعا وطنيا استراتيجيا لتعزيز شبكة السكك الحديدية، عبر تمديد خط القطار فائق السرعة (LGV) من القنيطرة إلى مراكش، ضمن برنامج هيكلي ضخم تصل كلفته الإجمالية إلى 96 مليار درهم. هذا المشروع، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس، أمس الخميس من محطة الرباط-أكدال، يأتي كجزء من رؤية ملكية شاملة تهدف إلى تحديث وسائل النقل، وتطوير حلول تنقل مستدامة، وتحسين الربط بين كبريات المدن المغربية. مشروع هيكلي برؤية ملكية مستقبلية يمتد الخط الجديد على مسافة تقارب 430 كيلومترا، ومن المنتظر أن يكتمل في أفق سنة 2029، ليُترجم بذلك التوجه الاستراتيجي للمملكة في مجال النقل المستدام. ويُعد المشروع امتدادا طبيعيا لما تم تحقيقه في خط طنجة – القنيطرة، حيث سيُمكن من تحسين العرض السككي الوطني، وتقليل البصمة الكربونية عبر تشجيع وسائل النقل الجماعي الحديثة. استثمارات ضخمة وتحديث شامل يُعد هذا المشروع جزءا من برنامج استثماري طموح يشمل: 53 مليار درهم لإنجاز البنية التحتية للخط الجديد (باستثناء معدات القطارات)، 29 مليار درهم لاقتناء 168 قطارا جديدا موجهة لتجديد أسطول المكتب الوطني للسكك الحديدية، 14 مليار درهم لدعم الأداء وتطوير خدمات القرب، خاصة في الرباط، الدارالبيضاء، ومراكش، عبر إحداث 3 شبكات نقل حضري (TMP). مكاسب زمنية وخدمات جديدة المشروع سيمكن من اختصار أوقات السفر بشكل كبير، حيث ستصبح، ساعة واحدة بين طنجةوالرباط، ساعة و40 دقيقة بين طنجةوالدارالبيضاء، ساعتين و40 دقيقة بين طنجةومراكش. كما سيُمكّن المشروع من ربط الرباط بمطار محمد الخامس الدولي بالدارالبيضاء في 35 دقيقة، مرورا بالملعب الجديد ببنسليمان، ما سيُشكل إضافة نوعية خلال احتضان المغرب لكأس العالم 2030. أما بالنسبة لمدينتي فاسومراكش، فقد تمت برمجة خدمة جديدة للقطار فائق السرعة، بزمن سفر يبلغ حوالي 3 ساعات و40 دقيقة، حيث ستعتمد هذه الخدمة على الخط التقليدي حتى شمال القنيطرة، ثم تنتقل إلى الخط الجديد فائق السرعة حتى مراكش. تفاصيل تقنية للمشروع يتضمن المشروع إنشاء خط جديد بسرعة تصل إلى 350 كلم/س بين القنيطرةومراكش، بناء محطات سككية جديدة وتحسين المحطات الحالية، تجهيز المناطق النهائية في الرباط، الدارالبيضاء، ومراكش، إنشاء محطة صيانة حديثة في مراكش لصيانة القطارات الجديدة. انعكاسات حضرية وتنموية من أبرز أهداف المشروع تحرير الطاقة الاستيعابية للشبكة التقليدية، مما سيُعزز من خدمات القطارات الحضرية القريبة (TMP)، خاصة في التجمعات الكبرى مثل الرباط، الدارالبيضاء، ومراكش. هذه الخدمة ستُمكن من الاستجابة لتحديات التنقل الحضري، تحسين دقة المواعيد وجودة الخدمات، تقديم حل عملي ومستدام للسكان. ويمثل مشروع القطار فائق السرعة القنيطرة – مراكش خطوة جديدة في طريق التحول الحضري والبنية التحتية الحديثة التي يطمح إليها المغرب. وبدعم ملكي قوي واستثمارات ضخمة، يسير هذا المشروع نحو تحقيق نقلة نوعية في ربط المدن المغربية الكبرى وتعزيز تنافسية المملكة على الصعيدين القاري والدولي. ويتميز المشروع برؤيته الطموحة لتطوير "النظام البيئي للسكك الحديدية" في المغرب خلال الفترة الممتدة من 2025 إلى 2035، كما أن هناك تركيز على التوجهات الاستراتيجية لتحديث الأسطول وتوسيع الشبكة، مع التركيز على الاستدامة وتلبية احتياجات التنقل