سانت لوسيا تجدد تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    الرباط.. المحكمة الإدارية تنظر في طلب افتحاص صندوق تقاعد المحامين بمراكش    اتفاقية شراكة بين المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب لإنتاج بيانات أكثر موثوقية وذات جودة في الإحصاء    بونو: لا أعتقد أن ريال مدريد سيتأثر بغياب مبابي.. ونتطلع لهذا التحدي    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل فلومننزي البرازيلي وبوروسيا دورتموند الألماني دون أهداف    مسؤولو حسنية أكادير يفشلون في الحفاظ على الركائز بعد رحيل الشماخ    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | أزيد من 180 ألف عملية مراقبة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة    إضراب مفتوح ووقفة احتجاجية لعمال النظافة بشركة أوزون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر الأجور    العثور على شاب مشنوق داخل شقة بالحسيمة في ظروف غامضة    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني: تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    ترامب يطالب إيران باستسلام غير مشروط وسط تصاعد التوتر مع إسرائيل    تحول "OpenAI" إلى الربحية يشعل الخلاف مع "مايكروسوفت"    من الحرير إلى الشراكة الذكية.. المغرب والصين ينسجان مستقبلًا بحكمة حضارتين    الخليج يحث على التهدئة بين إيران وإسرائيل ويؤكد دعم مساعي الاستقرار الإقليمي    أكلو : السلطات تُحبط تهريب أطنان من "الشيرا" بشاطئ أزرو زكاغن    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    كأس العالم للأندية .. قمة إنجليزية مغربية وصدام إسباني سعودي    المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران .. إشكالات وسياقات ومآلات    حجيرة: تعاونيات المغرب تلج التصدير    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    عائلة بودراجة تتوعد بالمتابعة القضائية    إجهاض محاولة تهريب سبعة أطنان و50 كيلوغراما من من من در الشيرا بميناء طنجة المتوسط    ولد الرشيد يستقبل وزير خارجية بنما وهذا الأخير يجدد دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي    من قلب باريس.. وزير الصناعة يكشف عن اتفاقيات واعدة تعزز مكانة المغرب في صناعة الطيران    قطر تجدد دعمها للمخطط المغربي للحكم الذاتي    العصبة الوطنية تعلن عن موعد انطلاق موسم البطولة الاحترافية 2025-2026    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    فاطمة الحمامصي… مسار نسائي رائد يُكرَّم في طنجة    فرع الحزب الاشتراكي الموحد –هولندا يدين العدوان الإسرائيلي على إيران ويؤكد موقفه الثابت ضد الحروب والإمبريالية    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    تهديد مباشر لخامنئي.. ترامب نعرف تحديداً أين يختبئ المرشد الأعلى    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأحمر    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    4.2 مليار درهم عائدات الضريبة على المركبات في 2024    في المغرب .. الفاشلون يطاردون المتفوقين عبر ساحات التنمر الإلكتروني    الصحة والنزاهة على طاولة واحدة .. ورشة تسائل التوريد والممارسات الطبية    رونالدو يهدي قميصه لترامب برسالة غير متوقعة        رئيس الحكومة يؤكد على مكانة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في النموذج التنموي    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    طنجة الدولية.. اختبار فرضيتي التحول والتفاعل    الذهب يصعد وسط القتال بين إسرائيل وإيران ودعوة ترامب لإخلاء طهران    مجزرة جديدة تحصد أرواح المجوعين.. مقتل 47 فلسطينيا بنيران إسرائيلية قرب مركز مساعدات في غزة    هلال: المغرب يلتزم بالتصدي للكراهية    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    ترامب يقول إنه يريد "نهاية فعلية" للنزاع بين إسرائيل وإيران "وليس وقف إطلاق نار"    موازين 2025… أزمة توزيع المنصات تثير استياء الجمهور    الأمير مولاي رشيد يترأس الجمع العام الاستثنائي للجامعة الملكية المغربية للغولف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماراطون الرمال : رياضة في خدمة الاقتصاد الوطني

فرضت الطبيعة نفسها بقوة في الدورة 24 لماراطون الرمال وكان على المنظمين أن يؤمنوا للمتسابقين الذين جاءوا من مختلف أنحاء المغرب حداً أدنى من متعة مواجهة قساوة الطبيعة، فهذا الصنف من الرياضة لا يجلب فقط الرياضيين الراغبين في الفوز بالجوائز المبرمجة، ولكنه يجلب بشكل خاص المولعين بالطبيعة الذين لم تعد تهويهم حياة البذخ ومغريات كبريات المدن والمؤسسات الفندقية الفخمة وبالمقابل زاد ولعهم للرياضات التي يعرضون فيها قواهم الجسدية لمواجهة قساوة الطبيعة ومغازلة ما توفره من نشوة لا مثيل لها.
