ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة    السجن 7 سنوات لوزير جزائري سابق    فصل الخريف ينعش السياحة الجبلية ويرفع نسب الحجوزات بشكل قياسي    الشيرا يورط أربعة أشخاص بتنغير    حقيقة الجزء الخامس من "بابا علي"    بنكيران مخاطبا شباب جيل Z: ما قمتم به سيكون له نتائج جيدة إذا توقفتم الآن عن الاحتجاجات        مصادر من السلطة تنفي وفاة متظاهر في وجدة    لاعبو المنتخب يعلنون تضامنهم مع مطالب جيل زاد    بينهم شابة تعاني من إعاقة ذهنية.. بدء محاكمة أول معتقلي احتجاجات "جيل زد" في الرباط وتأجيل الجلسة إلى 7 أكتوبر    دوري أبطال أوروبا.. هاتريك مبابي وتألق دياز يقودان ريال مدريد لاكتساح كايرات بخماسية    أبطال أوروبا.. دياز يسهم في إكتساح الريال لكايرات ألماتي بخماسية نظيفة    صادرات الفوسفاط ومشتقاته تناهز 65 مليار درهم عند متم غشت    عائدات السياحة بالمغرب تقفز إلى 87,6 مليار درهم حتى غشت 2025    الشرقاوي: الحكومة لم تكتف بالتفهم لمطالب "جيل زيد" بل وضعت خطوات قابلة للتنزيل        اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يواصل التألق بفوز عريض على سهل مارتيل    اعتقال إبنة الرئيس التونسي السابق بن علي في فرنسا            جريمة اغتصاب وقتل تهز القصر الكبير: طفلة في عمر الزهور ضحية وحشية وإهمال    مشروعية احتجاجات شباب جيل Z/ الجيل الأخير في المغرب    الجزائر على صفيح ساخن: شباب غاضب يتحدى قبضة النظام العسكري    تقرير يتوقع تحقيق الاقتصاد الوطني معدل نمو بنسبة 4,5% سنة 2026    بورصة البيضاء تنهي التداولات بالأخضر    الحركة الاجتماعية في المغرب: رسائل الشارع وأسئلة الدولة    بنعلي: 45% من كهرباء المغرب مصدرها متجدد ونستهدف 52%    "مراسيم الصحة" تقدم بمجلس الحكومة    المغاربة المشاركون في أسطول الصمود العالمي يقتربون من ساحل غزة    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال 16 لمعرض الفرس للجديدة    ترامب يمهل "حماس" أربعة أيام للرد    حول الدورة 18 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا    تشكيليون عرب يعرضون لوحاتهم بأصيلة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين    السلطات تعلن إيقاف 24 شخصا من جيل "Z" وتحيل 18 منهم على التحقيق بتهم جنائية        اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: رحلة محمد بن عيسى مع التنوير الفكري والتحديث الثقافي        الرجاء والوداد يوقعان على الصحوة على حساب الدفاع الجديدي ونهضة الزمامرة    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم            القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا خجل من نفسي!!
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 24 - 11 - 2009

أكاد أقول: أنا خجل من عروبتي!!.. وأخشى «إن رميت أن يصيبني سهمي»!!.. فهاهي أزمة المجتمعات العربية ( جاءت مناسبة مباراة رياضية عابرة، لتفضح لا رياضية كثير من السلوكات ومن المواقف ) التي وصلت حدا من الهاوية، يكاد يؤشر أننا بلغنا القاع. حيث إننا نكاد نمارس الحياة بذاكرة ملحوسة، جرداء، ونصدر عن ضغط انفعال لا مساحة للعقل فيه. متناسين أن الشمس ستشرق غدا على دنيا الأحياء أحببنا أم كرهنا، وأن قدرنا الأبدي والدائم، هو التعايش..
