في مشهد لم يخلُ من الاستفزاز، خرج عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بتصريحات جديدة أثارت موجة استنكار واسعة، بعدما وصف بعض المغاربة الذين عبّروا عن أولوية القضايا الوطنية على القضية الفلسطينية ب"الميكروبات"، وواصل هجومه بوصفهم ب"الحمير"، في استمرار لنهجه القائم على إطلاق الأوصاف الغريبة والمهينة بحق مخالفيه. ولم يكتفِ بنكيران بذلك، بل وجّه انتقادات حادة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واصفًا إياه ب"المذلول"، في تعليق على الشروط التي وضعها ماكرون للاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرًا أن فرنسا تواصل سياسة الكيل بمكيالين في هذه القضية. تصريحات بنكيران، الذي يُعرف بأسلوبه المسرحي المثير للجدل، اعتبرها كثيرون محاولة يائسة لإعادة الأضواء إلى شخصه وحزبه، خاصة بعد الهزيمة المدوية التي تلقاها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية لعام 2021، والتي أخرجته من دائرة التأثير السياسي وجعلت ثقة المغاربة فيه تتآكل بشكل غير مسبوق. رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش لم يفوّت الفرصة للرد، مؤكدًا أن العمل السياسي لا يبنى على الشتائم والاستفزازات، بل على المصداقية واحترام الرأي الآخر، في إشارة واضحة إلى أسلوب بنكيران الذي يفتقر – في نظر كثيرين – إلى النضج السياسي والدبلوماسي. كما عبّرت نزهة الوافي، الوزيرة السابقة، عن انزعاجها مما وصفته ب"التهكم غير اللائق" تجاه رئيس دولة تجمعه علاقات وثيقة بالمغرب، معتبرة أن الدفاع عن القضية الفلسطينية لا يبرر المساس برموز الدول الصديقة، في وقت تحتاج فيه المملكة إلى خطاب دبلوماسي متزن يراعي حساسية المرحلة. حتى خارج الأوساط السياسية، أثارت تصريحات بنكيران استياءً شعبيًا، حيث كتب الفنان رشيد الوالي معلقًا: "شعرت بالحزن وأنا أسمع بنكيران يصف بعض أبناء وطني ب'الميكروبات' لمجرد أنهم يرون أن القضية الوطنية تأتي أولًا، دون أن يتعارض ذلك مع تضامنهم مع فلسطين". وبينما يحاول بنكيران اللعب على وتر الشعبوية لإعادة حزبه إلى المشهد السياسي، يبدو أن أغلبية المغاربة فقدوا ثقتهم فيه وفي حزبه، معتبرين أن زمن الشعارات الفارغة والمسرحيات الخطابية قد ولّى، وأن المغرب بحاجة إلى خطاب سياسي يعبر عن تطلعات حقيقية لا إلى بهلوانيات سياسية تعيد إنتاج الفشل.