قانون الطبيعة:
لم تتوقف الأمطار عن التهاطل طيلة الرحلة التي انتقلنا فيها يوم السبت 28 مارس من ورزازات إلى أرفود، كان على السائق ابراهيم أن يكون حذراً |أكثر من المعتاد ما دام أن المياه غمرت مساحات شاسعة من الطريق وشكلت وديان جارية عابرة لها، إن هذا المناخ الذي هدد بإلغاء الدورة الرابعة والعشرين أظفى على الطبيعة مسحة فريدة من نوعها إذ رغم قدرة الرمال العالية على امتصاص الماء فإن البرك المائية ومجاري المياه كانت منتشرة على نطاق واسع.
أثناء التوقف لتناول وجبة الغذاء بلغنا أن حافلات «ستيام» التي كانت تقل المتسابقين والعديد من المنظمين اضطرت إلى توقيف رحلتها بعد أن غمرت المياه القناطر ولم تعد حركة العبور مفتوحة إلا أمام السيارات الرباعية الدفع، حينها تزايدت مخاوف المنظمين من الاضطرار إلى إلغاء الدورة، أما العاملين في المطعم فكانت فرحتهم عارمة، وكيف لا وقد صاروا شبه متأكدين من أنهم سيجنون موسماً فلاحياً جيداً ومن أنهم سيضمنون التزود بالماء لفترة طويلة في ظروف أحسن.
عند اقتراب الغروب وصلنا إلى أرفود، وكان علينا أن نعبر القنطرة لنصل إلى المأوى القريب من المخيم الذي أعد لإيواء المتسابقين، وكان علينا أكثر أن نقبل بالمخاطرة وبالعبور رغم أن سيول المياه كانت تغطي القنطرة وتهدد بالغرق.
على الظفة المحادية للمجمع السكني وقف السكان يراقبون ما يحذث أمامهم، فعبور أي مركبة يشكل بالنسبة إليهم فرصة لاستعادة النفس، ولكنه في نفس الوقت يحيلهم على واقعهم المر، فشتان ما بين إمكانيات الوافدين من أجل متعة عابرة وبين واقع يمقيمونفيه و لا يملكون حتى إمكانية العبور من أجل دفن من كتب عليه الموت في المقبرة التي توجد في الظفة الثانية من الواد طيلة أيام الفيضانات.
مرت المغامرة بسلام، وتوجهنا إلى المخيم، فوجدنا خيامه المنصوبة خصيصاً لهذا الغرض قد فقدت أدنى شروط الإيواء، لم يكن حينها أمام مدير السباق باتريك باوير إلا أن يتخذ قرار إيواء الجميع بالفنادق عوض الخيام، كان أمله حينها أن تتحسن الظروف المناخية وتؤمن شروط الانطلاقة الجيدة للسباق ولكن الأمطار استمرت في التهاطل وفرضت اتخاذ القرار الثاني القاضي بإلغاء المرحلة الأولى من السباق مع إدخال تعديلات على المراحل الموالية، أما القرار الثالث القاضي بخيار إعطاء الانطلاقة بعد يوم من التأخير عوض إلغاء الدورة فقد قوبل بتصفيقات المشاركين الذين كانوا قد أعدوا كل العدة ليستمتعوا بالمناظر الخلابة التي توفرها الطبيعة في الصحراء المغربية.
اللوجيستيك:
أهمية القرارات المتخذة تكمن في أنها كانت تأذن بشروع الفرق المكلفة بالجانب اللوجيستيكي والتنظيمي باتخاذ ما يكفي من الإجراءات لتأمين إقامة حوالي 1200 مشارك ومشاركة في ظروف سليمة، وبالفعل فقد سجل المغاربة كيف أن ساحة فندق الشركي التي تولى فيها المنظمون تقديم وجبة غذاء يوم الأحد استعادت نظافتها بعد أقل من ساعة من تقديم آخر وجبة، أما مدير السباق فلم يفته أن يؤكد اعتزازه برعاية جلالة الملك للدورة ويجدد تشكراته للقوات المسلحة الملكية التي وضعت رهن إشارته 18 شاحنة قادرة على نقل الخيام والماء والأطعمة إلى مختلف النقط التي أعدت لاستقبال المشاركين.
نفس المشهد تكرر عند إعطاء انطلاقة السباق صباح يوم الإثنين بالقرب من مرزوكة القريبة من الحدود مع الجزائر، فبعد مغادرة 812 متسابق يمثلون 44 فريقاً من 39 دولة وتبعهم حوالي 400 مؤطر و60 صحافي تبين أن الموقع الذي كان عبارة عن «موسم» نظيفاً ولولا آثار العجلات والأحدية لانعدمت إمكانية إثبات أن هذه الساحة هي التي احتضنت التظاهرة التي تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الدولية.
