من يحمي شبكات التهريب التي تراكم ثروات ضخمة من هذه التجارة الموسمية «المربحة» ؟
ارتفعت بشكل لافت خلال الأيام الماضية كميات المفرقعات والمتفجرات الترفيهية المتداولة في الأحياء الشعبية بالمغرب، رغم أن القانون يجرم حيازتها واستعمالها دون ترخيص. وتشهد عدة مدن، مع اقتراب عاشوراء، انفجار مئات الآلاف من «القنابل الترفيهية» والشهب الاصطناعية، بعضها عالي الشدة، ما يهدد السلامة الجسدية للمواطنين ويقوض الامن العام. ورغم وضوح المقتضيات الزجرية المنصوص عليها في القانون رقم 16.22، لا تظهر مؤشرات على تفعيل فعال لها، لا في المراقبة الحدودية ولا في ضبط التوزيع الداخلي. إذ تنص المادة 54 من القانون على عقوبات حبسية تتراوح ما بين سنتين الى خمس سنوات وغرامات تصل الى 500 الف درهم في حق كل من استورد أو صنع أو وزع المتفجرات الترفيهية بدون ترخيص. كما تعاقب المادة 55 بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات كل من حاز أو استعمل هذه المواد، حتى دون نية الاتجار. وبينما تتضاعف الكميات التي تفجر ليلا داخل الاحياء، لا تزال المقاربة الحكومية تفتقر الى نجاعة الردع. فالمعالجة الميدانية تظل محدودة، وتعتمد على حملات موسمية ظرفية أو تحسيس بأساليب تقليدية، دون خطة متكاملة تشمل مراقبة السوق الداخلي، وضبط قنوات التوزيع، وتجفيف منابع التهريب. وتحولت احتفالات عاشوراء إلى مناسبة تتكرر فيها مشاهد العنف الصوتي والانفجارات وسط الأزقة، غالبا بواسطة مواد محظورة تروج علنا بين القاصرين. ومع ان المديرية العامة للأمن الوطني والجمارك تعلن سنويا عن حجز شحنات كبيرة، آخرها ضبط 11.165 وحدة من المفرقعات بميناء طنجة المتوسط، إلا أن حجم المحجوزات لا يعكس ما يستهلك فعليا في السوق، ما يشير إلى ضعف منظومة المراقبة وفشل الدولة في منع انتشار هذه المواد الخطرة. ويسجل مراقبون أن هذه المواد تروج عبر شبكات غير رسمية، وتشحن أحيانا عبر طرود مهربة من أوروبا أو آسيا، مستفيدة من ثغرات المراقبة الجمركية، ومن غياب تتبع قضائي لامتداداتها داخل السوق. كما تفتقر الحملات الأمنية الى الاستباق والصرامة، في ظل غياب اي تتبع لتفكيك البنية التجارية غير القانونية التي تقف خلف هذه الظاهرة. وفي مقابل ذلك، لا تبادر الحكومة الى تفعيل القانون 16.22 رغم خطورة الوضع، كما لا تقدم أي معطيات دورية حول تتبع السوق الداخلي أو محاربة الشبكات الممولة أو الحاضنة لهذه التجارة المحظورة، ما يعكس، حسب فاعلين مدنيين، «ضعفا بنيويا في الإرادة السياسية لمواجهة الخطر المتفجر الذي يهدد آلاف الأسر سنويا». وتقف وراء ظاهرة انتشار المفرقعات بشكل سنوي، شبكة منظمة من الوسطاء والموردين الذين يحولون هذه التجارة إلى نشاط موسمي مربح، يتم من خلاله تكديس أرباح ضخمة مستفيدين من غياب المراقبة ومرونة السوق. وتؤكد مصادر ميدانية أن تجارة المفرقعات لا تقتصر على الباعة المتجولين، بل تشمل مستويات عليا من الاستيراد والتوزيع بالجملة، تديرها شبكات منظمة تراكم ثروات سريعة بفضل هامش ربح مرتفع وتدفق طلب موسمي مكثف. ورغم وضوح النصوص القانونية التي تجرم الاستيراد والترويج والحيازة، إلا أن العقوبات، في الغالب، تطبق على الباعة الصغار، بينما يفلت الموردون الحقيقيون من أي مساءلة. هذا الاختلال يطرح سؤالا جوهريًا: من يحمي هؤلاء؟ وكيف يمكن لشبكات توريد بحجم ما يروج سنويا أن تنشط دون غطاء أو تسهيلات؟
«القانون رقم 16.22المادة 54: يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة يتراوح مبلغها بين 50.000 و 500.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط: 1 – كل من يحوز، دون مبرر قانوني، مواد أولية أو مواد متفجرة أو شهب اصطناعية ترفيهية أو معدات تحتوي على مواد نارية بيروتقنية أو يقوم بإدخالها بطريقة غير قانونية إلى التراب الوطني 2 – كل من يقوم، بطريقة غير قانونية، بصناعة مواد متفجرة أوشهب اصطناعية ترفيهية أو معدات تحتوي على مواد نارية بيروتقنية. تتم مصادرة هذه المواد وإتلافها وفق الشروط المحددة بنص تنظيمي.»