إن المرء ليخجل كثيرا من عناوين الكلام الذي يصدر في قنوات مصر الفضائية، وردود الفعل المتوالية عنه في صحف الجزائر.. والخطاب الساري ذاك، المطلوق على عواهنه، إنما هو عنوان خطاب أزمة، هي أزمة مجتمع.. بل أزمة مشروع مجتمعي، تتعاظم فداحة صورتها، حين تصدر عن التجمع البشري الأكبر عددا في دنيا العرب.. إن الإستسهال في رسم صورة مؤلمة تنسب للوعي المصري العام، أمام ملايين المشاهدين عبر العالم، والتي تسجن صورة بلد بكامله في ملامح خطاب منقوع في قاموس مؤسف من السباب المجاني ( من قبيل: «بلد المليون بلطجي»، و«بلد الكلاب»، و«بلد» ما يخجل المرء من ترديده من كلمات لا تشرف أحدا ) وأحكام القيمة ( من قبيل: «البربر في شمال إفريقيا، همج متوحشون ونحن الذين علمناهم العربية والحضارة و...و....و... ».)، والعديد الآخر من الأحكام الإطلاقية. كل ذلك، إنما يترجم عاليا درجة الأزمة المجتمعية التي يعانيها المشروع العربي، وضمنه المشروع المجتمعي المصري، بصفته مشروع أمة لم يقطر بها السقف، وتجر وراءها إرثا محترما من الأثر الطيب في ذاكرة الأيام والتاريخ. ولعل المقلق هنا، هو هذا النزوع السياسي، الموظف للإعلام العمومي والخاص، نحو الإجماع على القبح، الذي مرتكزه منطق الترهيب والتخوين ضد كل صوت عقل يحرص على أن لا يمسح الأثر الطيب للعلائق من الذاكرة، بممحاة من الغضب ورد الفعل العاطفي.
إن الأزمة المجتمعية تلك، التي تعبر عن نفسها في الفضائيات وعبر باقي وسائط الإتصال والإعلام، إنما تترجم عاليا حجم أزمة النخب في عالمنا العربي. وأن من يوجه دفة الأمور سياسيا نحو ذلك الإسفاف والإستسهال في صناعة رأي عام متشنج وعنيف، إنما هو في خصومة مع المشروع الهائل الذي تمثله مصر كوعد في خريطة العرب. إن بلاد طيبة، وبلاد صلاح الدين الأيوبي. ومحمد علي، ورفاعة الطهطاوي، وقاسم أمين، وسعد زغلول، وسيد درويش، وجمال عبد الناصر، وأمل دنقل، والدكتور زويل،،، وصف طويل من عناوين الشرف هناك، ليست لا الأخ الأكبر ولا الأخ الأصغر للعرب. هي مصر فقط، بما منحها الله من موقع جيو - ستراتيجي، وبما تمنحه لنفسها ( عبر أبنائها ) من مكانة ودور، مثلها مثل باقي أمة العرب، بأعطابها ونقط قوتها. فهي ليست وصية على أحد، ولا أحد يملك الحق في أن يحملها فوق طاقتها. بالتالي، فإن المطلب المفتوح اليوم، هو أن يرحم إعلام مصر تاريخ بلده، من هذا السقوط اللفظي الذي تقاد إليه صورة بلد كبير مثل مصر.
إنه في مكان ما، لم يخطئ الأديب والروائى المصري علاء الأسواني، في روايته «نيران صديقة»، حين نبه عبر أحد شخوصه، أن بلاده التي يحبها، تكاد تُقاد نحو تربية للنرجسية، التي هي وقود كل فكر شمولي يُخشى أن ينتهي إلى «الفاشية». ومحبة مصر، بتاريخها المديد، تفرض قول الحقيقة كاملة بلا مواربة. وحين يتأمل المرء، بعض الكلام الموجه ضد الفنان عادل إمام ( كمثال فقط )، كونه رفض الدخول في ذات التوجه الإعلامي العابر والآني. والحملة التي تستهدفه هنا وهناك، بدعوى « الخروج عن الإجماع » المبطن ب « تهمة التخوين »، يطرح الكثير من أسباب القلق. إن التحدي الذي يواجه الشعب المصري، هو الإنتصار على مكبلات الحياة الكريمة، من بطالة وصحة وتعليم وأمن. إن الخطر الذي يتهدد مصر، هو مستقبلها المائي، وزحف الصحراء، والقحولة التي تهدد دلتا النيل التي تعتبر رئة مصر الفلاحية والصناعية الكبرى.. إن المشروع الذي يتحدى الجميع هناك، هو خلق أسباب التوازن الإقليمي ( علميا، أمنيا وتكنولوجيا ) أمام عدو مصلحي مثل إسرائيل.. إن الكرامة هي أن يتقوى الجنيه المصري، وأن تكون القدرة الشرائية لأهل النيل من القوة ما يسمح بعودة وازنة ولازمة للطبقة المتوسطة، تلك التي أنتجت كل الألق الفني والإبداعي والسلوكي لمصر.. هذه هي عناوين الكرامة التي تشكل مشروع المجتمع الذي لابد أن تكسبه القاهرة، أما التقوقع في خطاب عاطفة زائل ولحظي وانفعالي، فإنه إنما يضرب كرامة البلد في أن تكون القوة الإقليمية الواجبة لنفسها ولباقي العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.