لم يألف الضوء الخفيفَ حين هبط الجندُ من التّلَّة، وأحاطوا برجل الثلجِ، جفَّفوا الأمطارَ على قَفاه. كم تغيرت صورتهم الأولى! وَقَفَ اللَّوذعيُّ أميرالُ الشعراءِ على دكّةٍ وقال: « في الطريقِ أوْدعتُ زوادة للعصافيرِ، وقربةً لعابري الكوابيسِ، لكنَّ أمْشاجاً من الصُّوفِ هَدَّتْ عظامي»، أكان على رجُلِ الثلجِ أن يغفو على بُعدِ يارداتٍ غُفْلٍ من هذا الزَّردِ النّائحِ حولي؟ أكان على فسائلِ دمعِ عبَّادِ الشمسِ أن تحرق أزهاري؟ أحياناً تعبث هذه الشجرةُ بأكمامها الملثَمة، فتركض صرخاتُ السنونو صوب ضبابٍ غامقٍ، وأحياناً تختبئ الغربانُ من صائدي لآلئِ الخريف. أين تقبع الجنّياتُ الحنوناتُ فليس الخريفُ بهذه الحلْكةِ، وليست لُججُ الصباحات الهادرةِ بكل هذا الأسى المُريب! أَلَمْ يأْلف الضوء الخفيفَ إذن، تحت شجرٍ انْداحَ الفجرُ اليتيمُ على أوزارهِ. ثمةَ أنْخابٌ في الهواءِ، لكنَّ أحوال الطقسِ الكَذوبِ لا تُنذرُ إلا برمادٍ من قُبَلِ الريح على الكؤوس.