السياحة والرياضة:
من الصعب الفصل في ما إذا كانت تظاهرة «ماراطون الرمال» ذات طابع رياضي أم سياحي، ولكن من المؤكد أنها تجمع بين الجانبين، فباستثناء القلة القليلة من المتنافسين على الفوز بالمقاعد الأولى في الترتيب، فإن الأغلبية الساحقة دفعت مقابل الحق في المشاركة أكثر بكثير من قيمة الجائزة الأولى، بل إن من المشاركين من بإمكانه أن يحتضن الدورة أو على الأقل مجموعة من المشاركين فيها، فالمقاربة السياحية المرتكزة على منظور بيئي لها مقومات ثقافية لم تنضج بعد في دول العالم الثالث رغم أن ما يزخر به هذا العالم من مؤهلات طبيعية يؤهله لاعتماد السياحة البيئية كفرصة لخلق مناصب الشغل ولتأمين استقرار السكان القرويين في الوسط القروي.
قبل أن تنطلق المرحلة الأولى من السباق تحدث لنا لحسن أحنصال عن خصوصية السباق وعن استعداده للصمود أمام مؤهلات الاخ الأصغر محمد الذي كان على أتم الاستعداد للفوز بلقب ثالث، لكنه تحدث أيضاً عن غياب الاهتمام الرسمي بهذه الرياضة، إذ باستثناء الرعاية السامية لجلالة الملك فإن إشراف فرنسي على تنظيم التظاهرة يعتبر بمثابة حاجز أمام انخراط باقي الهيئات الرسمية المعنية بما في ذلك وزارة الشبيبة والرياضة وجامعة ألعاب القوى، والنتيجة أن لحسن أحنصال، الفائز بعشر دورات، ما كان له ليشارك في دورة 2009 لولا أن مجموعة «كيا موتورز» للسيارات التي احتضنت الماراطون للمرة الرابعة على التوالي، احتضنت كذلك الفريق الذي ضم الأخوين احنصال وعزيز العقاد بالإضافة إلى فرنسي من أصل تونسي.
بينما أعلن منظم الماراطون الفرنسي باتريك باوير عن حضور نائب رئيس الجامعة الفرنسية لألعاب القوى مراسيم انطلاقة الدورة الرابعة والعشرين تحدث لحسن احنصال عن غياب المغرب في لائحة الدول التي تشارك في بطولة العالم لهذا الصنف من الرياضات علماً بأن الإقبال العالمي عليه يتزايد بشكل ملفت للنظر، وبالنسبة إليه فإن هذه الرياضة ، التي لا تتطلب بناء ملاعب، تحتاج إلى تشجيع أكبر لأن المغرب كله أرضية ملائمة لتنظيم رياضة الماراطون.
أثناء تنقلنا بين الوحدات السياحية بالمنطقة من فنادق ومخيمات سياحية استمعنا إلى كثير من الانتقادات التي يستخلص منها أن الإستثمار في القطاع السياحي لايزال يتعرض لعدة عراقيل إدارية، ولولا هذه التعقيدات لأمكن تخفيض العديد من الأسعار التي تساعد على جلب المزيد من السياح وعلى رفع الاستهلاك، ولأمكن كذلك إنجاز العديد من الاستثمارات وخاصة منها التجهيزات التي تتطلب تعويض إنتاج الطاقة من المحروقات المضرة بالبيئة بالربط بالشبكة الوطنية للكهرباء، فالبحث عن متعة الهواء النقي والمناظر الصحراوية الخلابة لا يتناقض مع توفير طرق وممرات مريحة ولا يفقد قيمته إذا كان مصحوباً بقضاء ليلة في فضاء مريح.
انتهت الدورة 24 بفوز محمد أحنصال للمرة الثالثة على التوالي وبفوز ديدي تودة للمرة الثانية على التوالي ولكن إشكالية تعامل المغارب مع هذه التظاهرة مازال مطروحا بحدة، إذ فضلاً عن الغياب الشبه التام للأجهزة الرسمية المعنية بالقطاع الرياضي فإن غياب أرباب العمل المغاربة كان جلياً على كافة المستويات علماً بأن نوعية المشاركين توفر المناخ الأنسب للتمهيد لإبرام صفقات تجارية يستحيل التوصل إليها في المعارض الدولية والزيارات الرسمية، وفي انتظار ما ستحمله الدورة المقبلة من مستجدات فإن ما صرح لنا به السائق ابراهيم يؤكد بأن «ماراطون الرمال» يؤمن للعديد من الفاعلين في القطاع السياحي العمل في ظروف مرضية على المستوى المادي أما ما عشناه مع سائقي سيارتي الأجرة اللتين انتقلنا عبرهما في وارزازات من الفندق إلى المطار فيؤكد أن بعض القرارات المحلية غير المسؤولة تصدم كل المغادرين وتفرض عليهم الاحتفاظ بصورة سيئة عن المغرب، وإلا كيف يمكن تفسير القرار الذي يحدد أسعار الرحلات الرابطة بالمطار في 50 درهم رغم أن مدتها قد لا تصل إلى 5 دقائق ورغم أن الحالة الميكانيكية للسيارات لم تعد تلائم الاستعمال في النقل العمومي أو السياحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.