استهجن سعيد بعزيز عضو المكتب السياسي للحزب ورئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات التأويلات المغلوطة التي أثيرت بخصوص ملتمس الرقابة، والتي سعت بعض الأطراف في المعارضة خاصة العدالة والتنمية، إلى توظيفها للنيل من مصداقية الحزب وفعاليته السياسية، عبر تحوير النقاش من جوهره المؤسساتي إلى زوابع إعلامية تخدم أجندات ضيقة. وأكد بعزيز في كلمته أمام المجلس الإقليمي للحزب بمكناس أن حزب الوردة، الذي اشتغل على هذا الملتمس منذ سنة 2023، ظل وفياً لخطه النضالي، وأن وعي مناضليه السياسي أفشل كل محاولات التشويش التي قادتها أحزاب كانت في صف المعارضة، لكنها اختارت الانزياح نحو الانتهازية السياسية، محاولة الركوب على الملتمس واتهام الاتحاد الاشتراكي بالتخلي عنه بحثاً عن امتيازات ظرفية. وفي هذا السياق، شدد على أن حزب القوات الشعبية كان يمني النفس من خلال تقديم ملتمس الرقابة ضد السياسية اللا شعبية لحكومة التغول إلى خلق رجة سياسية في المؤسسة التشريعية، لكنه اصطدم بانتهازية سياسوية من لدن آخر من التحق، ومع ذلك لم يتوقف الحزب عند هذا الحدل ن بل استطاع تحويل ملتمس الرقابة من مجرد أداة دستورية داخل البرلمان إلى رافعة شعبية حقيقية لتقييم السياسات الحكومية، وكشف فشلها في الاستجابة لمطالب الفئات الواسعة من المجتمع، المتضررة من الأزمة الاجتماعية المتفاقمة، اتساع دائرة الهشاشة، تفشي البطالة، واستشراء المحسوبية. كما أوضح أن هذه الخطوة تروم إحداث هزة سياسية حقيقية تُعيد للمواطنين الوعي بما يجري، بعيداً عن الخطابات المضللة و» المسرحيات السياسية « التي تنشرها بعض الجهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المُوجَّه، مستنكراً انزلاق بعض الفاعلين السياسيين نحو الشعبوية وتبخيس الممارسة السياسية الجادة، في مشهد لا يخدم سوى خصوم الديمقراطية وقوى التراجُع. وفي معرض حديثه، أبرز بعزيز الدور المحوري للمجلس الوطني الأخير، الذي شكل لحظة دفاع قوية عن مبادرات الحزب ومواقف فريقه البرلماني، خاصة عبر إطلاق دينامية رقابية استهدفت ثمان مؤسسات عمومية، في أفق مساءلتها حول تعثر المشاريع التنموية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني ومعيش المواطنين، في ظل موجة الغلاء وتراجع المؤشرات الاجتماعية. وأكد أن التغول الحكومي القائم يضرب في العمق مبادئ الدستور وروح النموذج التنموي الجديد، مُعتبراً أن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق بدون ديمقراطية ومؤسسات قوية، محذراً من سياسة ممنهجة تهدف إلى إضعاف المؤسسات وتعطيل الإصلاحات الكبرى، لصالح أجندات محافظة على امتيازاتها. وفي السياق ذاته، وجّه نقداً حاداً لما اعتبره فشل «مخطط المغرب الأخضر»، الذي أصبح يثقل كاهل الفلاحين والمجال القروي على حد سواء، نتيجة غياب التقييم الجاد والتصحيح الضروري، معتبراً أن «سياسات عفا الله عما سلف» كرّست الأزمة وأضعفت الثقة. وختم بعزيز مداخلته بتأكيد رفض الحزب لكل مظاهر البيروقراطية والتغول في تدبير الشأن العام، معتبراً أن رفض بعض الوزراء تفويض الاختصاصات للجهات يعد شكلاً من الشطط الإداري والسياسي، يُفرغ الجهوية المتقدمة من مضمونها، ويعيق التنمية المحلية ويحد من قدرة الجهات على التدبير الذاتي لقضاياها في إطار من النجاعة والشفافية. من جهته استغل الكاتب الإقليمي للحزب المناسبة لتسليط الضوء على الاختلالات البنيوية التي تشوب تدبير الشأن المحلي بمدينة مكناس، موجهاً انتقادات لاذعة لأسلوب اشتغال المجلس الجماعي، ومعتبراً أن ما رافق فتح المسبح البلدي من دعاية إعلامية مبالغ فيها لا يعدو أن يكون تضخيماً مفتعلاً لإنجاز وهمي. وشدّد على أن القرار الذي اتخذه رئيس المجلس في هذا السياق، تزامناً مع يوم انعقاد الدورة، يُعدّ خرقاً صريحاً للقانون واعتداءً على المال العام، واستغلالاً