توتر دبلوماسي يدفع ترامب لعدم حضور قمة العشرين    تحقيقات قضائية في خروقات صفقات عمومية تستدعي مقاولين ومنتخبين    الرباط تحتضن ندوة رفيعة المستوى حول مستقبل العلاقات الأورو-متوسطية    المغرب وموريتانيا.. دفعة جديدة للتعاون في مجال الطاقة والمعادن    جدل حاد في الكونغرس الأمريكي عقب الضربة الإسرائيلية على قطر    قطر تتحرك دبلوماسيا وقانونيا لمواجهة الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    فرنسا تسخر 80 ألف شرطي لمواجهة احتجاجات مناهضة للتقشف    هجوم بمسيّرة يستهدف قاربا ثانيا من "أسطول غزة" قبالة تونس    طقس الأربعاء: أجواء هادئة مع سماء قليلة السحب    كيوسك الأربعاء | المغرب رابع أفضل بلد في إفريقيا من حيث براءات الاختراع    شرطي يقتل ابن شقيقه رميا بالرصاص قبل أن يضع حدا لحياته    التهراوي يتفقد مشاريع ومؤسسات صحية بجهة فاس مكناس    اليونسيف: السمنة تهدد 188 مليون طفل ومراهق حول العالم    المحكمة العليا الأمريكية تبث، في نونبر المقبل، في قضية الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب    تخصيص حوالي 800 ألف درهم لتمويل بناء أربع وحدات للتعليم الأولي بتطوان    شبهة الانتحار ترافق وفاة طفل من تلاميذ التعليم العتيق بجماعة بني رزين    مع حضور في الطقوس والأمثال .. الخبز في حياة المغاربة: من قوت يومي إلى مقام وجودي ورمز أسطوري وسلم اجتماعي    استعراض مؤهلات جهة الشمال على وفد فرنسي من تولوز        حمودي: "الأسطول الكوني" لكسر الحصار على غزة أكبر انتفاضة في البحر    مطارات الإمارات تتجاوز حاجز المليار مسافر خلال 10 سنوات    23 قتيلا و 2835 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    تعليمات قضائية لتشديد مراقبة تراخيص الإذن بتعدد الزوجات في المغرب    هشام العلوي يدعو المغرب إلى قطع علاقاته مع حكومة نتنياهو مع الحفاظ على الروابط مع المجتمع والشعب الإسرائيلي    ترامب: لم يكن لدينا الوقت الكافي لمنع ضرب قطر    3 أندية إسبانية تتنافس على خدمات حكيم زياش        "البام" ينادي بزجر تدليس الانتخابات    بونو يحصل على جائزة أفضل تصدي    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    محمد حفيظ يرد على الأزمي.. حين يكذب الشيخ لا عجب أن يكذب المريد! 1/2    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    توسع عالمي .. افتتاح فرع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنيويورك    أكادير تحتضن أول مصنع مغربي لإنتاج الذباب المعقم لحماية بساتين الحمضيات    احتجاجا على التهميش والتدبير الأحادي للمديرية الإقليمية للتعليم بالمحمدية المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم.. فدش ينسحب من اجتماع رسمي ويخوض اعتصاما    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا        المنتخب المغربي يتجه للحفاظ على مركزه ال12 عالميا    اتحاد طنجة يطرح تذاكر مباراته الافتتاحية أمام الحسنية    أخبار الساحة    المختار العروسي يعلن ترشحه لرئاسة نادي شباب أصيلا لكرة القدم    مديرية الأرصاد تحذر: زخات رعدية قوية بعدة مناطق اليوم الثلاثاء    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    تسريع التعاون في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة محور مباحثات الوزيرة بنعلي مع نظيرها الموريتاني    بطولة اسبانيا: برشلونة يؤكد إصابة دي يونغ    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة        أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي            نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتبر مهينا للمدرسة المغربية.. تصريح لمديرة الأكاديمية الجهوية لجهة طنجة تطوان الحسيمة يضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 08 - 09 - 2025

أثار تصريح مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة تطوان الحسيمة، على قناة ميدي1 تيفي، موجة غضب عارمة واستنكارا واسعا بين الآباء والأمهات والأطر التربوية والمتابعين للشأن التعليمي، فقد اعتبرت المسؤولة أن "تلميذا واحدا في المدارس الرائدة يعادل 80 تلميذا في باقي المدارس غير الرائدة"، في مقارنة لا يمكن وصفها إلا بالمهينة والخطيرة، لأنها تضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص الذي نصّ عليه الدستور المغربي، وتتغنى به الشعارات الرسمية صباح مساء.