المتزايدة لسكان المملكة. تحديث الأسطول.. خطط طموحة للتصنيع المحلي والاقتناءات الكبيرة يتوجه "ONCF" نحو تعزيز التصنيع المحلي من خلال إنشاء "وحدة إنتاج جديدة لعربات القطارات ذاتية التشغيل" (rames automatisées)، مما يفتح آفاقاً واعدة لنقل تكنولوجيا متقدمة وتوطين صناعة السكك الحديدية في المغرب. وتتوقع المؤسسة اقتناء ما بين 10 إلى 20 عربة قطار سنويا على مدى السنوات العشر القادمة، وهو ما يعكس حجم الاستثمارات الضخمة الموجهة لتجديد الأسطول الحالي وتوسيعه لمواكبة الطلب المتزايد على خدمات النقل بالسكك الحديدية. وتتجاوز الطموحات مجرد الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى إمكانية تصدير العربات المصنعة محليا ابتداء من عام 2035، مما يعكس رؤية استراتيجية لتطوير قطاع صناعي متكامل وقادر على المنافسة على المستوى الإقليمي والقاري. كما تؤكد خطط "ONCF" على أهمية الاستدامة من خلال إبرام عقود طويلة الأمد لصيانة هذه العربات، مما يضمن الحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء والجودة على المدى الطويل. تلبية الاحتياجات المتنوعة.. أنواع العربات المطلوبة وتغطية استراتيجية للشبكة تولي "ONCF" اهتماما خاصا بتحديد أنواع العربات التي سيتم اقتناؤها لتلبية الاحتياجات المتنوعة للمسافرين، فبالنسبة للرحلات التي تربط بين المدن الرئيسية (inter-villes)، سيتم استخدام عربات تتميز بقدرتها على الوصول إلى سرعات قصوى تبلغ 200 كلم/ساعة، مع تخصيص هذه العربات لخدمة محاور استراتيجية مثل محور فاس – الدارالبيضاء الحيوي. وفي إطار تعزيز النقل الحضري وتخفيف الضغط على الطرق في المناطق الحضرية الكبرى، تخطط "ONCF" لتخصيص عربات لخدمات القطار الجهوي السريع (RER) لربط التجمعات السكانية الكثيفة مثل الدارالبيضاء بمحمدية والنواصر. ويعتزم المكتب الوطني للسكك الحديدية استعمال أيضاً أنواع أخرى من العربات مثل "Intercity" و "REH"، مما يعكس رؤية شاملة لتطوير أسطول متنوع يلبي مختلف أنماط التنقل. خريطة طموحة للربط السككي.. تعزيز التكامل الجهوي وتسهيل التنقل اليومي إن خريطة شبكة السككية الحالية والمستقبلية، تبرز الدور المحوري الذي يلعبه الربط السككي في تحقيق التكامل الجهوي وتسهيل التنقل اليومي للمواطنين، حيث يمثل الخط رقم (1) محورا رئيسيا يربط فاسبالدارالبيضاء مرورا بالمراكز الحضرية الهامة مثل مكناسوالرباطوالقنيطرة، مما يعزز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين هذه الجهات. أما الخط رقم (2) فيعكس الاهتمام بتطوير النقل داخل التجمعات الحضرية الكبرى، حيث يربط الدارالبيضاء بمحمدية والنواصر، وهو ما يساهم في تخفيف الازدحام المروري وتوفير بدائل نقل مستدامة وفعالة لسكان هذه المناطق. نحو نظام بيئي مستدام ومتكامل للسكك الحديدية تعكس هذه الطموحات رؤية استراتيجية متكاملة تهدف إلى تطوير قطاع النقل بالسكك الحديدية في المغرب ليواكب أحدث المعايير العالمية ويساهم بشكل فعال في تحقيق التنمية المستدامة. فمن خلال تحديث الأسطول وتبني تكنولوجيا متقدمة وتوسيع وتطوير الشبكة، تسعى "ONCF" إلى توفير خيارات تنقل أكثر كفاءة وراحة وأمانا للمواطنين، مع الأخذ في الاعتبار الأهمية المتزايدة لخفض البصمة الكربونية لقطاع النقل. الوسوم الرباط القطار فائق السرعة المغرب الملك محمد السادس