يخلّد الشعب المغربي، ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم السبت 27 دجنبر 2025، الذكرى 92 لمعارك جبل بادو، إحدى أبرز محطات الكفاح الوطني التي خاضها أبناء إقليمالرشيدية خلال شهر غشت من سنة 1933 ضد قوات الاحتلال الفرنسي، في معارك جسّدت أسمى معاني التضحية والصمود دفاعًا عن الأرض والكرامة. وتُعدّ معارك جبل بادو من أشرس المواجهات التي عرفها الجنوب الشرقي المغربي، حيث واجه المجاهدون، القادمون من مختلف قبائل تافيلالت، قوات استعمارية نظامية مدججة بأحدث العتاد العسكري البري والجوي، تم استقدامها من المناطق العسكرية بتادلة ومراكش ومكناس. وقد لجأ المقاومون إلى قمم الجبال والمغارات والكهوف بعد تشديد الحصار، في ظل قصف المداشر والقصور المجاورة، وقطع الإمدادات من الغذاء والماء والذخيرة. وبرز خلال هذه المعارك قادة مقاومون من طينة زايد أوسكونتي، قائد آيت عيسى أزم من قبيلة آيت مرغاد، وعلي أوطرمون قائد آيت عيسى من زاوية أسول، إلى جانب عدد من العلماء والفقهاء والوجهاء الذين ساهموا في تعبئة السكان وحثهم على الجهاد. وأمام صمود المقاومين، لجأ المستعمر إلى محاولات التفاوض والترغيب، غير أن فشلها دفعه إلى شن هجوم عنيف يوم 25 غشت 1933 على مواقع المجاهدين، أعقبه قتال شرس بلغ حد المواجهة المباشرة بالسلاح الأبيض. وفي 26 غشت 1933، توقفت المعارك بعد نفاد المؤن، دون أن تنطفئ جذوة المقاومة، التي استمرت بأشكال أخرى داخل صفوف الحركة الوطنية وجيش التحرير. كما لعبت منطقة اغبالو نكردوس دورًا وطنيًا بارزًا خلال الخمسينيات، حين حوّلها المستعمر إلى معتقل ومنفى لعدد من زعماء الحركة الوطنية، من بينهم موقعون على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وأبرزهم الشهيد المهدي بن بركة، ما ساهم في تعميق الوعي الوطني وإذكاء روح النضال، وصولًا إلى ثورة الملك والشعب واسترجاع الاستقلال سنة 1955. وبهذه المناسبة، تشيد أسرة المقاومة وجيش التحرير بالدينامية الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، وبالقرار الأممي 2797 الداعم لمبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية، مؤكدة تجندها الدائم خلف جلالته دفاعًا عن الوحدة الترابية للمملكة. وفي إطار تخليد هذه الذكرى، أعدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير برنامجًا متنوعًا يشمل لقاءات تواصلية، تدشين معالم تذكارية، مهرجانات خطابية، ندوات علمية، وافتتاح فضاءات للذاكرة التاريخية، بعدد من أقاليم الجنوب الشرقي، بمشاركة قدماء المقاومين وذوي الحقوق وفعاليات المجتمع المدني.