إن ما صرحت به مديرة أكاديمية جهة طنجة تطوان الحسيمة، لا يمكن أن يعتبر مجرد زلة لسان أو سوء تعبير ، بل انزلاق خطير يكشف عن ذهنية نخبوية تقسم أبناء الوطن إلى مراتب وفئات، فخطاب من هذا النوع يهدم كل ما بنته الدولة من محاولات لإعادة الثقة في المدرسة العمومية، ويحول شعار (تكافؤ الفرص) إلى مجرد واجهة تجميلية لا تصمد أمام أول تصريح غير مسؤول، إذ كيف نطلب من التلميذ أن يثق في مدرسته إذا كان مسؤول كبير في قطاع التربية يعلن صراحة أن قيمته لا تساوي إلا جزءا ضئيلا من قيمة زميله في مدرسة أخرى .
الخطير في الأمر ليس فقط في العبارة نفسها، بل في ما تحمله من رسائل نفسية واجتماعية مدمرة، وكيف لأطفال في عمر الزهور أن يسمعوا بأن وجودهم في (مدرسة غير رائدة ) يعني أنهم أقل شأنا، أقل قيمة، وربما أقل استحقاقا للمستقبل. هذا ليس مجرد تصريح عابر، بل حكم بالإعدام على الأمل، وتغذية لإحساس بالدونية يمكن أن يرافق التلاميذ طيلة مسارهم الدراسي، فمثل هذا التصريح لا يعكس سوى رؤية إقصائية تُقسم أبناء الوطن إلى درجات وفئات، وتزرع في نفوس آلاف التلاميذ إحساسا بالنقص، فقط لأنهم يدرسون في مؤسسات لم تُصنف "رائدة". فأي رسالة نبعثها لهؤلاء الأطفال عندما نقول لهم إن قيمتهم لا تتجاوز جزءا ضئيلا من زملائهم؟ وهل المطلوب من الأسر أن تقتنع بأن مصير أبنائها مرهون بملصق إداري على باب المدرسة؟
الأدهى من ذلك أن هذا الكلام يُسقط في الماء مجهودات الأطر التربوية التي تشتغل في ظروف بالغة الصعوبة داخل المدارس غير المصنفة، حيث الاكتظاظ ونقص الموارد، لكنها رغم ذلك تبدع وتبذل التضحيات لإنجاح العملية التعليمية. أن يأتي خطاب رسمي ليختزل كل هذه التضحيات في أرقام مهينة هو إهانة للأساتذة والإداريين قبل أن يكون إهانة للتلاميذ وأسرهم.
إن المديرة، وهي مسؤولة جهوية، كان يفترض أن تدافع عن كل تلميذ وكل مؤسسة في جهتها، لا أن تزرع بذور التفرقة بين أبناء المدرسة الواحدة. فالرهان الحقيقي اليوم ليس في مقارنات عبثية وشعارات جوفاء، بل في مواجهة الأعطاب بجرأة: تقليص الاكتظاظ، تحسين البنية التحتية، توفير الموارد البشرية، وتحفيز الأطر. أما أن يُختزل الإصلاح في جمل تسويقية فارغة، فهذا ليس إصلاحا بل تدميرا ممنهجا للثقة في المدرسة العمومية. لقد أثبت التاريخ أن المدرسة المغربية، بكل بساطتها وصعوباتها، أنجبت كفاءات لامعة من أقسام مكتظة ومؤسسات متواضعة. كم من طبيب ومهندس وقاض وأستاذ ووزير تخرج من مدارس في قرى نائية، دون أن يحمل على كتفه بطاقة (رائد) أو (غير رائد) . معيار الجودة لم يكن يوما لافتة على باب مدرسة، بل روح نضال داخل القسم، وإرادة أسر، وضمير أساتذة آمنوا برسالتهم. إن المدرسة المغربية ملك لجميع المغاربة، والرائد الحقيقي ليس تصنيفا إداريا، بل كل قسم يفتح أبوابه لطفل يمنحه فرصة في الحياة. أما التصريحات التي تحط من قيمة التلاميذ وتُقسمهم إلى مراتب، فهي خارج الزمن التربوي، لا واجهة النقاش العمومي. وإذا كان القائمون على الإصلاح يؤمنون بمنطق (تلميذ واحد يعادل ثمانين)، فإن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه: من "يعادل" هذا الخطاب غير المسؤول؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.