انتخابياً فجّاً ومفضوحاً. ودعا السلطات المختصة إلى التدخل العاجل لوضع حد لمثل هذه الممارسات التي تمس بمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص، مؤكداً أن الاستغلال السياسوي لمجموعة من المشاريع المبرمجة بالمدينة، والتي لا تدخل ضمن اختصاصات المجلس الجماعي، كبرنامج تثمين المدينة العتيقة، أو إعادة هيكلة الأحياء الناقصة التجهيز، أو برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، يمثل محاولة تضليلية لركوب سياسي مكشوف على مجهودات جهات أخرى.. واعتبر أن الوضعية المتردية التي تعيشها مدينة مكناس على مختلف الأصعدة – من بنيات تحتية مهترئة، وخدمات عمومية ضعيفة، وتراجع اقتصادي مقلق- تضع الجميع أمام مسؤولياته، مشيراً إلى أن المدينة تقبع اليوم تحت وطأة التهميش، في غياب تام لنخب قادرة على الترافع والنهوض بالمدينة سياحيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، نخب قادرة على جلب استثمارات عمومية وخاصة من شأنها خلق فرص الشغل ومحاربة البطالة المرتفعة خاصة في صفوف الشباب. وفي غياب أيضا ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتراكم الإخفاقات التدبيرية التي باتت تهدد فرص التنمية وتزيد من معاناة الساكنة. وعلى الصعيد التنظيمي، قدّم الأخ بلحوجي عرضاً مفصلاً لحصيلة العمل الحزبي خلال الفترة السابقة، والتي تميزت بإعادة هيكلة الفروع، وتفعيل القطاعات الحزبية، وتنظيم أنشطة تواصلية وإشعاعية شملت مختلف القضايا واهتمامات المواطنات والمواطنين بالإقليم وخص بالذكر فرعي الإسماعيلية وحمرية، مشيداً بالدور الحيوي الذي يقوم به هذا الأخير، وبالزخم التنظيمي المتزايد الذي يعكس حيوية الحزب وتجذّره في الميدان. ولم يغفل الإشادة بالدور الهام الذي يلعبه الإعلام الحزبي، في مواكبة أنشطة الحزب ونقل انشغالات الساكنة، داعياً إلى الارتقاء بالأداء الإعلامي وتوسيع الحضور في الفضاءات الرقمية الجادة، بما يواكب التحديات الراهنة ويخاطب مختلف فئات المجتمع. وفي ختام كلمته، عبّر الكاتب الإقليمي عن تهانيه الخالصة للتلاميذ الناجحين في امتحانات البكالوريا، خاصة المستفيدين من دروس الدعم والتقوية المجانية التي نظّمها الحزب بمقره، مثمّناً عالياً جهود الأساتذة المتطوعين الذين ساهموا في إنجاح هذه المبادرة، وتركوا بصمة إيجابية في مسار عدد من التلميذات والتلاميذ. عقب العرضين السياسي والتنظيمي، فُتح باب النقاش أمام أعضاء المجلس الإقليمي، حيث ثمّن المتدخلون الحركية التنظيمية التي يعيشها الحزب على المستويين الوطني والإقليمي، كما عبّروا عن انخراطهم في الدينامية الراهنة، وقدموا مجموعة من الملاحظات والاقتراحات العملية، ركزت على تعزيز التواصل الداخلي، تقوية الانفتاح الإعلامي، وتطوير أدوات الاشتغال السياسي في الميدان. وقد اختُتمت أشغال المجلس في أجواء نضالية إيجابية، جسدت وحدة الصف الاتحادي، وروح الالتزام الجماعي بمواجهة التحديات المقبلة، عبر مواصلة البناء التنظيمي والترافع الجاد من أجل قضايا المواطنات والمواطنين. وجدير بالذكر أن أشغال المجلس الذي احتضنه مقر سي عبدالرحيم بوعبيد بمكناس زوال يوم الأحد الذي ودعناه، انطلقت بكلمة افتتاحية ألقتها الكاتبة الإقليمية لمنظمة النساء الاتحاديات وعضو الكتابة الإقليمية التي أدارت باقتدار أشغال المجلس، رحّبت فيها بالأخ سعيد بعزيز وبالحضور المكثف للتنظيمات الحزبية ، مؤكدة أن انعقاد المجلس الإقليمي واتخاذه شعار « تحويل ملتمس الرقابة المؤسساتي إلى ملتمس رقابة شعبي « تحت إشراف عضوي المكتب السياسي الأخوين محمد إنفي وسعيد بعزيز رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، يعكس الحركية التنظيمية الصاعدة للحزب إقليمياً، وسعي مناضلاته ومناضليه لمناقشة القيادة السياسية وتصريف الخطاب الحزبي في المجتمع بعيدا عن التضليل والخلط.